أعلن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عن اعتقال المدعو قابوس بن طالب زعيم تنظيم القاعدة في حضرموت في اليمن، تأتي هذه العملية النوعية كحلقة في إطار سلسلة طويلة من الإنجازات التي تحسب للمملكة والتحالف والحكومة الشرعية اليمنية والقبائل اليمنية، فهذه ليست المرة الأولى بل سبقتها عمليات مشابهة كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية، منها مقتل قاسم الريمي زعيم القاعدة في اليمن واعتقال خالد باطرفي الذي حل محله في زعامة التنظيم الإرهابي، وكذلك مقتل نائبه سعد العولقي. وهذه الإنجازات ما هي إلا رأس جبل الجليد من الجهود الجبارة التي تبذل في الحرب الخفية ضد التنظيمات الإرهابية والراديكالية، أيّاً كان منشؤها وخلفيتها. الإرهاب هو آفة على العالم الإسلامي قبل غيره وهو زج بالدين في إطار الإرهاب والجريمة وتشويه صورته، والمسلمون هم أكبر ضحاياه، لذلك عمدت المملكة العربية السعودية إلى إنشاء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب باعتبار أن الإرهاب ظاهرة معقدة ومعولمة وتحتاج إلى تعاون دولي. أضف إلى ذلك أن المملكة وضعت استراتيجية متكاملة لمحاربة هذه الظاهرة لا تعتمد على القبضة الأمنية وحسب وإنما تتجاوزها لتعالج جذور الظاهرة الاجتماعية والاقتصادية. لقد وعد ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بأن يتم القضاء على التطرف والإرهاب وخلال العام الماضي حققت المملكة نجاحاً بنسبة مئة بالمئة، وهذا يحسب للأجهزة الأمنية والاستخباراتية السعودية. وهذا يجعلنا نقارن بين نمطين من محاربة الإرهاب تكرسا خلال السنوات الماضية، النمط الأول هو من لدن الدول المتضررة من الإرهاب والصادقة في محاربته، والنمط الثاني التي تدير الحرب على الإرهاب وتحاول الاستفادة منها لتحقيق غايات بعيدة كل البعد عنها، بل تحولت الحرب على الإرهاب إلى حصان طروادة لاحتلال البلدان والسيطرة عليها، هكذا فعل نظام الملالي عندما عمد إلى تمزيق المجتمع العراقي والسيطرة عليه عبر مليشيات طائفية تتبع لملالي طهران مما حول العراق إلى شبح دولة، والمشكلة أن المجموعة الدولية غضت النظر عما تفعله تلك المليشيات تحت يافطة محاربة الإرهاب. لست من المعجبين بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ولكنه في موضوع محاربة الإرهاب كان صادقا في طرحه، فقد قضى على تنظيم داعش الإرهابي وطرده من المدن الكبرى، ثم توجه إلى المليشيات التابعة لإيران فحاصرها وجفف منابعها، وفرض عقوبات على إيران وحزب الله ومن يتعاون معهما. كل ذلك يجعلنا نضع مزيداً من إشارات الاستفهام حول السياسة الأمريكية الحالية التي تحاول إدارة الأزمة وليس الحرب على الإرهاب، بل وتفرق بين الجماعات الإرهابية فترفع بعض المنظمات عن قائمة المنظمات الإرهابية، تميز بين الإرهاب الإيراني والإرهاب القاعدي والداعشي، وهذا لم يساهم ولن يساهم في نجاعة الحرب المعلنة. الإرهاب ملة واحدة فما فعلته جماعة الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق لا يقل دموية وإرهابا عما فعله داعش في الموصل والرقة وغيرهما. الحرب على الإرهاب يجب أن ترتكز على صدق النوايا وعدم التمييز بين الجماعات الإرهابية، وحين ذاك تنجح المقاربة، وإذا أردتم الدليل فها هي التجربة السعودية ماثلة لكل ذي عينين.
باحث سياسي
ramialkhalife@
باحث سياسي
ramialkhalife@