جاء إطلاق طائرة مسيرة عبر الخليج العربي باتجاه ميناء رأس تنورة السعودي ليشعل مزيداً من الحرائق في ثوب السياسة الأمريكية الجديدة، ثياب فصلها اليسار على مقاس الثوريين الإرهابيين في العالم.
هذا التصرف الإيراني العبثي لم ولن يكون حدثاً عابراً، والإشارة السعودية له ليست رسالة يمكن لها أن تمر دون توقف، خاصة أن السعوديين عند إصابة مصفاتي بقيق وخريص قدموا الصبر والمصلحة الإقليمية والدولية، مستجيبين لتمنيات المجتمع الدولي متوقعين منه فهم ما حصل في سياق عدوان إيران المستمر وسلوكها الإرهابي وعدم اكتراثها بردود الفعل الدولية، التي لم تزد حينها عن إدانات، فهل سيضمن المجتمع الدولي ضعيف الإرادة ردات الفعل السعودية؟
السعوديون يرون أن أمريكا الجديدة، ومن ورائها الألمان والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة، تكافئ طهران على عدوانها وتقدم لها الرشاوى والهدايا السياسية بدلاً من ترشيد سلوكها ومعاقبتها.
الوضع السياسي والعسكري اليوم في إقليم الخليج العربي أشبه ما يكون بحرب الناقلات التي بدأتها إيران في منتصف الثمانينات الميلادية إبان حرب الخليج الأولى ضد خطوط إمدادات الطاقة، ما اضطر بعض دول الخليج لرفع أعلام دول غربية لحماية ناقلاتها، بدأت بها دولة الكويت رافعة علم الاتحاد السوفيتي، لكن الإرادة الدولية في ذلك الوقت كانت صارمة، فقد أمر الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بقصف عنيف للموانئ العسكرية ومصافي النفط الإيرانية وأعطى أوامره بالاشتباك المباشر مع الإيرانيين.
التوتر بلغ ذروته مع نقل إيران المعركة من وسط الخليج إلى السواحل السعودية وتهديدها للمنشآت المدنية والاقتصادية، واختراق طائراتها أجواء المملكة، وحذرت الرياض الإيرانيين أكثر من مرة، وأبلغت الدول الصديقة والشقيقة بما تحاوله إيران، كان عملاً دبلوماسياً سعودياً بامتياز مهّد للرد السعودي القاسي في ما بعد، الذي نتج عنه إسقاط طائرات وحرمان الطيران العسكري الإيراني من التحليق في الخليج العربي.
التحرك السياسي السعودي الأخير الذي شمل (روسيا. الأردن. السودان. ماليزيا. البحرين) لا يمكن فهمه إلا في سياق تأهب جديد يعيد رسم حلفاء المملكة وفضائها العربي والإسلامي والدولي ويعيد صياغة توازنات القوى التي اخترقتها طهران وعبثت بها.
لقد قصدت الرياض في تحركها السياسي أن تقول لإيران والعالم إن السعوديين يعرفون عدوهم تماماً، ويفهمون جيداً أن الحوثي أو جماعات العراق الإرهابية ليسوا سوى وكلاء من الباطن يقومون بإطلاق الطائرات والصواريخ لصالح طهران، وأن من سيدفع الثمن في نهاية المطاف هي طهران.
السعودية المعروفة في سياساتها جميعاً بالصبر والحكمة، وإعطاء فرصة أكبر للدبلوماسية، تحمل الأطراف المعنية جميعا مسؤولية ما يحصل، وهي ترسل إشارات غاية في الوضوح إلى أنها على وشك التحرك لحماية شعبها ومراكزها الاقتصادية من أي عبث لا مسؤول تقوم به إيران، بسبب فهم طهران للرسائل الأمريكية الأخيرة بأنها معفية من العواقب.
الإدارة الأمريكية الجديدة تبدو في وضع مزرٍ مع «حلفائها الإيرانيين». نعم قد تنفي واشنطن ذلك وتسوقهم بغير الحلفاء، لكن السلوك الأمريكي وإعادة تعويم طهران دولياً يوحيان بأن الإيرانيين أقرب ما يكونون لطفل مدلل بين أحضان اليساريين المتطرفين في الحكومة الأمريكية.
ولا تفسير للعبث الإيراني في المنطقة وتماديها إلا أنه غواية ودلال مفرط، وضع إدارة بايدن في إحراج وحيرة أمامها، فهي التزمت في تعهدات علنية أمام العالم أنها تتفهم واجب السعوديين في الدفاع عن أراضيهم أمام أي اعتداءات، وفي الوقت نفسه ترى الإيرانيين يعتمدون كسر الخطوط الحمراء مع الرياض ويصعدون ويعتدون.
وكأن الرياض تنبه العالم بأن ليس أمامه إلا الدقائق الخمس الأخيرة قبل نفاد صبرها وبدء تحرك سيكون صعباً وقاسياً ومدوياً سيدفع ثمنه كل من ساهم بالمشاركة أو التغاضي عن الإرهاب الإيراني.
كاتب سعودي
massaaed@
هذا التصرف الإيراني العبثي لم ولن يكون حدثاً عابراً، والإشارة السعودية له ليست رسالة يمكن لها أن تمر دون توقف، خاصة أن السعوديين عند إصابة مصفاتي بقيق وخريص قدموا الصبر والمصلحة الإقليمية والدولية، مستجيبين لتمنيات المجتمع الدولي متوقعين منه فهم ما حصل في سياق عدوان إيران المستمر وسلوكها الإرهابي وعدم اكتراثها بردود الفعل الدولية، التي لم تزد حينها عن إدانات، فهل سيضمن المجتمع الدولي ضعيف الإرادة ردات الفعل السعودية؟
السعوديون يرون أن أمريكا الجديدة، ومن ورائها الألمان والاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة، تكافئ طهران على عدوانها وتقدم لها الرشاوى والهدايا السياسية بدلاً من ترشيد سلوكها ومعاقبتها.
الوضع السياسي والعسكري اليوم في إقليم الخليج العربي أشبه ما يكون بحرب الناقلات التي بدأتها إيران في منتصف الثمانينات الميلادية إبان حرب الخليج الأولى ضد خطوط إمدادات الطاقة، ما اضطر بعض دول الخليج لرفع أعلام دول غربية لحماية ناقلاتها، بدأت بها دولة الكويت رافعة علم الاتحاد السوفيتي، لكن الإرادة الدولية في ذلك الوقت كانت صارمة، فقد أمر الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بقصف عنيف للموانئ العسكرية ومصافي النفط الإيرانية وأعطى أوامره بالاشتباك المباشر مع الإيرانيين.
التوتر بلغ ذروته مع نقل إيران المعركة من وسط الخليج إلى السواحل السعودية وتهديدها للمنشآت المدنية والاقتصادية، واختراق طائراتها أجواء المملكة، وحذرت الرياض الإيرانيين أكثر من مرة، وأبلغت الدول الصديقة والشقيقة بما تحاوله إيران، كان عملاً دبلوماسياً سعودياً بامتياز مهّد للرد السعودي القاسي في ما بعد، الذي نتج عنه إسقاط طائرات وحرمان الطيران العسكري الإيراني من التحليق في الخليج العربي.
التحرك السياسي السعودي الأخير الذي شمل (روسيا. الأردن. السودان. ماليزيا. البحرين) لا يمكن فهمه إلا في سياق تأهب جديد يعيد رسم حلفاء المملكة وفضائها العربي والإسلامي والدولي ويعيد صياغة توازنات القوى التي اخترقتها طهران وعبثت بها.
لقد قصدت الرياض في تحركها السياسي أن تقول لإيران والعالم إن السعوديين يعرفون عدوهم تماماً، ويفهمون جيداً أن الحوثي أو جماعات العراق الإرهابية ليسوا سوى وكلاء من الباطن يقومون بإطلاق الطائرات والصواريخ لصالح طهران، وأن من سيدفع الثمن في نهاية المطاف هي طهران.
السعودية المعروفة في سياساتها جميعاً بالصبر والحكمة، وإعطاء فرصة أكبر للدبلوماسية، تحمل الأطراف المعنية جميعا مسؤولية ما يحصل، وهي ترسل إشارات غاية في الوضوح إلى أنها على وشك التحرك لحماية شعبها ومراكزها الاقتصادية من أي عبث لا مسؤول تقوم به إيران، بسبب فهم طهران للرسائل الأمريكية الأخيرة بأنها معفية من العواقب.
الإدارة الأمريكية الجديدة تبدو في وضع مزرٍ مع «حلفائها الإيرانيين». نعم قد تنفي واشنطن ذلك وتسوقهم بغير الحلفاء، لكن السلوك الأمريكي وإعادة تعويم طهران دولياً يوحيان بأن الإيرانيين أقرب ما يكونون لطفل مدلل بين أحضان اليساريين المتطرفين في الحكومة الأمريكية.
ولا تفسير للعبث الإيراني في المنطقة وتماديها إلا أنه غواية ودلال مفرط، وضع إدارة بايدن في إحراج وحيرة أمامها، فهي التزمت في تعهدات علنية أمام العالم أنها تتفهم واجب السعوديين في الدفاع عن أراضيهم أمام أي اعتداءات، وفي الوقت نفسه ترى الإيرانيين يعتمدون كسر الخطوط الحمراء مع الرياض ويصعدون ويعتدون.
وكأن الرياض تنبه العالم بأن ليس أمامه إلا الدقائق الخمس الأخيرة قبل نفاد صبرها وبدء تحرك سيكون صعباً وقاسياً ومدوياً سيدفع ثمنه كل من ساهم بالمشاركة أو التغاضي عن الإرهاب الإيراني.
كاتب سعودي
massaaed@