«التعب الجسدي، المشاعر، الأفكار» ثلاثية انعكاسات القلق أو أعداؤك الذين يجب أن تفهمهم حينما تغضب، هكذا حدد الدكتور فورست تاللي في مقالة حول التحكم بالقلق، حيث يحدد أن ظهور القلق يظهر من خلال ردات الفعل كالتعب والإرهاق والمبالغة بالغضب، بجانب فقدان الاتزان الانفعالي لفترات، ويحذر من تجنب هذه المشاعر أو تجاهلها لأنها ستتفاقم وقد تؤدي لنتائج كارثية، وينصح بمنح مساحة كافية لفهم هذه المخاوف والانفعالات كالركض الصباحي وترتيب الأولويات. قد يبدو هذا الكلام سهلا، لكن الحقيقة أن إدارة الغضب تكاد تكون من أعقد العمليات النفسية خاصة في المرحلة الحرجة التي نعيشها كبشر.
توجد الكثير من الحيل والطرق والوصفات اليومية التي تضخ عبر مختلف اللغات، لكن الذي يهمني هنا طاقة الغضب في الفضاء المحلي والحياة اليومية. شخصيا بدأت في الشهر الأخير بافتراض التعاطف والنية الحسنة في التعاطي مع التغذية الراجعة، حتى إن بدأت العبارات المرسلة إلي عكس ذلك، ووجدت أنها مجدية. كذلك الحذر في ردود الواتس آب الذي أعتزم حذفه قريبا والاكتفاء بالإيميل للعمل وأي برنامج خاص للمقربين جدا. تطبيق الواتس بالتحديد مرهق ومزعج وغالبا ما يتم فهمك بطريقة خاطئة مهما كانت لطافة ملصقاتك أو ردودك.
من جانب آخر، لعل أعظم خرافة متداولة في السنوات العشر الأخيرة «خرافة الحب غير المشروط»، وهو أحد الموجات الاجتماعية التي سادت لفترة. لاحظت أن أغلب من يدعون هذا التوجه هم بالفعل شخصيات قلقة وتخاف الرفض فتلجأ لهذه الحيلة لتخدع نفسها أو حتى لتنال منفعة، لماذا أستشهد بها؟ لأن الكثير من الغضب خلف هذه المشاعر الضائعة، والطاقات المهدرة، يقول أحد الأصدقاء «البعض لديه جوع علاقاتي» بمعنى يستمر بدخول علاقات دون هدف، ثم يغضب ويغضب دون أن يفهم هذه التراكمات دون أن يدرك أن للقلب «ذاكرة تخزين» لا يمكن تحميلها بأكثر مما تحمل، تأمل وراجع نفسك هل تشعر بتخمة مشاعر؟ إذا نعم هل ترصد ارتفاع موجات غضبك؟ أو تشعر أن لديك غضبا صامتا؟ تحدث إذاً وناقش حدودك وافرض معاييرك. لا تخف الرفض فالغضب من الحقيقة أهون من الفرح بالزيف.
أخيرا، فإن مكافحة الغضب وتعزيز الوعي النفسي أحق بكثير من اختراع جهات تنفيذية للوعي الفكري، بل كيف نريد صناعة وعي فكري والبعض يفتقد أساسيات الوعي النفسي. خلال أسبوعين شاهدت عدة حالات لأشخاص خسروا قضايا ومنافع مهنية واجتماعية بسبب افتقادهم للاتزان الانفعالي، كيف أراهن على نجاح شخص نرجسي؟ أو شخص يستمتع بتعنيف من حوله؟ تضمين المعايير النفسية نعم مهم، ونحتاج إلى سنوات لأن تصبح «الصحة العقلية/النفسية» جزءاً من سياسات المنظمات وثقافة أصيلة، تماما كما هو معمول به في العالم.
نعم ناقش غضبك لا تخجل، لا تهتم للأحكام الصادرة والمعلبة، لا تخف من ضعفك، اصنع لنفسك عادات سليمة وغذِّ عقلك بالقراءة والتأمل، لا تؤجل أحزانك لأنها ستظل كامنة في نفسك ما لم تحررها وتطلق لها العنان، ولا تقلق فكل من حولك «غاضبون» لكن هناك من يعيد هندسة غضبه وهناك من يخذله ويقيد مصيره، فلعل أن تكون «الرفق واللين والتجاوز» ثلاثية النجاة.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
توجد الكثير من الحيل والطرق والوصفات اليومية التي تضخ عبر مختلف اللغات، لكن الذي يهمني هنا طاقة الغضب في الفضاء المحلي والحياة اليومية. شخصيا بدأت في الشهر الأخير بافتراض التعاطف والنية الحسنة في التعاطي مع التغذية الراجعة، حتى إن بدأت العبارات المرسلة إلي عكس ذلك، ووجدت أنها مجدية. كذلك الحذر في ردود الواتس آب الذي أعتزم حذفه قريبا والاكتفاء بالإيميل للعمل وأي برنامج خاص للمقربين جدا. تطبيق الواتس بالتحديد مرهق ومزعج وغالبا ما يتم فهمك بطريقة خاطئة مهما كانت لطافة ملصقاتك أو ردودك.
من جانب آخر، لعل أعظم خرافة متداولة في السنوات العشر الأخيرة «خرافة الحب غير المشروط»، وهو أحد الموجات الاجتماعية التي سادت لفترة. لاحظت أن أغلب من يدعون هذا التوجه هم بالفعل شخصيات قلقة وتخاف الرفض فتلجأ لهذه الحيلة لتخدع نفسها أو حتى لتنال منفعة، لماذا أستشهد بها؟ لأن الكثير من الغضب خلف هذه المشاعر الضائعة، والطاقات المهدرة، يقول أحد الأصدقاء «البعض لديه جوع علاقاتي» بمعنى يستمر بدخول علاقات دون هدف، ثم يغضب ويغضب دون أن يفهم هذه التراكمات دون أن يدرك أن للقلب «ذاكرة تخزين» لا يمكن تحميلها بأكثر مما تحمل، تأمل وراجع نفسك هل تشعر بتخمة مشاعر؟ إذا نعم هل ترصد ارتفاع موجات غضبك؟ أو تشعر أن لديك غضبا صامتا؟ تحدث إذاً وناقش حدودك وافرض معاييرك. لا تخف الرفض فالغضب من الحقيقة أهون من الفرح بالزيف.
أخيرا، فإن مكافحة الغضب وتعزيز الوعي النفسي أحق بكثير من اختراع جهات تنفيذية للوعي الفكري، بل كيف نريد صناعة وعي فكري والبعض يفتقد أساسيات الوعي النفسي. خلال أسبوعين شاهدت عدة حالات لأشخاص خسروا قضايا ومنافع مهنية واجتماعية بسبب افتقادهم للاتزان الانفعالي، كيف أراهن على نجاح شخص نرجسي؟ أو شخص يستمتع بتعنيف من حوله؟ تضمين المعايير النفسية نعم مهم، ونحتاج إلى سنوات لأن تصبح «الصحة العقلية/النفسية» جزءاً من سياسات المنظمات وثقافة أصيلة، تماما كما هو معمول به في العالم.
نعم ناقش غضبك لا تخجل، لا تهتم للأحكام الصادرة والمعلبة، لا تخف من ضعفك، اصنع لنفسك عادات سليمة وغذِّ عقلك بالقراءة والتأمل، لا تؤجل أحزانك لأنها ستظل كامنة في نفسك ما لم تحررها وتطلق لها العنان، ولا تقلق فكل من حولك «غاضبون» لكن هناك من يعيد هندسة غضبه وهناك من يخذله ويقيد مصيره، فلعل أن تكون «الرفق واللين والتجاوز» ثلاثية النجاة.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com