-A +A
علي محمد الحازمي
منذ زمن والولايات المتحدة الأمريكية لديها محاولات دولية لتبني مقترحٍ بفرض حد أدنى لمعدل الضريبة العالمية على الشركات العابرة للبحار (الشركات متعددة الجنسيات)، هذه المرة أتى طلب الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة وزيرة الخزانة، حيث ترى جانيت يلين أن النظام الضريبي الخاص بالشركات العالمية الحالي قديم وغير شفاف وغير عادل، مما نتج عنه خسارة للحكومات العالمية بأكثر من 430 مليار دولار سنوياً.

قوبل هذا المقترح باستقبال أوروبي حار وخاصة من حكومتي فرنسا وألمانيا، وأيضا بارك صندوق النقد الدولي هذه الخطوة، حيث توضح هذه الخطوة مدى ازدواجية الفكر الاقتصادي الأمريكي، فتارة يتبنى العقيدة الاقتصادية الرأسمالية أو النيوليبرالية المرتكزة على المنافسة في السوق الحرة، وتارة أخرى ينسف أبسط مرتكزات تلك العقيدة.


في حال حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على تأييد دولي على حَدٍّ أدنى للضرائب العالمية فمن المتوقع أن تفرض بنسبة 21% وهي النسبة التي تؤيدها الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يؤكد أنه لن تنجو دولة من هذا القرار سواء بشكل كلي أو جزئي، والسبب بكل بساطة أنه إذا دفعت شركة فرنسية مثلاً ضريبة بالمعدل السويسري الأدنى، فيمكن لحكومة فرنسا زيادة ضريبة تلك الشركة في نطاق سلطتها القضائية للوصول بها إلى الحد الأدنى العالمي، لذلك إذا كان لشركة فرنسية وجود في سويسرا بشكل أساسي من أجل الميزة الضريبية، فإن هذه الميزة ستختفي.

هذا التوجه ربما يقابل مقاومة كبيرة من بعض الحكومات التي لديها أنظمة ضريبية مستقرة توفر عائدات كافية للاستثمار في السلع العامة الأساسية والاستجابة للأزمات، وأن جميع المواطنين يتقاسمون بشكل عادل عبء تمويل الحكومة، لأن تلك الحكومات التي تعارض هذا التوجه تؤمن أن أمريكا لا يهمها ماذا تخسر خزائن الحكومات العالمية بسبب التهرب الضريبي للشركات الكبرى، ما يهمها الآن كيف تمول خطط الإنفاق الكبيرة التي سيتبناها بايدن خلال السنوات المقبلة؛ سواء على مستوى تحديث البنية التحتية التي من المتوقع أن تكلف الخزينة الأمريكية 2.3 ترليون دولار أو مشروع الطاقة المتجددة (الاقتصاد الأخضر) الذي سيرصد له 4 تريليونات دولار.