«أمن المملكة خط أحمر» هكذا غرد وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف آل سعود حفظه الله، في ليلة صدور قرار منع دخول إرساليات الخضروات والفواكه اللبنانية إلى المملكة أو العبور من خلال أراضيها، ابتداء من الأحد الموافق ٢٥ نيسان ٢٠٢١، وذلك بعد تزايد استهداف المملكة من قبل مهربي المخدرات التي مصدرها الجمهورية اللبنانية أو التي تمر عبر الأراضي اللبنانية، وعدم اتخاذ إجراءات عملية لوقف تلك الممارسات تجاه المملكة. وقد أحبطت مكافحة المخدرات محاولة تهريب (٢.٤٦٦،٥٦٣) قرص إمفيتامين مخدر وتم ضبطها وكانت مخفية داخل شحنة فاكهة رمان قادمة من لبنان.
الحرب على المخدرات ويقظة رجال الأمن وتفوقها قاد المملكة العربية السعودية وطننا العظيم للحصول على مقعد في لجنة الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة (CND) للفترة ٢٠٢٢-٢٠٢٥م، نظير خبرتها وإنجازاتها التي توجت بهذا القرار الأمني التاريخي، الذي تلقاه الشعب بكل التقدير والالتفاف (كعادتهم). وجميعنا نتذكر كلمة سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله «أتطلع بتفاؤل إلى مستقبل يصنعه الشباب السعودي» وهذا يعكس الإيمان العميق بالشباب، وجهود الدولة وحرص قادتها على تحقيق رؤية ٢٠٣٠ عزز هذا الوعي الأمني الوطني رفيع المستوى.
ولعل هذا القرار يقودنا لطرح ثلاثة تساؤلات رئيسية، ما مدى إمكانية استمرار هذا القرار أمام تصاعد ردات الفعل المعادية من الطرف اللبناني؟ التساؤل الثاني ما حجم سوق المخدرات داخل المملكة؟ وحجم الاستهلاك؟ السؤال الثالث والأهم كيف يمكن لهذا القرار التحول لممارسة اقتصادية تتوج بالاستغناء عن الاستيراد الخارجي للإنتاج الداخلي، واخترت القصيم لكونها «سلة خيرات الوطن» ولك أن تعرف أن جودة الإنتاج الغذائي في القصيم وصلت لاستزراع الأسماك!
سأشرح الآن السؤال الأخير ثم أعود للأول والثاني، التجربة الغذائية في القصيم ملفتة للنظر، والأرقام تتحدث فهي تحتوي أكثر من ١٤٦٢٧ بيتا زراعيا محميا تضخ ١١٥٧٤٧ طنا من المنتجات الزراعية بحسب تقرير واس العام الماضي، وهي محور رئيسي في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة، وحينما نتحدث عن الأمن فنحن نصل لهذه النتيجة فهو كيان لا يتجزأ من هذه الأركان: (الأمن الحربي، الأمن المجتمعي، الأمن الاقتصادي، الأمن النفسي والأمن الغذائي)، وليست القصيم فقط بل لماذا يتم استيراد الرمان من الخارج والطائف تزهر بأكثر من ١٦٠ ألف شجرة رمان؟ تقوية قطاع الزراعة ودراسة تغطية الاستهلاك المحلي والتصدير العالمي بوجهة نظري وطول غربتي خارج الوطن لم ينجح بها بشكل عملي وتنافسي سوى القصيم حتى اللحظة، لذا حان الوقت للاستفادة من التجربة القصيمية بشكل عملي خاصة في ظل هذه الحرب المستعرة ضد وطننا وأمنه واقتصاده.
أعود للسؤال الأول، رصدت تأييدا غير عادي من الشارع المحلي للقرار بل الكثير تمنوا أن تكون هذه القطيعة مطولة، فالشعب السعودي جبل على السلم والمحبة لكن موجات الكراهية المتكررة جعلتنا نمل من هذا الابتزاز الذي لا يهدأ، استمعت لروم لبناني ليلة القرار في كلوب هاوس تجاوز عدد الحضور ٦٠٠ شخص، اتفق أغلب اللبنانيين أن السعودية «دولة عدوة» وأنها سبب تدمير لبنان، بل قال أحد المزارعين إنهم ليسوا بحاجة للتصدير للمملكة وإن الصادرات لا ترتقي للحديث عنها، حاول الحضور السعودي التحدث تمت مقاطعتهم، بل تم زج ملف قضية خاشقجي! وكأن البعض في لبنان لا يهدأ باله دون الحديث عن هذه القصة ويتجاهلون مجازر حزب الشيطان وأرواح الأطفال في سوريا. الحقيقة أن الحديث كان مؤذيا جدا للسماع لكن من الجيد معرفة ما يخبئه الشارع العربي لنا.
سؤالي الثاني وهو الأهم ولهذا جعلته في الختام: «ما حجم استهلاك المخدرات» وما الفئات المستهلكة؟ هل توجد رسوم وبيانات ديموغرافية توضح العمر والمناطق التي يكثر فيها الاستهلاك، يهمنا كأهالي أن نعرف أين تقبع دوائر التوزيع، وكيف يمكن قياس «سوق المخدرات» لنكن أكثر وضوحا ولنجعل «الحرب على المخدرات» مهمة كل مواطن ومواطنة، دمج المواطنين في رؤية الأرقام المستهلكة لا يقل أهمية عن الأرقام التي تتم مصادرتها. أختتم المقال بكلمة الراحل عراب الأمن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله حينما قال «أقولها بكل وضوح وصراحة نحن مستهدفون في عقيدتنا، مستهدفون في وطننا، دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن أبنائكم، دافعوا عن الأجيال القادمة»، نعم نحن مستهدفون وأمننا الاجتماعي والغذائي أولوية قادتنا حفظهم الله، ودورنا جميعا أن نعزز هذا الأمن وندعم المنتجات المحلية بشكل رسمي وطويل الأمد، الديمومة لا اللحظية، والعقل لا العاطفة.