الحديث في موضوع وواقع «الأحزاب السياسية» في الصين يعني الخوض في جوهر النظام السياسي الصيني الحالي، وسياساته، الداخلية والخارجية. بعد انهيار المعسكر الشرقي، وزوال الاتحاد السوفييتي، بقيت أربع دول يحكم كل منها حزب (شيوعي) واحد، هي: الصين، كوريا الشمالية، فيتنام، كوبا. وما زال «الحزب الشيوعي الصيني» هو الحزب المهيمن على جمهورية الصين الشعبية. ولكنه حزب مختلف عما سواه من الأحزاب السياسية «الوحيدة»، أو التي تفرض نفسها، بالطرق المشروعة أو غير المشروعة، كما سوف نرى. اذ أصبح هذا الحزب متطورا، ومتميزا، عن غيره من الأحزاب المشابهة، خاصة بعدما تبناه من إصلاحات، بدءا من عام 2012م. ولكنه ما زال متمسكا بالسيطرة المركزية.
****
وكما هو معروف، فإن «الحزب السياسي» عبارة عن: مجموعة من الأفراد تعتنق مبادئ سياسية معينة، تعتقد أن تطبيقها يخدم بلادها. وتسعى للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ. ومعروف، أن المبدأ الديمقراطي السائد عالميا يؤكد على الحرية بأبعادها المختلفة، ومنها حرية التحزب السياسي... أي السماح لفئات الشعب المختلفة بإنشاء أحزاب سياسية، وفق نظام مقبول للأحزاب السياسية، تتنافس مع غيرها من الأحزاب، على السلطة، بتقديم مرشحين، وخاصة للسلطة التشريعية (مقاعد البرلمان). ولكن الحزب الشيوعي الصيني، القابض بقوة على مقاليد الأمور بالصين لا يسمح، حتى الآن، إلا بقيام وتفعيل ثمانية أحزاب سياسية بعينها، موالية له، للتنافس معه على السلطة، رغم كونها غير شيوعية. ونتطرق اليوم لهذا الموضوع، لأهميته.
****
ومعروف، أن هناك ضغوطا محلية ودولية على الصين، كي تتيح حرية التحزب السياسي، وقيام أحزاب سياسية مختلفة، تتنافس مع الحزب الشيوعي الصيني المهيمن، ومجموعة الأحزاب الثمانية الأخرى، وهي: اللجنة الثورية لحزب الكومنتانغ الصيني (منشق عن الكومنتانغ)، الرابطة الديمقراطية الصينية، الجمعية الديمقراطية الصينية لبناء الوطن، الجمعية الصينية لتنمية الديمقراطية، الحزب الديمقراطي للفلاحين والعمال في الصين، حزب تشي قونغ دانغ الصيني، جمعية جيوسان، رابطة الحكم الذاتي الديمقراطية في تايوان. وهي أحزاب وطنية ديمقراطية.
والمقصود بهذه الأحزاب «غير الشيوعية» تحديدا: تلك التي تأسست قبل عام 1949م، وسعت بجد لإقامة جمهورية ليبرالية في الصين، متحررة من سطوة «القوى الرجعية» الصينية، ودعمت بالفعل «الحزب الشيوعي» الصيني، في نضاله ضد حكم «الكومانتنغ» (الذي يطلق عليه الحزب الشيوعي: القوى الرجعية العميلة). إضافة إلى أن هذه الأحزاب تعترف بقيادة الحزب الشيوعي الصيني للبلاد. وصفاتها هذه هي التي تضمن لها الاستمرار، حتى بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بقيادة الحزب الشيوعي، الذي تأسس عام 1921م، على يد الزعيمين الصينيين: «تشن دو كسيو» و«لي تاتشاو»، معتنقا «الماركسية» المحورة لتتناسب مع البيئة الصينية («الماوية» نسبة الى الزعيم الصيني الشهير «ماو تسي تونج»). هذه العقيدة السياسية التي اختلفت في البدء قليلا (ثم كثيرا فيما بعد) مع الماركسية السوفييتية. ويضم هذا الحزب في عضويته الآن حوالى 98 مليون عضو.
****
ومنذ 1949م، وهي سنة انتهاء الحرب الأهلية الصينية، أصبح الحزب الشيوعي أقوى الأحزاب، وتمكن من طرد ما سمى بـ«الحكومة الوطنية/ الكومانتنغ»، أو حكومة «شان كاي شيك» من البر الصيني، لتستقر في جزيرة تايوان، وتؤسس «جمهورية الصين الوطنية»، بدعم أمريكي ضخم. وبعد انتهاء الحرب الأهلية، سيطرت الحكومة التي أقامها الحزب الشيوعي على كامل البر الصيني. ولقي هذا الحزب تأييدا كبيرا من قبل الفلاحين والعمال، ومعظم أفراد الطبقة الكادحة الصينية.
يدعي الحزب الشيوعي الصيني أنه يقوم على ما يسمى بـ«المركزية الديمقراطية اللينينية»... والانتخابات الحصرية، التي تعنى: ممارسة النقاش، والمعارضة الانتقادية والجدل الحر حول السياسات، شريطة الالتزام بالمبادئ العامة للحزب الشيوعي، المتفق عليها من قبل قادته.
وهيكليا، للحزب أجهزة، أهمها: المؤتمر العام: ويجتمع مرة كل خمسة أعوام. وينتخب «اللجنة المركزية»، المكونة من 200 عضو، والتي بدورها تنتخب «اللجنة الدائمة للمكتب السياسي» المكونة من سبعة أشخاص، يديرون الدولة، بمن فيهم رئيس الدولة (وهو أيضا رئيس الحزب الشيوعي) ورئيس الوزراء. وقد نوضح ذلك أكثر عندما نوجز النظام السياسي الصيني الحالي القائم على دستور سنة 1982م، لاحقا.
****
لقد نهضت الصين نهضة واسعة، وغير مسبوقة، بأيديولوجية خيالية، وغير واقعية أصلا، ألا وهي الشيوعية/ الماركسية، رغم أن هذه العقيدة السياسية- الاقتصادية «حورت»، بما يتناسب والواقع الصيني. الشيوعية الماركسية، كفكرة، لم ولن ترى النور، لكونها فكرة خيالية، مغرقة في اليوتوبية. ولولا تحوير هذ الفكرة، لتصبح اشتراكية، ممتزجة برأسمالية الدولة، ورجال الأعمال (الآن) لبقيت الصين متخلفة ومضطربة، يشبه وضعها وضع جارتها، كوريا الشمالية («الشيوعية»).
وما زال هذا التحوير يتطلب انفتاحا سياسيا أكبر، يتمثل في السماح بالتعدد الحزبي، وإعطاء الصيني حرية اختيار من يراه مناسبا، من هذا التعدد. فالسماح بوجود الأحزاب شبه التابعة للحزب الشيوعي الصيني غير كاف. ولا يبدو أن هناك مفراً من ضرورة هذا السماح، وإعطاء الفرصة كاملة للأحزاب السياسية التي تمثل مختلف التيارات، للتنافس مع الحزب الشيوعي الصيني وغيره، على السلطة. وصعود الصين المتوقع لمرتبة القطب قد يحفزها للمسارعة في اتخاذ هذه الخطوة.
****
وكما هو معروف، فإن «الحزب السياسي» عبارة عن: مجموعة من الأفراد تعتنق مبادئ سياسية معينة، تعتقد أن تطبيقها يخدم بلادها. وتسعى للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ. ومعروف، أن المبدأ الديمقراطي السائد عالميا يؤكد على الحرية بأبعادها المختلفة، ومنها حرية التحزب السياسي... أي السماح لفئات الشعب المختلفة بإنشاء أحزاب سياسية، وفق نظام مقبول للأحزاب السياسية، تتنافس مع غيرها من الأحزاب، على السلطة، بتقديم مرشحين، وخاصة للسلطة التشريعية (مقاعد البرلمان). ولكن الحزب الشيوعي الصيني، القابض بقوة على مقاليد الأمور بالصين لا يسمح، حتى الآن، إلا بقيام وتفعيل ثمانية أحزاب سياسية بعينها، موالية له، للتنافس معه على السلطة، رغم كونها غير شيوعية. ونتطرق اليوم لهذا الموضوع، لأهميته.
****
ومعروف، أن هناك ضغوطا محلية ودولية على الصين، كي تتيح حرية التحزب السياسي، وقيام أحزاب سياسية مختلفة، تتنافس مع الحزب الشيوعي الصيني المهيمن، ومجموعة الأحزاب الثمانية الأخرى، وهي: اللجنة الثورية لحزب الكومنتانغ الصيني (منشق عن الكومنتانغ)، الرابطة الديمقراطية الصينية، الجمعية الديمقراطية الصينية لبناء الوطن، الجمعية الصينية لتنمية الديمقراطية، الحزب الديمقراطي للفلاحين والعمال في الصين، حزب تشي قونغ دانغ الصيني، جمعية جيوسان، رابطة الحكم الذاتي الديمقراطية في تايوان. وهي أحزاب وطنية ديمقراطية.
والمقصود بهذه الأحزاب «غير الشيوعية» تحديدا: تلك التي تأسست قبل عام 1949م، وسعت بجد لإقامة جمهورية ليبرالية في الصين، متحررة من سطوة «القوى الرجعية» الصينية، ودعمت بالفعل «الحزب الشيوعي» الصيني، في نضاله ضد حكم «الكومانتنغ» (الذي يطلق عليه الحزب الشيوعي: القوى الرجعية العميلة). إضافة إلى أن هذه الأحزاب تعترف بقيادة الحزب الشيوعي الصيني للبلاد. وصفاتها هذه هي التي تضمن لها الاستمرار، حتى بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بقيادة الحزب الشيوعي، الذي تأسس عام 1921م، على يد الزعيمين الصينيين: «تشن دو كسيو» و«لي تاتشاو»، معتنقا «الماركسية» المحورة لتتناسب مع البيئة الصينية («الماوية» نسبة الى الزعيم الصيني الشهير «ماو تسي تونج»). هذه العقيدة السياسية التي اختلفت في البدء قليلا (ثم كثيرا فيما بعد) مع الماركسية السوفييتية. ويضم هذا الحزب في عضويته الآن حوالى 98 مليون عضو.
****
ومنذ 1949م، وهي سنة انتهاء الحرب الأهلية الصينية، أصبح الحزب الشيوعي أقوى الأحزاب، وتمكن من طرد ما سمى بـ«الحكومة الوطنية/ الكومانتنغ»، أو حكومة «شان كاي شيك» من البر الصيني، لتستقر في جزيرة تايوان، وتؤسس «جمهورية الصين الوطنية»، بدعم أمريكي ضخم. وبعد انتهاء الحرب الأهلية، سيطرت الحكومة التي أقامها الحزب الشيوعي على كامل البر الصيني. ولقي هذا الحزب تأييدا كبيرا من قبل الفلاحين والعمال، ومعظم أفراد الطبقة الكادحة الصينية.
يدعي الحزب الشيوعي الصيني أنه يقوم على ما يسمى بـ«المركزية الديمقراطية اللينينية»... والانتخابات الحصرية، التي تعنى: ممارسة النقاش، والمعارضة الانتقادية والجدل الحر حول السياسات، شريطة الالتزام بالمبادئ العامة للحزب الشيوعي، المتفق عليها من قبل قادته.
وهيكليا، للحزب أجهزة، أهمها: المؤتمر العام: ويجتمع مرة كل خمسة أعوام. وينتخب «اللجنة المركزية»، المكونة من 200 عضو، والتي بدورها تنتخب «اللجنة الدائمة للمكتب السياسي» المكونة من سبعة أشخاص، يديرون الدولة، بمن فيهم رئيس الدولة (وهو أيضا رئيس الحزب الشيوعي) ورئيس الوزراء. وقد نوضح ذلك أكثر عندما نوجز النظام السياسي الصيني الحالي القائم على دستور سنة 1982م، لاحقا.
****
لقد نهضت الصين نهضة واسعة، وغير مسبوقة، بأيديولوجية خيالية، وغير واقعية أصلا، ألا وهي الشيوعية/ الماركسية، رغم أن هذه العقيدة السياسية- الاقتصادية «حورت»، بما يتناسب والواقع الصيني. الشيوعية الماركسية، كفكرة، لم ولن ترى النور، لكونها فكرة خيالية، مغرقة في اليوتوبية. ولولا تحوير هذ الفكرة، لتصبح اشتراكية، ممتزجة برأسمالية الدولة، ورجال الأعمال (الآن) لبقيت الصين متخلفة ومضطربة، يشبه وضعها وضع جارتها، كوريا الشمالية («الشيوعية»).
وما زال هذا التحوير يتطلب انفتاحا سياسيا أكبر، يتمثل في السماح بالتعدد الحزبي، وإعطاء الصيني حرية اختيار من يراه مناسبا، من هذا التعدد. فالسماح بوجود الأحزاب شبه التابعة للحزب الشيوعي الصيني غير كاف. ولا يبدو أن هناك مفراً من ضرورة هذا السماح، وإعطاء الفرصة كاملة للأحزاب السياسية التي تمثل مختلف التيارات، للتنافس مع الحزب الشيوعي الصيني وغيره، على السلطة. وصعود الصين المتوقع لمرتبة القطب قد يحفزها للمسارعة في اتخاذ هذه الخطوة.