ما زالت أكثر مناطق العالم احتقانا واضطرابا، في عالمنا الراهن، هي -مع الأسف- المنطقة العربية، التي تسمى عالمياً بـ«الشرق الأوسط»! وهذا وضع مزمن، يعرفه القاصي والداني. فالمنطقة تغلي ببعض أبرز مشاكل العالم وأسخنها: تمدد الإرهاب، السياسات التوسعية العدوانية لبعض الدول الإقليمية، وغيرها، قضية فلسطين، مخاطر الانتشار النووي، الأوضاع السياسية المضطربة في كل من: سوريا، اليمن، ليبيا، القرن الأفريقي، وغيرها. كما يستأثر العالمان العربي والإسلامي بكثر من القضايا والهموم المتعلقة بالتنمية، وثالوث «الفقر - الجهل - المرض»، وغيره. وهو أمر يستوجب الدراسة الموضوعية، والمسارعة لإيجاد «حلول» لهذه الإشكاليات، ما أمكن.
هذا «الشرق الأوسط»، متوتر دائما، ومشتعل غالبا. ولعل أهم مؤشرات توتره المزمن هو: عدم توفر «الاستقرار السياسي» فيه بدرجة مناسبة، أو: تدنى درجة هذا الاستقرار فيه إلى نقطة الانفجار، أو ما دونها بقليل، في أغلب أرجاء المنطقة. كما أن «الاستقرار الظاهر» في بعض أنحاء هذا الجزء المضطرب، كثيرا ما يكون عبارة عن «عدم استقرار مبطن»... أي عبارة عن: أوضاع هشة.. قابلة للانفجار، في أي لحظة.. لتقضى على الأخضر واليابس، في أيام. وسبق أن تطرقنا كثيراً لأهم أسباب هذا الاضطراب.
وتظل المملكة الآن، رغم كل الظروف المقلقة، هي -ولله الحمد- الأكثر هدوءا واستقرارا. ولكنها تكاد تقف في قلب العاصفة الهوجاء. فهي محاطة بـ«طوق» خانق من عدم الاستقرار.. يكاد يتحول إلى دائرة كبرى، تحيط بها من كل جانب. ويمتد هذا الطوق من شمال وشرق أفريقيا، ليتجه شمالا.. ويتضمن: فلسطين، وبقية «الهلال الخصيب»، أو الذي كان «خصيبا»! ويتوغل شرقا حتى مشارف الهند.
إن هذا الموقع، والوضع، يحتم: الحذر الدائم، والاهتمام بما يجرى بهذه الساحة، والحرص على نزع فتائل التوتر فيها.. والسعي الدؤوب لتحويلها إلى طوق من الأمن والاستقرار، ما أمكن. والحذر والقلق وحدهما لا يكفيان.. بل لا بد من اللجوء إلى كل الوسائل العملية الممكنة والملائمة، ومنها: تطوير وتقوية الذات، لاكتساب المناعة الأنجع اللازمة، والتعاون مع المعنيين بهذا الطوق وفيه.. لإطفاء حرائقه أولا بأول، والحيلولة دون نشوب حرائق جديدة، وامتداد ألسنة اللهب للجوار.
****
لا يمكن لبلادنا (وجيرانها) أن تؤمن مصالحها الحيوية، وتضمن بقاءها وأمنها واستقرارها القومي، بشكل سليم، في حدود مجالها الوطني الضيق فقط. بل لا بد من اعتبار كامل المنطقة المحيطة، مجالا لصيقا متكاملا للأمن الوطني. صحيح، أن الاهتمام بأمن واستقرار ومستقبل الوطن نفسه يجب أن يأتي أولا. والاستقرار القائم على أسس صلبة هو بمثابة الحصانة ضد الاضطرابات. ومع ذلك، يجب الاهتمام بالجوار المباشر، وشبه المباشر، ورصد ما يجري فيه، واتخاذ الإجراءات الذكية الكفيلة بالوقاية من شروره. ومن حسن الطالع أن معظم هذا الجوار عربي، يسهل التعامل معه.
ومن ضمن الإجراءات التي يجب أن تتخذ في هذا الشأن: بناء سياسات شراكات أمنية - سياسية راسخة مع الدول المجاورة، وإقامة تحالفات استراتيجية إقليمية موسعة، تشمل كامل المنطقة، وخاصة المناطق المحيطة بإقليم المملكة، وبصفة أخص كل من: مناطق الهلال الخصيب، الخليج العربي، وكامل منطقة شمال وشرق أفريقيا.
****
وأفريقيا الملاصقة هي ثاني أكبر قارات العالم، من حيث المساحة وعدد السكان، بعد قارة آسيا. إذ تبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع. وتشغل 20.4% من مساحة اليابسة، وتغطي حوالى 6% من إجمالي مساحة الكرة الأرضية. ويبلغ عدد سكانها 1.2 بليون نسمة (2016م)، تبلغ نسبتهم إلى سكان العالم 14،8%. وتضم هذه القارة الآن 54 دولة مستقلة. وبهذه القارة موارد طبيعية هائلة، يسيل لها لعاب الطامعين، وخاصة القوى العظمى والكبرى. لهذا، أصبحت ساحة للتنافس الدولي، الإقليمي والعالمي المكثف. وتحدنا هذه القارة من جهة الغرب، مما يجعل أفريقيا عمقا استراتيجيا، بهذه الجهة. وأكثر ما يجب أن يهم أمن المملكة هو شمال وشرق هذه القارة، رغم أن معظم القارة مهمة.
****
ولقد أدركت حكومتنا هذه الحقيقة الجيوسياسية، وأهمية التحرك الاستراتيجي المدروس والمتواصل (المستدام) لتحقيق الحفاظ على أمن المملكة، حتى خارج مجالها الوطني الضيق، وخاصة في المناطق الأربع المذكورة، ومنها الجزء الأفريقي الملاصق للمملكة بصفة أخص. وانطلاقا من هذا الإدراك الاستراتيجي، عملت المملكة على دعم علاقاتها بدول الجوار الأفريقية. وأنشأت وكالة كبيرة بوزارة الخارجية للشؤون الأفريقية، يرأسها وزير. وهو وزير دولة للشؤون الأفريقية، معالي الأستاذ أحمد قطان. وبادرت بإقامة ائتلاف دول البحر الأحمر، الذى يشمل الدول الثماني المشاطئة لهذا البحر، وهي: المملكة، اليمن، الأردن، مصر، السودان، إريتريا، جيبوتي، وأيضا إثيوبيا (رغم أنها الآن دولة داخلية). إضافة إلى عزم السعودية الانضمام إلى «الاتحاد الأفريقي»، بصفة مراقب. فوجودها في هذا المحفل الدولي يؤكد اهتمامها، ويقوي من موقفها نحو المتربصين.
****
أفريقيا يجب أن تهم بلادنا، استراتيجيا، باعتبار هذه القارة ملاصقة، وبها ثروات بكر واعدة، تجعل منها بيئة خصبة للاستثمار، ومطمحا لنفوذ القوى الكبرى. وذلك يتطلب تطوير ودعم السياسة السعودية تجاهها، والعمل الدؤوب لتوثيق العلاقات السعودية مع الدول الأفريقية، عبر: كل الوسائل السياسية المعتمدة، وفى مقدمتها: الدبلوماسية النشطة بأنواعها، والإعانات الاقتصادية، وإقامة المراكز الثقافية في المدن الأفريقية الكبرى، وما إلى ذلك. إضافة إلى دعم ما تم البدء في إقامته، من إجراءات، تسهم في تحقيق هذا الهدف.
هذا «الشرق الأوسط»، متوتر دائما، ومشتعل غالبا. ولعل أهم مؤشرات توتره المزمن هو: عدم توفر «الاستقرار السياسي» فيه بدرجة مناسبة، أو: تدنى درجة هذا الاستقرار فيه إلى نقطة الانفجار، أو ما دونها بقليل، في أغلب أرجاء المنطقة. كما أن «الاستقرار الظاهر» في بعض أنحاء هذا الجزء المضطرب، كثيرا ما يكون عبارة عن «عدم استقرار مبطن»... أي عبارة عن: أوضاع هشة.. قابلة للانفجار، في أي لحظة.. لتقضى على الأخضر واليابس، في أيام. وسبق أن تطرقنا كثيراً لأهم أسباب هذا الاضطراب.
وتظل المملكة الآن، رغم كل الظروف المقلقة، هي -ولله الحمد- الأكثر هدوءا واستقرارا. ولكنها تكاد تقف في قلب العاصفة الهوجاء. فهي محاطة بـ«طوق» خانق من عدم الاستقرار.. يكاد يتحول إلى دائرة كبرى، تحيط بها من كل جانب. ويمتد هذا الطوق من شمال وشرق أفريقيا، ليتجه شمالا.. ويتضمن: فلسطين، وبقية «الهلال الخصيب»، أو الذي كان «خصيبا»! ويتوغل شرقا حتى مشارف الهند.
إن هذا الموقع، والوضع، يحتم: الحذر الدائم، والاهتمام بما يجرى بهذه الساحة، والحرص على نزع فتائل التوتر فيها.. والسعي الدؤوب لتحويلها إلى طوق من الأمن والاستقرار، ما أمكن. والحذر والقلق وحدهما لا يكفيان.. بل لا بد من اللجوء إلى كل الوسائل العملية الممكنة والملائمة، ومنها: تطوير وتقوية الذات، لاكتساب المناعة الأنجع اللازمة، والتعاون مع المعنيين بهذا الطوق وفيه.. لإطفاء حرائقه أولا بأول، والحيلولة دون نشوب حرائق جديدة، وامتداد ألسنة اللهب للجوار.
****
لا يمكن لبلادنا (وجيرانها) أن تؤمن مصالحها الحيوية، وتضمن بقاءها وأمنها واستقرارها القومي، بشكل سليم، في حدود مجالها الوطني الضيق فقط. بل لا بد من اعتبار كامل المنطقة المحيطة، مجالا لصيقا متكاملا للأمن الوطني. صحيح، أن الاهتمام بأمن واستقرار ومستقبل الوطن نفسه يجب أن يأتي أولا. والاستقرار القائم على أسس صلبة هو بمثابة الحصانة ضد الاضطرابات. ومع ذلك، يجب الاهتمام بالجوار المباشر، وشبه المباشر، ورصد ما يجري فيه، واتخاذ الإجراءات الذكية الكفيلة بالوقاية من شروره. ومن حسن الطالع أن معظم هذا الجوار عربي، يسهل التعامل معه.
ومن ضمن الإجراءات التي يجب أن تتخذ في هذا الشأن: بناء سياسات شراكات أمنية - سياسية راسخة مع الدول المجاورة، وإقامة تحالفات استراتيجية إقليمية موسعة، تشمل كامل المنطقة، وخاصة المناطق المحيطة بإقليم المملكة، وبصفة أخص كل من: مناطق الهلال الخصيب، الخليج العربي، وكامل منطقة شمال وشرق أفريقيا.
****
وأفريقيا الملاصقة هي ثاني أكبر قارات العالم، من حيث المساحة وعدد السكان، بعد قارة آسيا. إذ تبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع. وتشغل 20.4% من مساحة اليابسة، وتغطي حوالى 6% من إجمالي مساحة الكرة الأرضية. ويبلغ عدد سكانها 1.2 بليون نسمة (2016م)، تبلغ نسبتهم إلى سكان العالم 14،8%. وتضم هذه القارة الآن 54 دولة مستقلة. وبهذه القارة موارد طبيعية هائلة، يسيل لها لعاب الطامعين، وخاصة القوى العظمى والكبرى. لهذا، أصبحت ساحة للتنافس الدولي، الإقليمي والعالمي المكثف. وتحدنا هذه القارة من جهة الغرب، مما يجعل أفريقيا عمقا استراتيجيا، بهذه الجهة. وأكثر ما يجب أن يهم أمن المملكة هو شمال وشرق هذه القارة، رغم أن معظم القارة مهمة.
****
ولقد أدركت حكومتنا هذه الحقيقة الجيوسياسية، وأهمية التحرك الاستراتيجي المدروس والمتواصل (المستدام) لتحقيق الحفاظ على أمن المملكة، حتى خارج مجالها الوطني الضيق، وخاصة في المناطق الأربع المذكورة، ومنها الجزء الأفريقي الملاصق للمملكة بصفة أخص. وانطلاقا من هذا الإدراك الاستراتيجي، عملت المملكة على دعم علاقاتها بدول الجوار الأفريقية. وأنشأت وكالة كبيرة بوزارة الخارجية للشؤون الأفريقية، يرأسها وزير. وهو وزير دولة للشؤون الأفريقية، معالي الأستاذ أحمد قطان. وبادرت بإقامة ائتلاف دول البحر الأحمر، الذى يشمل الدول الثماني المشاطئة لهذا البحر، وهي: المملكة، اليمن، الأردن، مصر، السودان، إريتريا، جيبوتي، وأيضا إثيوبيا (رغم أنها الآن دولة داخلية). إضافة إلى عزم السعودية الانضمام إلى «الاتحاد الأفريقي»، بصفة مراقب. فوجودها في هذا المحفل الدولي يؤكد اهتمامها، ويقوي من موقفها نحو المتربصين.
****
أفريقيا يجب أن تهم بلادنا، استراتيجيا، باعتبار هذه القارة ملاصقة، وبها ثروات بكر واعدة، تجعل منها بيئة خصبة للاستثمار، ومطمحا لنفوذ القوى الكبرى. وذلك يتطلب تطوير ودعم السياسة السعودية تجاهها، والعمل الدؤوب لتوثيق العلاقات السعودية مع الدول الأفريقية، عبر: كل الوسائل السياسية المعتمدة، وفى مقدمتها: الدبلوماسية النشطة بأنواعها، والإعانات الاقتصادية، وإقامة المراكز الثقافية في المدن الأفريقية الكبرى، وما إلى ذلك. إضافة إلى دعم ما تم البدء في إقامته، من إجراءات، تسهم في تحقيق هذا الهدف.