بعصرنا الحالي ما عادت القدرة على التنبؤ بالمستقبل نوعا من الرجم بالغيب، إنما هو علم قائم بذاته بكل تخصصات العلوم التجريبية والتطبيقية والنظرية، وهو قائم على الإحاطة بأكبر قدر من المعلومات والبيانات والمؤشرات والدلائل، ومن ثم بناء تصورات مستقبلية عن تفاعلاتها وصيروراتها ونتائج تلك التفاعلات والصيرورات، فبات يمكن التنبؤ بشكل دقيق بمآلات حتى أعقد القضايا كالقضية الفلسطينية، والانقلاب الجذري بالموقف الشعبي والرسمي الدولي الذي حصل بالهجمة الإسرائيلية الأخيرة هو لمحة عن النبوءة بالنهاية التي ستنتهي إليها القضية الفلسطينية وإسرائيل، فلم يحصل من قبل مثل هذا الانحياز لجانب الحق الفلسطيني من الهيئات الدولية الحقوقية والمسؤولين الغربيين والأمريكيين بالكونجرس ورواد مواقع التواصل التي يبدو أنها هي التي تسببت بهذا الانقلاب لأنها جعلت العالم يرى واقع الفلسطينيين دون فلاتر الإعلام العالمي المقولب على الانحياز العنصري لإسرائيل باعتبارها امتدادا للغرب المتحضر بينما ينظر لأهل المنطقة العربية على أنهم همج، وبالاعتبار لمدى انحياز تيار اليسار اليهودي داخل إسرائيل وأمريكا والعالم للحق الفلسطيني، وحركات رفض المجندين الإسرائيليين أداء الخدمة العسكرية رفضا لسياسات الاحتلال الظالمة للفلسطينيين رغم معاقبتهم بالسجن ولجمعياتهم حسابات بعشرات آلاف المتابعين بمواقع التواصل، بالإضافة للجمعيات الحقوقية الإسرائيلية التي تنشط بمساعدة الفلسطينيين على توثيق ما يتعرضون له من جرائم ومظالم وتوزع عليهم كاميرات لتصويرها لمساعدتهم برفع قضايا بالمحاكم الإسرائيلية، كلها مؤشرات على تحقق صيرورة من صيرورات التاريخ وهي أنه كلما تطور المجتمع كلما صار أكثر ميلاً لليسار؛ أي التيار السلمي الإنساني المتعاطف، وتفر من العنف المباشر العسكري والعنف غير المباشر المؤسساتي المتمثل بالأنظمة والقوانين والإجراءات غير العادلة بحق الآخر، بالإضافة لتنامي شعبية الحركات اليهودية المعارضة لقيام إسرائيل بناء على فتوى دينية كحركة «ناطوري كارتا» حيث تعتقد أن الله حكم بنفي اليهود ومنع عودتهم لفلسطين ومنعهم من إقامة دولة خاصة بهم وهي أقوى مريدي قيام دولة فلسطينية كبديل عن إسرائيل لمنع عقوبة الله عن اليهود، لذا نهاية القضية ستكون بالزوال السلمي للدولة التي تعرف نفسها على أنها لليهود فقط وتضع السكان الأصليين تحت سياسات احتلالية عنصرية وستقوم مكانها دولة جامعة لكل الأديان بفلسطين، أيضاً نموذج ضابط القوات الخاصة الإسرائيلية «Miko Pele» ابن جنرال شارك بجميع الحروب ضد العرب وحفيد أحد الموقعين على وثيقة إقامة إسرائيل اعتبر وجوده بإسرائيل كمحتل غير أخلاقي رغم أنه ولد بالقدس فهاجر لأمريكا وصار أشد المدافعين عن الفلسطينيين وأيدهم بالهجمة الإسرائيلية الحالية.