-A +A
منى العتيبي
أرى للجماهير وجهًا آخر يتمثل في الخراب، فهم أحد مكونات فساد ودمار أي مشروع أو قرار جيد، وهذا جهل منهم، ومثلما هم الداعم الأول لأي مشروع وقرار، هم أيضًا العقبة والعائق له. هناك ثنائية عجيبة وتركيبة أعجب للجماهير يجب استيعابها والوقوف عندها.

فصرنا نرى عندما يصدر أي قرار من أصحاب القرار سواء على مستوى الوزارات أم الشركات يكشف عن مشروع جديد وخطة تطويرية جديدة، تظهر لنا حالة مزعجة من الرفض والمقاومة ضد المشروع وغالبًا الجماهير التي تحتل هذه الحالة من الرفض والمقاومة لا تملك بيانات ومعلومات دقيقة عن قيمة هذه الخطة أو المشروع، وإنما مجرد شائعات متداولة تسيدها شخص من باب الاجتهاد أو الجهل أو الحقد، ومن ثم تتبعه الجماهير الغفيرة في الجهل، وتردد بتعصب وإيمان ما يردده.


ولا يأتي ردع هذه الجماهير إلا بفرض العقوبة، حينها يهدأ صوتها، وتستمر مسيرة المشروع الذي أصلاً لم يأتِ إلا لمصلحتها.

خلال الأيام الفائتة عشنا السيناريو نفسه مع قصص مختلفة في الموضوع متفقة في الهدف، وهي حماية هذه الجماهير والخوف على حاضرها ومستقبلها كقصة التعليم الحضوري، اللقاح كما ذكرت سابقًا، ومكبرات الصوت في المساجد، وغيرها من القرارات التي تنصب في مصلحة المواطن.

أتحدث عن هذا؛ لأن لعبة تضليل الجماهير واستغلالها ضد مصالحها وتنمية أوطانها ما زالت منذ الأزل حتى اللحظة قائمة، والجماهير للأسف مغيبة عن الوعي بذلك، ويتم استغلالها لتصبح مجرد مصيدة لعرقلة مشروع وطني أو أمر يعود إليها بالنفع.

هذه الحالة تذكرني بقانون «اضرب الراعي.. تتفرق الرعية» عند روبرت غرين، فالجاهل الذي يطلق الشائعات ويثير الشقاق بين الجماهير هذا هو قانونه حتى يُفسد الموضوع، فهو يضرب المشروع بفكرته الكاذبة وشائعته ومن هنا تتفرق الناس «الجماهير» على الموضوع وتقع في مصيدة التضليل والتشكيك بأن مصلحتها هي الغاية.

ومن هذا كله على المسؤول قبل صدور القرار أن يدعم نفسه بأساليب التأثير والإقناع والسيطرة على الجماهير، وذلك من خلال شفافيته في طرح مشروعه وموضوعه، وأن يدعمه بالدلائل والقرائن الواقعية، وأن يخاطب جمهوره في مصالحهم الذاتية من مشروعه أو قراره بشفافية تامة، وفي المقابل طالما تأكد من صواب قراره عليه توقع ردود الأفعال وعدم الخضوع لها.

ختامًا.. كل شخص مسؤول عن رأيه ومواقفه؛ لذلك عليه قبل أن ينقاد خلف المنقادين والإسهام في عرقلة قرارات ومشاريع وأمور تهتم بمستقبله ومنافعه، عليه أن يتأكد ويتفحص ويسند على مصادر ومعلومات موثوقة.