-A +A
بدر بن سعود
العلاقة بين الديني والعلمي في أزمة كورونا ليست مستقرة باستمرار، فلا زال هناك اعتقاد في كل دين وملة بأن البروتوكولات الصحية والتباعد المكاني ليس ضرورياً، وتحديداً في التجمعات الدينية لأتباع الأديان المختلفة، فملالي إيران، على سبيـل المثال، يعتقدون أن قوى الاستكبار تقف وراء فايروس كورونا، وذلك لإيقاف ثورتهم الإسلامية، وإطفاء شعلة العلم الذي ينتشر من مدينة قم الإيرانية إلى العالم، وأن التطعيم ضده يؤثر في المورّثات، ويحتوي على رقاقة إلكترونية تحوّل الشخص إلى كائن آلي، وهذا يمثل مساراً تراجعياً في التعامل مع الأوبئة، ويجعل نظريات المؤامرة تسيطر على بعض العقول، والنتيجة أن الملالي يعيشون وضعاً كارثياً في مواجهة كورونا.

الأعجب أن كورونا، من وجهة نظر بعض الهندوس، جاء لمعاقبة غير النباتيين، وقد أدخلوه في قائمة الآلهة التي يقدسونها، ولديهم احتفال ديني يسمونه: كومبا ميلا، على نهر الغانج الذي يقدسونه، شارك فيه 9 ملايين شخص بدون احترازات، وتناقلوا الفايروس في ما بينهم، ويمكن اعتباره البؤرة الأولى لانتشار كورونا الوبائي ومتحوره الهندي في كامل الأراضي الهندية، وكانت كنيسة ميلوز الفرنسية سبباً في انتشار الفايروس وانتقاله من فرنسا إلى ألمانيا، ونقله عمال مصانع بورش ومرسيدس بنز الفرنسيون، وهم يتنقلون بين الدولتين، وأعدادهم اليومية تصل إلى 45 ألفاً.


بعض رجال الدين المسيحي، وفق آخر الاستطلاعات، لديهم فكرة راسخة بأن هزيمة كورونا ممكنة بوسائل إلهية خارقة، وهم يرفضون الكمامة وعدم المصافحة، ويرون في الخوف من كورونا معصية تستدعي التكفير، ولا نحتاج إلى التذكير بأن أمريكا، في الوقت الحالي، تتصدر قائمة العشرة الكبار في مجموع الإصابات المسجلة، وفي كوريا الجنوبية، وحسب الأرقام الرسمية، ساهمت كنسية شينتشونجي لوحدها في 36% من الإصابات الموجودة فيها.

الكورونا كانت عملة للنمسا قبل اليورو، والتسمية أخذت من قديسة اسمها كورونا، والمزارات والكنائس الألمانية والنمساوية تحتفل بذكراها السنوية في 14 مايو، ويكون اللجوء إليها لتقوية العزيمة في الأزمات والمحـن، ولعلهـا تأتي كنقطة يتقاطـع فيها الروحي مع الفايروسي، والدين يحقـق توازنا نفسياً للإنسان، وخصوصاً في الأوقات الصعبة، والمشكلة أن ما يعرف بالتدين الشعبي غير المقيد بمرجعيات دينية يسيطر على الناس في مثل هذه الأزمات، ويعمل على تضخيم الأشياء والمبالغة فيها، ويحرض على ممارسة العبادات في مجموعات وبدون تحوطات صحية، وأصحاب الأجندات يستغلونه في تمرير أفكار مشبوهة.

الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أصيب بالحمى، ومات الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح، أمين الأمة وأحد العشرة المبشرين بالجنـة، بطاعون عمواس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وبالتالي فلا أحد معصوماً من فايروس كورونا وتبعاته الخطيرة، مهما كانت درجة تدينه، والموازنة بين الديني والعلمي ضرورية لمواجهة كورونا.