-A +A
منى المالكي
«إذا لم تتعاف الأرض من ذوبان الغطاء الجليدي في القطبين وارتفاع منسوب البحار والآثار الأخرى السلبية للتغير المناخي، فإن النتائج ستكون كارثية بما في ذلك تعرض الكثير من الأماكن على سطح الكرة الأرضية للاختفاء»، بهذا التحذير الذي أظهرته دراسة علمية جديدة قام بها باحثون من منظمة «كلايمت سنترال» الأمريكية غير الحكومية نهاية عام 2019 الآثار المدمرة للتغير المناخي على الكوكب الأخضر، وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن العقد الحالي في طريقه ليصبح الأعلى في درجات الحرارة على الإطلاق في تاريخ سجل المناخ، فقد بلغت خلاله الحرارة درجات استثنائية، وذوباناً للجليد، وارتفاعاً قياسياً لمستويات البحار في الكرة الأرضية، نتيجة لتأثيرات الغازات الدفيئة التي تنتجها الأنشطة البشرية. ولو استمرت الوتيرة الحالية للمناخ بهذا الوضع، فقد ترتفع درجة الحرارة العالمية بأربع أو خمس درجات حتى نهاية القرن.

هذه التقارير المفزعة تجعلنا ننظر للقادم من الأيام بقلق شديد لنتساءل ما هو دورنا تجاه كارثة تغير المناخ؟ وما هي الجهود المبذولة للحد من خطورة الجفاف الذي نعيشه؟، باعتبار جغرافيتنا الصحراوية وشح الأمطار في جنوب بلادنا وهي مناطق الزراعة والغابات التي تعتمد على الماء «الذهب الأزرق» الذي سيكون سلعة مباعة في قادم الأيام! فمنذ عام 2018 عاودت المجاعة في الارتفاع من جديد في العالم، حيث يعاني منها أكثر من 820 مليون إنسان. يذكر ذلك الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بقوله: «إن عدم انتظام سقوط الأمطار المتزايد، مترافقاً مع نمو ديموغرافي، يطرح تحديات هائلة في إطار الأمن الغذائي في الدول الأكثر حاجة للغذاء».


إذن الحديث عن التغير المناخي ليس ترفاً أو عملاً تهتم به مجموعة فيسقط التكليف عن الكل، إنه عمل دول ومشاركة سكان الكوكب في الحفاظ على كوكبنا الذي احترق من كوارث البشرية أو كاد.

ولكن تظهر مشاركة المملكة في أعمال «قمة القادة حول المناخ الافتراضية»، والتي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية بحضور 40 من قادة دول العالم، بارقة أمل واعتراف بأهمية عمل الدول المؤثرة اقتصاديا في التصدي لهذه الكارثة المناخية التي يتعرض لها كوكب الأرض، ففي كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي يؤكد على مبادرات المملكة في الحفاظ على المناخ العالمي بقوله: «أطلقنا وفق رؤية المملكة 2030 حزمة من الإستراتيجيات والتشريعات، مثل الإستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة؛ بهدف الوصول إلى قدرة إنتاج (50 %) من احتياجات المملكة بحلول عام 2030». كما ختم كلمته -حفظه الله- بالدور الريادي الذي تمارسه بلادنا تجاه واجباتها، فقال: «سنعمل مع الشركاء لتحقيق أهدافهما من خلال استضافتنا منتدى لمبادرة السعودية الخضراء وقمة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في هذا العام، وأخيراً نود أن نؤكد على اهتمامنا والتزامنا بالتعاون لمكافحة التغير المناخي لإيجاد بيئة أفضل للأجيال القادمة، متمنين لجهودنا النجاح لحماية كوكبنا».

هنا لا بد أن تبدأ الوزارات والهيئات والمجتمع باستشعار المسؤولية من خلال توعية شاملة في الحفاظ على الموارد وعدم إهدارها، والعمل على تكوين فرق عمل نشطة لتبدأ في العمل على نجاح مبادرة السعودية الخضراء الذي تعد صمام الأمان في مواجهة الكارثة المناخية القادمة.