عندما يرتكب قاتل متسلل أو منظمة إرهابية أو مجموعة مجرمين منظمين جرائم مختلفة، تظل لهم بصمة واحدة رغم تباين تلك الجرائم وتفاوت شدتها وحدتها ومكان وقوعها، وفي عالم البحث الجنائي يتمتع المحققون عادة بمستوى ذكاء بارع يمكنهم من اكتشاف خيوط الجريمة وتتبعها وصولاً للجاني بطرق مبتكرة ومناهج بحثية مختلفة كثيراً عن المُتبعة بشكل اعتيادي، وللمحققين دوماً هدف واضح، وهو الوصول لنمط تفكير مرتكب الجرم وتحديد السياق الذي يرتكب من خلاله جرمه، بدءاً من الوصول لنسق تفكيره مروراً بالأدوات التي يقوم من خلالها بارتكاب جرائمه، وصولاً لدوافعه التي تقف وراء ارتكابه لها.
وما يحدث في عالم البحث الجنائي البشري يتكرر بصورة شبه كاملة في الجرائم السياسية، فالوقائع الإرهابية غالباً لا تتحدد طبقاً للجهات التي تعلن مسؤوليتها عن ارتكابها، فأي منظمة إرهابية برتبة مرتزقة يمكنها الادعاء بارتكاب أي عمل إرهابي لإبعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقي، ولا سيما لو كان وضع الجاني الأصلي معقداً وتصعب معاقبته دون الوقوع في شبكة لا متناهية من التعقيدات كالحروب، غير أن تحديد الجناة الحقيقيين يتم من خلال عدة طرق ووسائل، أهمها على الإطلاق البحث عن القاسم المشترك بين كل هذه الجرائم، الدوافع والنتائج المتوقعة وأدوات ارتكاب الجريمة والأسباب الكامنة وراء ارتكابها والفوائد التي ستعود على الجهة الإرهابية الفاعلة عقب الانتهاء منها.
وبعيداً عن المقدمة النظرية دعونا نتأمل بعض الشيء الجرائم التي تعصف بمنطقتنا العربية خلال العقد الأخير من الزمن، سواء في العراق أو اليمن أو لبنان أو سوريا، دعونا نعقد مقارنة سريعة بين الحوثي وحزب الله وحماس، حيث يمكننا بسهولة -قياساً على عمل المحققين الجنائيين- أن نتوصل لخيط واحد يؤدي بنا إلى فاعل واحد لكل هذه الجرائم، فاعل واحد هدفه التحكم في كامل المنطقة الإقليمية مدفوعاً بهواجسه في تصدير ثورته البائسة «كما أطلق عليها موسى الموسوي أحد المنشقين عن الخميني»، تحمسه أطماعه الخارجية وطموحاته التي لا تقف عند حد لاستعادة امبراطوريته الغابرة، متخذاً منهج التدخل في شؤون الدول المجاورة له غاية له، متربصاً ومترصداً لجميع جيرانه لحظات القلاقل -بخلاف سعيه لزرعها- ليستغلها وينفذ منها داخل تلك الدول مفككاً أوصالها وممزقاً روابطها.
لعل ما وصلنا إليه لا يعد أمرا جديدا، فالعالم العربي بأكمله والرأي العام العالمي لديه إدراك واسع بالدور القذر الذي تصر إيران على لعبه، وهو الأمر الذي يتجلى في فرض العزلة الدولية على نظامها البائس مرفقاً بالعقوبات الاقتصادية الهادفة لخنق النظام بغية إعادته للسلمية ولإجباره على التوقف عن -أو حتى التخفيف من- أنشطته العدائية بالغة الحدة، غير أن إيران في الكثير من الأحيان تتغاضى عن هذه الحقائق الساطعة وتصر على اتهام الجميع بالغباء من خلال تنصلها من المؤامرات التي تكاد لا تتوقف عن حوكها.
دعونا ننتقي من العوامل المشتركة العديدة عاملاً واحداً فحسب لتحليله بالقليل من التروي، هذا العامل هو إصرار إيران على خوض الحروب بالوكالة دون أن تظهر بشكل مباشر على مسرح الأحداث، فإيران تتخذ دوماً خطة -(مكشوفة) مفادها انتقاء عدد من الخونة من المرتزقة أو المعارضين للنظام الحاكم الذي ترغب في زعزعته، ثم تقوم بدعمه بكافة الصور الرسمية وغير الرسمية، المالية والمعنوية واللوجستية، بحيث يبقى كشوكة مغروزة في خاصرة الدولة يصعب نزعها دون أن يدمي الجسد نفسه ويتأذى إلى درجة الموت، وبهذا تبتعد عن الأضواء واللوم المباشر، لتبقى تمارس عملها المذموم في الظلام يحيط بها الصمت من كل مكان.
في واقع الأمر، أشار بعض المحللين إلى أن إيران أجبن من أن تخوض حرباً بنفسها على نحو مباشر، ونحن نؤيد هذه النتيجة، على الأقل في الوقت الراهن وتماشياً مع العديد من المتغيرات السياسية العالمية، غير أنه من المؤكد أن منبع هذا السلوك ليس خوف حكومة طهران على مواردها أو للحفاظ على موارد شعبها المالية والبشرية، ولكن في الأساس لأن الشعب الإيراني يعيش حرفياً على سطح صفيح ساخن، نتوقع ثورته المائجة ما بين يوم وآخر، وعلى نحو قد لا يُبقي معه لا على أخضر ولا على يابس، فالشعب الإيراني المكلوم لا يزال يعاني تبعات حروب دامية قاسية، لا تزال جروحها ودماؤها متناثرة على جسد كل مواطن، فخلال تلك الحروب الدامية فقد منهم الكثير آباءهم، كما فقد منهم الكثير أبناءهم، وما بين قتيل وجريح ومعاق وأرامل ويتامى وثكالى ومشردين عاش الشعب مأساة يندر تكرارها في العصور الحديثة بسبب جنون النظام المريض الذي يحكمهم.
لاشك في أن احتمالية نشوب حرب قادمة بشكل مباشر بين إيران وأي دولة أخرى قد يسبب خلخلة وتفككا داخل أركان الجيش الإيراني ذاته، والذي وجد نفسه ما بين عشية وضحاها يتلقى أوامره من أصحاب العمائم، فإناء الفقيه البائد تصدع وتشقق ولم يعد حتى بداخله ما يكفي لأن ينضح بما فيه، وقد بدأت القشرة المترققة التي تغلف الغضب الشعبي المكتوم الساكن في الأعماق في التحلل والتفكك هي الأخرى، معرضة بركان الغضب المعتمل داخلها للانفجار الهائل، وهو الانفجار الذي من شأنه الإطاحة العاصفة بجذور هذا النظام، كاشفاً للعالم أجمع قسوة عقود الظلام التي سادت إيران وعصفت بأحلام المواطن الإيراني البسيط والمغلوب دوماً على أمره.
وما يحدث في عالم البحث الجنائي البشري يتكرر بصورة شبه كاملة في الجرائم السياسية، فالوقائع الإرهابية غالباً لا تتحدد طبقاً للجهات التي تعلن مسؤوليتها عن ارتكابها، فأي منظمة إرهابية برتبة مرتزقة يمكنها الادعاء بارتكاب أي عمل إرهابي لإبعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقي، ولا سيما لو كان وضع الجاني الأصلي معقداً وتصعب معاقبته دون الوقوع في شبكة لا متناهية من التعقيدات كالحروب، غير أن تحديد الجناة الحقيقيين يتم من خلال عدة طرق ووسائل، أهمها على الإطلاق البحث عن القاسم المشترك بين كل هذه الجرائم، الدوافع والنتائج المتوقعة وأدوات ارتكاب الجريمة والأسباب الكامنة وراء ارتكابها والفوائد التي ستعود على الجهة الإرهابية الفاعلة عقب الانتهاء منها.
وبعيداً عن المقدمة النظرية دعونا نتأمل بعض الشيء الجرائم التي تعصف بمنطقتنا العربية خلال العقد الأخير من الزمن، سواء في العراق أو اليمن أو لبنان أو سوريا، دعونا نعقد مقارنة سريعة بين الحوثي وحزب الله وحماس، حيث يمكننا بسهولة -قياساً على عمل المحققين الجنائيين- أن نتوصل لخيط واحد يؤدي بنا إلى فاعل واحد لكل هذه الجرائم، فاعل واحد هدفه التحكم في كامل المنطقة الإقليمية مدفوعاً بهواجسه في تصدير ثورته البائسة «كما أطلق عليها موسى الموسوي أحد المنشقين عن الخميني»، تحمسه أطماعه الخارجية وطموحاته التي لا تقف عند حد لاستعادة امبراطوريته الغابرة، متخذاً منهج التدخل في شؤون الدول المجاورة له غاية له، متربصاً ومترصداً لجميع جيرانه لحظات القلاقل -بخلاف سعيه لزرعها- ليستغلها وينفذ منها داخل تلك الدول مفككاً أوصالها وممزقاً روابطها.
لعل ما وصلنا إليه لا يعد أمرا جديدا، فالعالم العربي بأكمله والرأي العام العالمي لديه إدراك واسع بالدور القذر الذي تصر إيران على لعبه، وهو الأمر الذي يتجلى في فرض العزلة الدولية على نظامها البائس مرفقاً بالعقوبات الاقتصادية الهادفة لخنق النظام بغية إعادته للسلمية ولإجباره على التوقف عن -أو حتى التخفيف من- أنشطته العدائية بالغة الحدة، غير أن إيران في الكثير من الأحيان تتغاضى عن هذه الحقائق الساطعة وتصر على اتهام الجميع بالغباء من خلال تنصلها من المؤامرات التي تكاد لا تتوقف عن حوكها.
دعونا ننتقي من العوامل المشتركة العديدة عاملاً واحداً فحسب لتحليله بالقليل من التروي، هذا العامل هو إصرار إيران على خوض الحروب بالوكالة دون أن تظهر بشكل مباشر على مسرح الأحداث، فإيران تتخذ دوماً خطة -(مكشوفة) مفادها انتقاء عدد من الخونة من المرتزقة أو المعارضين للنظام الحاكم الذي ترغب في زعزعته، ثم تقوم بدعمه بكافة الصور الرسمية وغير الرسمية، المالية والمعنوية واللوجستية، بحيث يبقى كشوكة مغروزة في خاصرة الدولة يصعب نزعها دون أن يدمي الجسد نفسه ويتأذى إلى درجة الموت، وبهذا تبتعد عن الأضواء واللوم المباشر، لتبقى تمارس عملها المذموم في الظلام يحيط بها الصمت من كل مكان.
في واقع الأمر، أشار بعض المحللين إلى أن إيران أجبن من أن تخوض حرباً بنفسها على نحو مباشر، ونحن نؤيد هذه النتيجة، على الأقل في الوقت الراهن وتماشياً مع العديد من المتغيرات السياسية العالمية، غير أنه من المؤكد أن منبع هذا السلوك ليس خوف حكومة طهران على مواردها أو للحفاظ على موارد شعبها المالية والبشرية، ولكن في الأساس لأن الشعب الإيراني يعيش حرفياً على سطح صفيح ساخن، نتوقع ثورته المائجة ما بين يوم وآخر، وعلى نحو قد لا يُبقي معه لا على أخضر ولا على يابس، فالشعب الإيراني المكلوم لا يزال يعاني تبعات حروب دامية قاسية، لا تزال جروحها ودماؤها متناثرة على جسد كل مواطن، فخلال تلك الحروب الدامية فقد منهم الكثير آباءهم، كما فقد منهم الكثير أبناءهم، وما بين قتيل وجريح ومعاق وأرامل ويتامى وثكالى ومشردين عاش الشعب مأساة يندر تكرارها في العصور الحديثة بسبب جنون النظام المريض الذي يحكمهم.
لاشك في أن احتمالية نشوب حرب قادمة بشكل مباشر بين إيران وأي دولة أخرى قد يسبب خلخلة وتفككا داخل أركان الجيش الإيراني ذاته، والذي وجد نفسه ما بين عشية وضحاها يتلقى أوامره من أصحاب العمائم، فإناء الفقيه البائد تصدع وتشقق ولم يعد حتى بداخله ما يكفي لأن ينضح بما فيه، وقد بدأت القشرة المترققة التي تغلف الغضب الشعبي المكتوم الساكن في الأعماق في التحلل والتفكك هي الأخرى، معرضة بركان الغضب المعتمل داخلها للانفجار الهائل، وهو الانفجار الذي من شأنه الإطاحة العاصفة بجذور هذا النظام، كاشفاً للعالم أجمع قسوة عقود الظلام التي سادت إيران وعصفت بأحلام المواطن الإيراني البسيط والمغلوب دوماً على أمره.