حسب المواقع والهيئات المختصة برصد ودراسة الآثار الثقافية للأفلام، لا يزال الفيلم الأمريكي «The Matrix-ماتريكس/ المصفوفة/ القالب» 1999 تصنفه تصويتات الجمهور أنه الأكثر تأثيرا؛ والسبب قصته التي رصدت بشكل استباقي العالم الذي يعيشه البشر منذ الألفية الجديدة، وهو العالم الافتراضي للإنترنت ومواقع التواصل، وقصته الرمزية أن أفرادا يستيقظ وعيهم ويكتشفون أنهم يعيشون بواقع افتراضي زائف فبركته أجهزة الذكاء الاصطناعي التي تسيطر على العالم ويصارعون لإيقاظ وعي الآخرين وتحريرهم من هذا الواقع الزائف، والفيلم الوثائقي الذي يجسد فضح ماتريكس واقعنا الافتراضي الزائف هو عن من بدأته «This Is Paris-هذه باريس» 2020، عن «باريس هيلتون» وريثة إمبراطورية فنادق هيلتون العالمية التي بدأت موضة مشاهير مواقع التواصل والسيلفي/ تصوير نفسها وأسفارها وارتيادها للمحلات والنوادي وأصبحت بهذا «مؤثرة-انفلونسر» أي فعليا لا تقدم أي إنتاج ومحتوى حقيقي غير تصوير نفسها، وهذا كان شيئا جديدا حيث كان الناس قبلها لا يشتهرون إلا لأنهم قدموا عملا ما بالدعاية والإعلام والفنون والشأن العام ولم يكن أحد يشتهر بدون أي عمل، لكن بهذا الوثائقي لخصت حياتها البراقة السعيدة التي تقلدها ملايين الإناث من الطفلات للأمهات بأنها «مجرد دور تمثله وقناع ولا يمثل شخصيتها الحقيقية» وأن كل هذا «ماركة تسوقها لا أكثر» وأنها «أصبحت شيئا مشوها وصورة كارتونية/ كاريكاتورية زائفة» تسوق للحياة الزائفة عبر المشتريات وارتياد المحلات وصور مواقع التواصل، وقالت إنها لا تعرف أناسا حقيقيين، وأصدقاؤها زائفون، شخصياتهم زائفة، حياتهم زائفة، علاقاتهم زائفة وبكت، وبالنسبة للجانب الغرامي الذي تحسدها عليه نساء العالم لوسامة من ترتبط بهم فقالت إنها تعرضت «للضرب والخنق والتعنيف والسيطرة وإساءة المعاملة» بعكس صورها السعيدة معهم وتشعر «بالوحدة ولا تتذكر آخر مرة شعرت بالحب»، وقالت عن صنعها نموذج المؤثرين عبر مواقع التواصل «أشعر أني صنعت وحشا»، وتشعر بتأنيب الضمير لرؤيتها فتيات بعمر 9 سنوات يقلدنها ولا يستطعن تقبل صورهن بدون تزييفها بالفلاتر، وتشعر «بالسأم من حياتها، ولا تعرف من تكون» من شدة شعورها بزيف كل ما تعيشه وهي تتعالج نفسيا، ولم تعش حياة حرية سعيدة فهي درست بمدرسة دينية وعانت تنمر الجنسين عليها ولم يكن يسمح لها بالخروج مع صديقاتها ولا مواعدة الأولاد ولا الحفلات حتى حفلات المدرسة ولا المكياج وبعد بلوغها الثامنة عشرة كانت والدتها تتصل بالنوادي تهددهم لإجبارهم على منع دخول ابنتها وأخيرا حبستها بغرفتها وأدخلها والداها بالقوة لمؤسسة لتأديب المراهقين الجانحين والقائمين عليها يعاملون المراهقين بالنظرية الأمنية العسكرية المحرمة دوليا وتصنف بأنها جرائم ضد الإنسانية ومحرم أن تستعمل حتى مع المجرمين والأسرى والمتمثلة بما يسمى «كسر» الإنسان بإخضاعه للعنف المادي والنفسي حتى ينهار نفسيا وعقليا ويصبح روبوتا مطيعا. وإضافة لما ورد بالوثائقي؛ كلما طالعت أخبار جريمة عائلية أو انتحار أطالع حسابات الضحايا وأجدها غالبا تجسد حياة تبدو سعيدة مليئة بالسفر والذهاب للمطاعم والكافيهات والأصدقاء والمشتريات وبالنهاية انتحار من شدة التعاسة أو جريمة قتل بسبب تاريخ من العنف الأسري بعكس الصور السعيدة للزوجين بحساباتهما، لكن هناك من ينخدع بهذا الزيف ويكره حياته مهما كان في نعمة لأنها لا تشبه التي بصور حسابات الآخرين!