-A +A
عبده خال
لم ترد مفردة «الموت وتوابعها» على تراب المملكة كما وردت خلال الأسبوع المنصرم، ويعود الفضل لمساعد المحافظ للشؤون التأمينية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولأن شر البلية به كم مهول من السخرية، فقد نشط المواطنون في تبادل النكات، وذم ما تحدث به الأخ نادر الوهيبي بأن التقاعد المبكر أصبح يستنزف أموال صندوق التأمينات بشكل كبير.

وهو قول لا يمكن قذفه في الهواء من غير أن يحدث انفجاراً لفظياً، لتعميق الألم قبل (التنكيت) لتوالي التصريحات المخيبة لمشاعر الناس.


وإن كانت ثمة لعبة تمارسها الشركات بحضِّ موظفيها على التقاعد المبكر، لكي تتخلى تلك الشركات عن دفع رواتب مرتفعة بحيث يتم تخفيض تلك الرواتب إذا تقدم الموظف للتقاعد المبكر، وهذا اللعبة تدخلنا نوعاً من أنواع الفساد المقنع، وفي كل الأحوال ليس من حق مسؤول التأمينات جرح مشاعر الناس، فالتصريح لم يكن لبقاً بما فيه الكفاية، وتحول إلى خطاب مستفز للمشاعر حُمل على صيغة التعنت، ورغبة المؤسسة أن لا يتقاعد الموظف إلا وهو حامل كفنه، وكان بالإمكان تمرير فكرة التأمينات من غير إحداث كل هذا اللغط، ففي علم السياسة على رجلها التدرب على كيفية جرح من يقابله وهو يبتسم!

وبعيداً عن جراح الرسوم مثلاً، فالحياة المعيشية لم تعد قادرة على إضافة هم على هم.

وإصرار الأستاذ نادر بالتأكيد بأن التأمينات لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها مهما كانت عليه خزينة التأمينات من امتلاء بمئات المليارات، وفي هذا التأكيد شطط غير مبرر، فالاستثمارات المهولة للتأمينات قادرة على الإنفاق على أحفاد أحفادنا، وإذا كان الوهيبي يجد أن التقاعد المبكر يفرغ خزينة التأمينات فهذا قول من يريد (كسر العين) لمن يتشوف رصد وإحصاء مصادر الاستثمارات، وإذا أردنا تصديق التأمينات فلن يكون ذلك بالإمكان، وبالبلدي:

الاستقطاعات التي تستقطعها التأمينات (هي أكبر نسبة في الشرق الأوسط)، هي أموال الموظفين، وتستثمرها في العديد من الجهات التي تدر أرباحاً كبيرة، فمن العدل أن يكون للموظف جزء من الأرباح أيضاً.

وقبل ذلك فالاستقطاع يقابله حق مالي للموظف، هو الوحيد الذي يقرر متى يتقاعد أو يواصل عمله إلى أن يموت، وكان جديراً بالمتحدث كشف ما يحدث في الشركات من دفع الموظف على التقاعد.