قدمنا في الأسبوع الماضي لمحة عن «مجموعة السبع»، وبعض ما جاء في البيان الختامي لآخر قمة لها، عقدت في بريطانيا. وقد وضح ذلك البيان أهم ملامح سياسات هذه المجموعة – الراهنة والمقبلة. ونلقي اليوم بعض الضوء على الطبيعة العامة لسياسات هذا التكتل، الذي يتأثر بسياساته العالم أجمع – إيجابا وسلبا، محاولين التركيز على معرفة أبعاد ونتائج هذا التأثير، الذي لمنطقتنا منه نصيب وافر.
إن التحليل المنطقي لسياسات هذه المجموعة (الأهداف والوسائل) يشير إلى أن هذه المجموعة (المكونة من الدولة العظمى الوحيدة الآن، وست دول كبرى) تحاول جهدها «احتكار» قمة العالم الاقتصادية – السياسية، ولا تفكر (بجدية) في تغيير العالم نحو الأفضل -رغم قدرتها على فعل ذلك- أو المساعدة على إدخال إصلاحات حقيقية في البناء السياسي الكوني. ومن حق أي دولة – في واقع العلاقات الدولية – أن تفعل ما تستطيع فعله، مما يسمح به العرف الدولي.. ولكن من حق الآخرين أيضا أن يبدوا رأيهم في أفعالها، وأن تكون لهم ردود أفعال، تحمي مصالحهم هم أيضا، خاصة عندما تتقاطع تلك «المصالح» مع مصالحهم.
فالدفاع عن النفس حق مشروع للجميع، في كل الأعراف والقوانين. ولا شك أن توسيع «عضوية» المجموعة لتشمل 13 دولة أخرى، من ضمنها المملكة العربية السعودية، يجب أن يغير (بعد أن تم تبنيه، وإقامة مجموعة أخرى، هي مجموعة العشرين) من توجهات مجموعة السبع، ويجعل سياساتها أكثر تمثيلا وإنصافا، وحدبا على المصلحة العامة العليا لكل العالم. ولا يبدو أن ذلك حدث في القمة الأخيرة للسبع. رغم أنه كان الأولى الاكتفاء بمجموعة واحدة.. مجموعة العشرين، لأنها الأكبر والأشمل.
****
ودول المجموعة هي الآن – مع الصين وروسيا – أكثر دول العالم تأثيرا ونفوذا. أما «العضوية» فيها فلا تتاح إلا لمن يفرض نفسه فرضا عليها.. لينال «شرف» الشراكة.. التي كثيرا ما تحسب نوعا من «الوجاهة» الدولية، أكثر منها عضوية مصالح مشتركة. بل حتى داخل هذه المجموعة نفسها هناك اختلاف وتناقض، بل وتنافس على زعامة المجموعة، ومن ثم العالم. وحاليا، حسمت القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية مسألة الزعامة هذه.. باعتبار أمريكا القطب الوحيد (الأقوى) المتواجد الآن، في الساحة الدولية. لذلك، كان من المتوقع أن نجد الصبغة الأمريكية واضحة وجلية في معظم سياسات (مخرجات) هذه المجموعة، وما شابهها. وذلك مما يجعل الأخيرة – كبقية المنظمات والتكتلات الدولية الكبرى، في عالم اليوم – تحت الوصاية السياسية الأمريكية، غير المباشرة.
لهذا، لا يجب توقع أن تصلح هذه المجموعة (بوضعها الراهن) الكون، وتحل أخطر مشاكله -ولو بما يحقق الحد الأدنى من العدالة الدولية والإنسانية- ولا أن تعمل شيئا يذكر لصالح فقراء ومستضعفي العالم.. إن تعارض ذلك مع مصالح القوى الجشعة المتنفذة فيها.. والمتجسدة في جماعات «مصالح» خاصة معروفة. فكل ذلك هو خارج اهتمامات أمريكا، والبقية. كما يبدو أن مجموعة السبع تنظر للعالم من منظار إمبريالي.. بدليل أنها تناقش أبرز قضايا العالم ومشاكله وكأنها وصية عليه.. ودون حتى الرجوع إلى المعنيين مباشرة بهذه القضايا والمشاكل. وينطبق هذا الاستعلاء على معظم القضايا التي تناقشها -عادة- مؤتمرات قمة هذه المجموعة.
****
وبتحليل سريع لبعض بياناتها الختامية، الصادرة في العقد الأخير بخاصة، تتضح الهيمنة الأمريكية على سياسات هذه المجموعة وتوجهاتها. فما تعتبره أمريكا حقا، كثيرا ما يكون على الست الأخرى أن تعتبره كذلك. وما تعتبره باطلا، غالبا ما تعتبره كل المجموعة باطلا. ومع ذلك، فإن لبقية الأعضاء تأثيرا لا بأس به على بعض سياسات هذه المجموعة. وكثيرا ما تتمكن المعارضة داخل هذه المجموعة من فرض رأيها.. خاصة إن كان يحظى بتأييد غالبية شعوبها.
ونضرب مثالا على ذلك: مسألة «تغير المناخ والاحتباس الحراري». فقد أجمعت «المجموعة» -خاصة في قمتها الأخيرةـ على: وجوب العمل بجدية أكبر لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض، الناجم عن زيادة النشاط التصنيعي البشرى.. الذي تنتج عنه: زيادة الغازات المتسببة في حصول الاحتباس الحراري، وتصاعد سخونة هذا الكوكب. الأمر الذي ينذر بكوارث بيئية فادحة.
ولكن الوفد الأمريكي كان دائما ما يضغط على البقية.. لتخفيف نص بند مكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض (الاحتباس الحراري).. لأن الخضوع لضوابط خفض انبعاث الكربون «قد يضر بالاقتصاد الأمريكي»، بسبب تحمل تكلفة حمائية إضافية. ولهذا، لم توقع الولايات المتحدة اتفاقية «كيوتو» المناخية، كما فعل البقية، وتعرقل – نتيجة لذلك – هذا الإجراء البيئي الإيجابي والضروري. ولكن أمريكا، وتحت ضغوط من أنصار البيئة، وافقت على العودة لاتفاقية باريس، وقبلت الالتزام بهدف طويل الأمد لحماية مناخ الأرض، عبر خفض انبعاث غاز الكربون.
وفي مؤتمرات قمم سابقة، استطاع بعض الأعضاء إقناع أمريكا بضرورة حل الصراع العربي– الإسرائيلي على أساس مبدأ الدولتين. وصدر في البيان الختامي تأكيد على ذلك. لكن كثيرا من هذه الإجراءات العادلة لا تجد طريقها نحو التنفيذ.. لتصبح مجرد «بروباجندا» إعلامية، يروجها أقوياء العالم.. للظهور بمظهر المهتم بحل مشاكل البشر الرئيسة، في الوقت الذي يعملون فيه بالفعل على تشديد قبضتهم على اقتصادات ومقدرات هذا العالم.
إن التحليل المنطقي لسياسات هذه المجموعة (الأهداف والوسائل) يشير إلى أن هذه المجموعة (المكونة من الدولة العظمى الوحيدة الآن، وست دول كبرى) تحاول جهدها «احتكار» قمة العالم الاقتصادية – السياسية، ولا تفكر (بجدية) في تغيير العالم نحو الأفضل -رغم قدرتها على فعل ذلك- أو المساعدة على إدخال إصلاحات حقيقية في البناء السياسي الكوني. ومن حق أي دولة – في واقع العلاقات الدولية – أن تفعل ما تستطيع فعله، مما يسمح به العرف الدولي.. ولكن من حق الآخرين أيضا أن يبدوا رأيهم في أفعالها، وأن تكون لهم ردود أفعال، تحمي مصالحهم هم أيضا، خاصة عندما تتقاطع تلك «المصالح» مع مصالحهم.
فالدفاع عن النفس حق مشروع للجميع، في كل الأعراف والقوانين. ولا شك أن توسيع «عضوية» المجموعة لتشمل 13 دولة أخرى، من ضمنها المملكة العربية السعودية، يجب أن يغير (بعد أن تم تبنيه، وإقامة مجموعة أخرى، هي مجموعة العشرين) من توجهات مجموعة السبع، ويجعل سياساتها أكثر تمثيلا وإنصافا، وحدبا على المصلحة العامة العليا لكل العالم. ولا يبدو أن ذلك حدث في القمة الأخيرة للسبع. رغم أنه كان الأولى الاكتفاء بمجموعة واحدة.. مجموعة العشرين، لأنها الأكبر والأشمل.
****
ودول المجموعة هي الآن – مع الصين وروسيا – أكثر دول العالم تأثيرا ونفوذا. أما «العضوية» فيها فلا تتاح إلا لمن يفرض نفسه فرضا عليها.. لينال «شرف» الشراكة.. التي كثيرا ما تحسب نوعا من «الوجاهة» الدولية، أكثر منها عضوية مصالح مشتركة. بل حتى داخل هذه المجموعة نفسها هناك اختلاف وتناقض، بل وتنافس على زعامة المجموعة، ومن ثم العالم. وحاليا، حسمت القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية مسألة الزعامة هذه.. باعتبار أمريكا القطب الوحيد (الأقوى) المتواجد الآن، في الساحة الدولية. لذلك، كان من المتوقع أن نجد الصبغة الأمريكية واضحة وجلية في معظم سياسات (مخرجات) هذه المجموعة، وما شابهها. وذلك مما يجعل الأخيرة – كبقية المنظمات والتكتلات الدولية الكبرى، في عالم اليوم – تحت الوصاية السياسية الأمريكية، غير المباشرة.
لهذا، لا يجب توقع أن تصلح هذه المجموعة (بوضعها الراهن) الكون، وتحل أخطر مشاكله -ولو بما يحقق الحد الأدنى من العدالة الدولية والإنسانية- ولا أن تعمل شيئا يذكر لصالح فقراء ومستضعفي العالم.. إن تعارض ذلك مع مصالح القوى الجشعة المتنفذة فيها.. والمتجسدة في جماعات «مصالح» خاصة معروفة. فكل ذلك هو خارج اهتمامات أمريكا، والبقية. كما يبدو أن مجموعة السبع تنظر للعالم من منظار إمبريالي.. بدليل أنها تناقش أبرز قضايا العالم ومشاكله وكأنها وصية عليه.. ودون حتى الرجوع إلى المعنيين مباشرة بهذه القضايا والمشاكل. وينطبق هذا الاستعلاء على معظم القضايا التي تناقشها -عادة- مؤتمرات قمة هذه المجموعة.
****
وبتحليل سريع لبعض بياناتها الختامية، الصادرة في العقد الأخير بخاصة، تتضح الهيمنة الأمريكية على سياسات هذه المجموعة وتوجهاتها. فما تعتبره أمريكا حقا، كثيرا ما يكون على الست الأخرى أن تعتبره كذلك. وما تعتبره باطلا، غالبا ما تعتبره كل المجموعة باطلا. ومع ذلك، فإن لبقية الأعضاء تأثيرا لا بأس به على بعض سياسات هذه المجموعة. وكثيرا ما تتمكن المعارضة داخل هذه المجموعة من فرض رأيها.. خاصة إن كان يحظى بتأييد غالبية شعوبها.
ونضرب مثالا على ذلك: مسألة «تغير المناخ والاحتباس الحراري». فقد أجمعت «المجموعة» -خاصة في قمتها الأخيرةـ على: وجوب العمل بجدية أكبر لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض، الناجم عن زيادة النشاط التصنيعي البشرى.. الذي تنتج عنه: زيادة الغازات المتسببة في حصول الاحتباس الحراري، وتصاعد سخونة هذا الكوكب. الأمر الذي ينذر بكوارث بيئية فادحة.
ولكن الوفد الأمريكي كان دائما ما يضغط على البقية.. لتخفيف نص بند مكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض (الاحتباس الحراري).. لأن الخضوع لضوابط خفض انبعاث الكربون «قد يضر بالاقتصاد الأمريكي»، بسبب تحمل تكلفة حمائية إضافية. ولهذا، لم توقع الولايات المتحدة اتفاقية «كيوتو» المناخية، كما فعل البقية، وتعرقل – نتيجة لذلك – هذا الإجراء البيئي الإيجابي والضروري. ولكن أمريكا، وتحت ضغوط من أنصار البيئة، وافقت على العودة لاتفاقية باريس، وقبلت الالتزام بهدف طويل الأمد لحماية مناخ الأرض، عبر خفض انبعاث غاز الكربون.
وفي مؤتمرات قمم سابقة، استطاع بعض الأعضاء إقناع أمريكا بضرورة حل الصراع العربي– الإسرائيلي على أساس مبدأ الدولتين. وصدر في البيان الختامي تأكيد على ذلك. لكن كثيرا من هذه الإجراءات العادلة لا تجد طريقها نحو التنفيذ.. لتصبح مجرد «بروباجندا» إعلامية، يروجها أقوياء العالم.. للظهور بمظهر المهتم بحل مشاكل البشر الرئيسة، في الوقت الذي يعملون فيه بالفعل على تشديد قبضتهم على اقتصادات ومقدرات هذا العالم.