في خطوة مفاجئة وإن كانت متوقعة، استخدم الرئيس التونسي قيس سعيد سلطاته لفرض إجراءات استثنائية لتتناسب مع ما اعتبره تهديدا للدولة والمجتمع التونسي، نظرا للتطورات الأخيرة التي عصفت بالبلاد التونسية. ومنها المظاهرات التي انطلقت احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية وحالة الفساد المستشري في البلاد والآثار الكارثية لتفشي جائحة كورونا. ولعل السؤال الذي يحاول الجميع، سواء قوى سياسية أو مختصين وخبراء ومحللين، معرفة إجابته ينقسم إلى شقين، الأول: هل هناك من داع لاتخاذ هذه الإجراءات؟ والسؤال الثاني ما إذا كانت تلك الإجراءات كفيلة بإحداث التغيير المطلوب؟ وسوف نترك جانبا السؤال حول دستورية الإجراءات على أهمية الجدل الدائر حاليا في هذا الإطار وإن كنا نرى أن القضية سياسية ووطنية أكثر منها قانونية ودستورية، ولعلنا نترك لأهل الاختصاص الحديث حول هذه القضية القانونية الفقهية.
عشر سنوات عجاف عاشها الشعب التونسي حيث قامت حركة النهضة (الذراع التونسية لجماعة الإخوان المسلمين) بصياغة النظام السياسي وفقا لرؤيتها، وحيث كانت الطرف الوحيد المستعد من الناحية السياسية والتنظيمية عندما تمت الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي. نزلت الحركة الإخوانية بثقلها إلى الشارع بينما التيارات السياسية الأخرى كانت تتلمس طريقها في ظل ظروف غاية في التعقيد، وهذا ما أتاح لحركة النهضة أن تصوغ النظام السياسي التونسي بما يتناسب مع مصالحها. ومن نافلة القول إن فترة التأسيس شهدت تيارات سياسية أخرى، منها تيار الرئيس السابق المنصف المرزوقي وتيار رئيس البرلمان السابق مصطفى بن جعفر، ولكن الحركة استغلت انتهازية هذه الشخصيات السياسية وكثير من عناصر الطبقة السياسية لتحصل على ما تريد وهو كتابة دستور يتناسب مع رؤيتها ومصالحها. وعندما انتهت من هذه المهمة كانت أول من انقلب على رفقاء الدرب من هؤلاء الانتهازيين وراحت لتتحالف مع رجل الدولة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، لتنحني لعاصفة الرفض الشعبي وتضع شخصية تاريخية في الواجهة. فشلت المرحلة اللاحقة التي كانت تمثل النهضة عنوانها في الاستجابة لآمال وطموحات الشعب التونسي، بل بالعكس ترعرع الفكر المتطرف والإرهابي بفضل تسامح حركة النهضة معه وباتت تونس تصدر الجماعات الإرهابية إلى العالم العربي برمته. أما النواحي الإدارية والاقتصادية والصحية والقضائية فحدث ولا حرج، فشل يلاحق فشلا. لكن أسوأ ما أنتجته النهضة وحلفاؤها وشركاؤها هو النظام السياسي العقيم، العاجز عن الإنجاز، الغارق في جدل بيزنطي في الغالب يتمركز حول مصالح ضيقة شخصية وحزبية. الأزمة الحقيقية أن هذا النظام السياسي فشل في إصلاح نفسه من خلال الآليات التي اتخذها لإحداث التغيير، فكان لا بد من إجراءات جذرية قادرة على تغيير المشهد، وهذا ما يحاول الرئيس قيس سعيد فعله.
أما إذا ما كانت الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد كفيلة بإحداث التغيير المطلوب، فالإجابة في رسم الأيام القادمة وإذا ما كان الرئيس التونسي قادرا على الانتقال سريعا إلى بناء بنية سياسية تستجيب لمطالب الشعب التونسي، هذا الشعب يقف إلى جانب الرئيس ولكنه لن يستطيع الانتظار طويلا دون أن يرى خارطة طريق تنتشله من أوضاعه السيئة. حمى الله تونس من كل شر، أما حركة النهضة فإن تراجعها سوف يمثل مدماكا مهما في مقاومة التطرف والإرهاب الذي عصف بالمنطقة وأذاقها الويلات.
عشر سنوات عجاف عاشها الشعب التونسي حيث قامت حركة النهضة (الذراع التونسية لجماعة الإخوان المسلمين) بصياغة النظام السياسي وفقا لرؤيتها، وحيث كانت الطرف الوحيد المستعد من الناحية السياسية والتنظيمية عندما تمت الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي. نزلت الحركة الإخوانية بثقلها إلى الشارع بينما التيارات السياسية الأخرى كانت تتلمس طريقها في ظل ظروف غاية في التعقيد، وهذا ما أتاح لحركة النهضة أن تصوغ النظام السياسي التونسي بما يتناسب مع مصالحها. ومن نافلة القول إن فترة التأسيس شهدت تيارات سياسية أخرى، منها تيار الرئيس السابق المنصف المرزوقي وتيار رئيس البرلمان السابق مصطفى بن جعفر، ولكن الحركة استغلت انتهازية هذه الشخصيات السياسية وكثير من عناصر الطبقة السياسية لتحصل على ما تريد وهو كتابة دستور يتناسب مع رؤيتها ومصالحها. وعندما انتهت من هذه المهمة كانت أول من انقلب على رفقاء الدرب من هؤلاء الانتهازيين وراحت لتتحالف مع رجل الدولة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، لتنحني لعاصفة الرفض الشعبي وتضع شخصية تاريخية في الواجهة. فشلت المرحلة اللاحقة التي كانت تمثل النهضة عنوانها في الاستجابة لآمال وطموحات الشعب التونسي، بل بالعكس ترعرع الفكر المتطرف والإرهابي بفضل تسامح حركة النهضة معه وباتت تونس تصدر الجماعات الإرهابية إلى العالم العربي برمته. أما النواحي الإدارية والاقتصادية والصحية والقضائية فحدث ولا حرج، فشل يلاحق فشلا. لكن أسوأ ما أنتجته النهضة وحلفاؤها وشركاؤها هو النظام السياسي العقيم، العاجز عن الإنجاز، الغارق في جدل بيزنطي في الغالب يتمركز حول مصالح ضيقة شخصية وحزبية. الأزمة الحقيقية أن هذا النظام السياسي فشل في إصلاح نفسه من خلال الآليات التي اتخذها لإحداث التغيير، فكان لا بد من إجراءات جذرية قادرة على تغيير المشهد، وهذا ما يحاول الرئيس قيس سعيد فعله.
أما إذا ما كانت الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد كفيلة بإحداث التغيير المطلوب، فالإجابة في رسم الأيام القادمة وإذا ما كان الرئيس التونسي قادرا على الانتقال سريعا إلى بناء بنية سياسية تستجيب لمطالب الشعب التونسي، هذا الشعب يقف إلى جانب الرئيس ولكنه لن يستطيع الانتظار طويلا دون أن يرى خارطة طريق تنتشله من أوضاعه السيئة. حمى الله تونس من كل شر، أما حركة النهضة فإن تراجعها سوف يمثل مدماكا مهما في مقاومة التطرف والإرهاب الذي عصف بالمنطقة وأذاقها الويلات.