في كل دولة هناك مراكز قوى، لها نفوذ ونشاط سياسي إيجابي، وسلبي تجاه بلدها، وتجاه الدول التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع بلدها. وغالباً ما تحسب المؤسسات السياسية الرسمية (الحكومة بسلطاتها الثلاث)، والمؤسسات غير الرسمية (مؤسسات المجتمع المدني) وكذلك المؤسسات الإعلامية والثقافية ضمن هذه «المراكز». وتحفل الدولة العظمى الأولى في عالم اليوم، الولايات المتحدة، مثلها مثل أي دولة أخرى، بالكثير والعديد من «مراكز القوى» (Power Blocks) المختلفة، والمتنافرة أحياناً. ويعرف «مركز القوى» بأنه عبارة عن: مجموعة من الناس (متجسدة في فئة، أو مؤسسة، ذات هوية شبه مستقلة، وصفة مميزة) تحظى بنفوذ ملحوظ في بلادها، ولها أهداف سياسية محددة، ورؤى ومشاريع، كثيراً ما تختلف عن بقية مراكز القوى الأخرى، في الوطن الواحد، رغم أن كل هذه القوى تجمع فيما بينها أهدافا مشتركة، تندرج تحت مظلة وطنية واحدة، وبلد معين واحد.
ويمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من زاوية «الدولة» التي دائماً ما تكون قواها المؤسساتية الرئيسة تنحصر في: المؤسسات السياسية الرسمية (الحكومة بكل أجهزتها) والمؤسسات غير الرسمية (الأحزاب السياسية، جماعات الضغط والمصالح، الرأي العام)، أو ما يعرف بـ«مؤسسات المجتمع المدني»، إضافة إلى الشعب، بفئاته المختلفة. وتحديداً، يمكننا إيجاز هذه القوى (ولو تقريبياً) في أي بلد. ففي كل بلد توجد مراكز قوى مختلفة، يتفاوت نفوذها صعوداً وهبوطاً، من وقت لآخر، ومن حالة لأخرى. وقد يصل عدد أهمها أحياناً إلى المئات، في البلد الواحد.
****
ولو ركزنا على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بهدف التحديد التقريبي لأبرز وأهم «مراكز القوى» فيها، بشيء من الدقة والتبسيط، لأمكننا حصر أهم و«أقوى» عشرة مراكز قوى فيها على المستوى الفيدرالي، كما يلي:
1 – السلطة التشريعية: الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب).
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الرئيس ونائبه (البيت الأبيض) ومجلس الوزراء، والهيئات الفيدرالية.
3 – السلطة التنفيذية المصغرة (الحكومة المصغرة): التي تتكون من: الرئيس وكبار مستشاريه، وكل من رؤساء: الاستخبارات (CIA)، والمباحث الفيدرالية (FBI)، ووزراء الأمن القومي، الدفاع (البنتاجون)، الخارجية.
4 – السلطة القضائية: ممثلة في المحكمة الفيدرالية العليا.
5 – الأحزاب السياسية بأنواعها، وخاصة الحزبين الأكبر. ومعروف، أن هناك عدة أحزاب سياسية أمريكية، يتفاوت توجهها الأيديولوجي من أقصى المحافظة إلى أقصى الانفتاح. ولكن الغالبية العظمى للشعب الأمريكي انقسمت بين الحزبين الأكبر حالياً، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، لدرجة «احتكار» الحزبين لأكثر من 90% من أصوات الناخبين. الدستور الأمريكي لا ينص، بالطبع، على ذلك. ولكنه «التفضيل» الشعبي الراهن، والذي يتوقع له أن يتغير، ولكن في المدى الطويل.
6 – جماعات الضغط المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض. وفي مقدمة هذه الجماعات: المركب الصناعي- العسكري، اللوبي الصهيوني، لوبي الأسلحة الشخصية، لوبي شركات إنتاج التبغ... إلخ.
7 – جماعات الضغط والمصالح المتحررة.
8 – الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
9 – المثقفون والمفكرون، والمجتمع الأكاديمي.
10 – الشعب (الرأي العام بعامته). ويفترض أنه أقوى مركز قوى في أمريكا. ولكن، يحول دون ذلك انقسامه إلى جماعات وفئات مختلفة.
****
ويستحسن، بل يتوجب أحياناً، عندما يتحدث أحدنا عن «أمريكا» وسياساتها (أو أي دولة أخرى) أن يحدد «من» في أمريكا، أو في البلد المعني؟! الحكومة الأمريكية تمثل كل أمريكا. ولكن، هذا رسمياً، وسياسياً، أما فعلياً وواقعياً، فإن سياسة أمريكا وقراراتها تعتمد كثيراً على تأثير مواقف مراكز القوى التي نتحدث عنها. وأحياناً حتى في مركز القوى الواحد، نجد تفاوتاً واختلافاً في التوجه والاعتقاد.. الذي يتدرج من أقصى اليمين إلى اليمين المعتدل، فالوسط، فاليسار، فاليسار المتطرف، كما أشرنا.
هذا التنوع في الرؤى صحيح بالنسبة لأمريكا، وهي دولة عظمى تتكون من خمسين ولاية. كل ولاية شبه دولة، ولها ثقلها وتوجهها. وهو أيضا صحيح بالنسبة لأي دولة، مهما صغرت. الدقة والأمانة والموضوعية كلها أمور تتطلب تحديد مواقف «الفئة» في البلد المعني الذي تهم سياساتها طرف دولي معين. ففي التعميم هنا خلل كبير. ويلاحظ أن كل مركز قوى أمريكي له نظرة معينة، وتوجه معروف، أو شبه معروف، تجاه الأمم والقضايا السياسية المختلفة، ومنها الأمة العربية وقضاياها، خاصة في علاقاتها مع بلادهم..
وفي الوقت الحاضر، يمكننا، اجتهاداً واستناداً على ما هو معلن من مواقف هذه المراكز، أن نحدد – بصفة تقريبية – موقف وسياسة كل من مراكز القوى الأمريكية العشرة الأهم هذه، تجاه عالمنا العربي وقضاياه، بصفة عامة، كلياً وجزئياً. فأمريكا تهم، بوضعها الحالي كقوة عظمى، كل دول وشعوب العالم. ولا شك أنها يجب أن تهم معظم العرب، وبقوة، لما لها من تأثير عظيم على حياتهم، وخاصة السياسية. وسوف نحاول تلخيص مواقف هذه المراكز في مقالنا القادم، بإذن الله.
ويمكن أن ننظر إلى هذه المسألة من زاوية «الدولة» التي دائماً ما تكون قواها المؤسساتية الرئيسة تنحصر في: المؤسسات السياسية الرسمية (الحكومة بكل أجهزتها) والمؤسسات غير الرسمية (الأحزاب السياسية، جماعات الضغط والمصالح، الرأي العام)، أو ما يعرف بـ«مؤسسات المجتمع المدني»، إضافة إلى الشعب، بفئاته المختلفة. وتحديداً، يمكننا إيجاز هذه القوى (ولو تقريبياً) في أي بلد. ففي كل بلد توجد مراكز قوى مختلفة، يتفاوت نفوذها صعوداً وهبوطاً، من وقت لآخر، ومن حالة لأخرى. وقد يصل عدد أهمها أحياناً إلى المئات، في البلد الواحد.
****
ولو ركزنا على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بهدف التحديد التقريبي لأبرز وأهم «مراكز القوى» فيها، بشيء من الدقة والتبسيط، لأمكننا حصر أهم و«أقوى» عشرة مراكز قوى فيها على المستوى الفيدرالي، كما يلي:
1 – السلطة التشريعية: الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب).
2 – السلطة التنفيذية الكلية: الرئيس ونائبه (البيت الأبيض) ومجلس الوزراء، والهيئات الفيدرالية.
3 – السلطة التنفيذية المصغرة (الحكومة المصغرة): التي تتكون من: الرئيس وكبار مستشاريه، وكل من رؤساء: الاستخبارات (CIA)، والمباحث الفيدرالية (FBI)، ووزراء الأمن القومي، الدفاع (البنتاجون)، الخارجية.
4 – السلطة القضائية: ممثلة في المحكمة الفيدرالية العليا.
5 – الأحزاب السياسية بأنواعها، وخاصة الحزبين الأكبر. ومعروف، أن هناك عدة أحزاب سياسية أمريكية، يتفاوت توجهها الأيديولوجي من أقصى المحافظة إلى أقصى الانفتاح. ولكن الغالبية العظمى للشعب الأمريكي انقسمت بين الحزبين الأكبر حالياً، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، لدرجة «احتكار» الحزبين لأكثر من 90% من أصوات الناخبين. الدستور الأمريكي لا ينص، بالطبع، على ذلك. ولكنه «التفضيل» الشعبي الراهن، والذي يتوقع له أن يتغير، ولكن في المدى الطويل.
6 – جماعات الضغط المرتبطة مصالحها بسياسات البيت الأبيض. وفي مقدمة هذه الجماعات: المركب الصناعي- العسكري، اللوبي الصهيوني، لوبي الأسلحة الشخصية، لوبي شركات إنتاج التبغ... إلخ.
7 – جماعات الضغط والمصالح المتحررة.
8 – الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
9 – المثقفون والمفكرون، والمجتمع الأكاديمي.
10 – الشعب (الرأي العام بعامته). ويفترض أنه أقوى مركز قوى في أمريكا. ولكن، يحول دون ذلك انقسامه إلى جماعات وفئات مختلفة.
****
ويستحسن، بل يتوجب أحياناً، عندما يتحدث أحدنا عن «أمريكا» وسياساتها (أو أي دولة أخرى) أن يحدد «من» في أمريكا، أو في البلد المعني؟! الحكومة الأمريكية تمثل كل أمريكا. ولكن، هذا رسمياً، وسياسياً، أما فعلياً وواقعياً، فإن سياسة أمريكا وقراراتها تعتمد كثيراً على تأثير مواقف مراكز القوى التي نتحدث عنها. وأحياناً حتى في مركز القوى الواحد، نجد تفاوتاً واختلافاً في التوجه والاعتقاد.. الذي يتدرج من أقصى اليمين إلى اليمين المعتدل، فالوسط، فاليسار، فاليسار المتطرف، كما أشرنا.
هذا التنوع في الرؤى صحيح بالنسبة لأمريكا، وهي دولة عظمى تتكون من خمسين ولاية. كل ولاية شبه دولة، ولها ثقلها وتوجهها. وهو أيضا صحيح بالنسبة لأي دولة، مهما صغرت. الدقة والأمانة والموضوعية كلها أمور تتطلب تحديد مواقف «الفئة» في البلد المعني الذي تهم سياساتها طرف دولي معين. ففي التعميم هنا خلل كبير. ويلاحظ أن كل مركز قوى أمريكي له نظرة معينة، وتوجه معروف، أو شبه معروف، تجاه الأمم والقضايا السياسية المختلفة، ومنها الأمة العربية وقضاياها، خاصة في علاقاتها مع بلادهم..
وفي الوقت الحاضر، يمكننا، اجتهاداً واستناداً على ما هو معلن من مواقف هذه المراكز، أن نحدد – بصفة تقريبية – موقف وسياسة كل من مراكز القوى الأمريكية العشرة الأهم هذه، تجاه عالمنا العربي وقضاياه، بصفة عامة، كلياً وجزئياً. فأمريكا تهم، بوضعها الحالي كقوة عظمى، كل دول وشعوب العالم. ولا شك أنها يجب أن تهم معظم العرب، وبقوة، لما لها من تأثير عظيم على حياتهم، وخاصة السياسية. وسوف نحاول تلخيص مواقف هذه المراكز في مقالنا القادم، بإذن الله.