نطّ (مُطلق الريشة) من فوق شُرفة منزله الخشبية، ووقّع فوق رعش جارته (فكرة)، ولا أمداها تقول باسم الله على لحمي ودمي وتسمي بالرحمن الرحيم، إلا وهو ينط ثانية ليصل جناح العريفة، والعريفة ممدد سيقانه فوق العابر، مقابل شَرقة مطلع الربيع، ويفلّي سرواله، المنشور فوق ركبته، ويقصّع بأظفاره، الحشرات المتجمعة في الدكة طيلة ليالي ونهارات الشتاء التي لم تشرق لصباحاتها شمس، ومع كل قصعة يطلّع صوت شفطة هواء بين أسنانه.
افتجع كبير القرية، وقال: يا رجال أنت ما تفكك من النططة، خذوا عقلك، إن كان بغيت تأخذ عقلي، وأضاف: أخرعتني الله يخشعك، فقال الريشة: أنا خفيف عُمر، ومن هنيّه أقرب لي أنا دفعك. فعلّق: الله ربنا وربك، إن كان تستكرب، تطلع من الدرجة، وتنقز كما نقّاز القرود، والله ما معك من عقلك لُحسة.
قال: ما خلّاني أنقّز إلا اللي سمعته في الرادي، نشرة (هنا لندن) وجيت، أعطيك الهروج والأخبار اللي تكدّر الخاطر، واسمع شورك، فقال العريفة: عزّ الله أنك فيما تقدّم ما تنقل إلا ما يسرّ خاطري، وش غيّر مذهبك اليوم؟ فاستلم دفة الحديث؛ ما به من الأعلام إلا عفاك، وما طاري خلاف إلا على العدو، إلا وغير، صليت فرضي، واستقربت المصفاة، وفتحت الرادي وسمعت، أن أوروبه بيحربون آسيه، ومعهم سلاح لا هو جنبية ولا سيف ولا مزرفل، ما هلا دخان كما داخنة العرفجة يشمونه الناس ويموت الآدمي ولقمته في يده ما يمديه يحطها في ثمه، والبحر بيقطع، والأرزاق بتشح من الأسواق، ويمكن يمر شهور ما تلقى في السوق لا بايع ولا شاري.
قال العريفة: أُنحن في آخر زمان، وأتلى هجرة، ولو طاحت السما فوق الحيلة ما بيصيب كل واحد إلا على قدّ رأسه، وخلّ البُكا إلى يوم الأحزان، وتُكلاننا على فاطر السماوات والأرض، لكن اعلمني وش أغداهم يناغشون المحقان، وياهبون لأنفسهم طِلبة، وأضاف: لزوم بيتفاككون إذا عورتهم روسهم.
أقبل عليهم (محرّق العقشان) جنبيّته محزومة على خاصرته، وفي يده خوط ريحان، وقبل ما يقعد، قال: «وأنا رأسي مثل رأسك يحب الغيرزيّة»، وغرزه في عقال العريفة، فتواسى الكبير، وارتد سرواله في وسطه، وقال: عدّوا؛ نشرب لنا فنجال، وما قسم الله من قرص مجرفة الكهلة، فقال محرّق: «الله يبدّل مرقد التبن بفراش، وبنيّة مثل الغزالة عُنقها» ما درى أنها طالعة من الدرجة وفوق ظهرها حزمة حطب، فرجعت للوراء حتى تواسى حملها مع طرف بسطة الدرج، وقالت: وش تقول يا ملجّغ العُصبان، واستحبت عود من حطبها، وتوجّهت نحوه ناوية تفقش رأسه، فقام يسعى واندس وراء العريفة مردداً: تراني في وجهك يا عقيد القوم، وهي تحاول استرداد أنفاسها المتقطّعة وتهدده: أخرج يا الذلال. وبغت تهبده بالشون، لولا أن العريفة رفع يده ليدرّق عليه، وقال: فك الجنبيّة وهاتها، فمدّها له، وناولها قائلاً: هذا معداله، وابشري بما يطيّب خاطرك.
تناولت الجنبيّة، وعلّقتها في الزافر، وأدخلت الحطب، ومسحت بشرشفها العرق عن جبهتها، رصّت العيدان الصغار، فوق جمر بايت، وبدأت تنفخ، حتى ضكّت الداخنة، وضعت الحلّة على الكانون، وأنزلت من فوق الحمّالة طفية لحم، ونفضت الدود منها، ونصبت بغداها، وقال لها العريفة؛ احتصي الرفاقة، فقالت: واحد يستاهل الكرامة، والثاني؛ صورته حمامة، وألفاظه قمامة، بغى يضيق محرّق العقشان، فقال العريفة: لا تشره عليها هبيت لها تعبة، وتراها من صدقها.
قال مطلق: والله ما يحل لي غداك يا حَلِيلة شيخنا حتى توجّديني، فقالت: والله لو تطلب عيوني يا مطلق، قال: سامحي الغيثمة، تراه لعثة ؛ ما يعرف يوزن كلامه. فعلّقت: اركب العير ولا عليك من طقاعه.
نجح الغدا، فمدّت السفرة الخصف، وحملت صحن الدغابيس والمرق، ووضعته بينهم، ثم جاءت بغطاء القدر وفيه اللحمة، فقسم العريفة اللحمة ثلاث أقسام، ومدّ لمطلق؛ ضلعه، وحُلالة، وشحمة، وكرشة، ومعاء، ولمحرّق العقشان كماها، فأقسم ما تدب بطنه، وأنها منه للشيخة بنت الشيوخ، زوجة الشيخ، فقال مطلق: تبغي تعتقل جنبيتك، فتضاحك الجميع، وتناولت اللحمة؛ ودقّت الجدار بكوعها، فبدت بنتها من الطاقة، فقالت: تعالي خذي مرقة لك ولزوجك تبتلون خبزتكم فيها، فعلّق العريفة: اللحمة اللي أعطيتها بترسلها لزوج بنتها. علّق مطلق: كن رحيم ولا تكن ابن عم.
افتجع كبير القرية، وقال: يا رجال أنت ما تفكك من النططة، خذوا عقلك، إن كان بغيت تأخذ عقلي، وأضاف: أخرعتني الله يخشعك، فقال الريشة: أنا خفيف عُمر، ومن هنيّه أقرب لي أنا دفعك. فعلّق: الله ربنا وربك، إن كان تستكرب، تطلع من الدرجة، وتنقز كما نقّاز القرود، والله ما معك من عقلك لُحسة.
قال: ما خلّاني أنقّز إلا اللي سمعته في الرادي، نشرة (هنا لندن) وجيت، أعطيك الهروج والأخبار اللي تكدّر الخاطر، واسمع شورك، فقال العريفة: عزّ الله أنك فيما تقدّم ما تنقل إلا ما يسرّ خاطري، وش غيّر مذهبك اليوم؟ فاستلم دفة الحديث؛ ما به من الأعلام إلا عفاك، وما طاري خلاف إلا على العدو، إلا وغير، صليت فرضي، واستقربت المصفاة، وفتحت الرادي وسمعت، أن أوروبه بيحربون آسيه، ومعهم سلاح لا هو جنبية ولا سيف ولا مزرفل، ما هلا دخان كما داخنة العرفجة يشمونه الناس ويموت الآدمي ولقمته في يده ما يمديه يحطها في ثمه، والبحر بيقطع، والأرزاق بتشح من الأسواق، ويمكن يمر شهور ما تلقى في السوق لا بايع ولا شاري.
قال العريفة: أُنحن في آخر زمان، وأتلى هجرة، ولو طاحت السما فوق الحيلة ما بيصيب كل واحد إلا على قدّ رأسه، وخلّ البُكا إلى يوم الأحزان، وتُكلاننا على فاطر السماوات والأرض، لكن اعلمني وش أغداهم يناغشون المحقان، وياهبون لأنفسهم طِلبة، وأضاف: لزوم بيتفاككون إذا عورتهم روسهم.
أقبل عليهم (محرّق العقشان) جنبيّته محزومة على خاصرته، وفي يده خوط ريحان، وقبل ما يقعد، قال: «وأنا رأسي مثل رأسك يحب الغيرزيّة»، وغرزه في عقال العريفة، فتواسى الكبير، وارتد سرواله في وسطه، وقال: عدّوا؛ نشرب لنا فنجال، وما قسم الله من قرص مجرفة الكهلة، فقال محرّق: «الله يبدّل مرقد التبن بفراش، وبنيّة مثل الغزالة عُنقها» ما درى أنها طالعة من الدرجة وفوق ظهرها حزمة حطب، فرجعت للوراء حتى تواسى حملها مع طرف بسطة الدرج، وقالت: وش تقول يا ملجّغ العُصبان، واستحبت عود من حطبها، وتوجّهت نحوه ناوية تفقش رأسه، فقام يسعى واندس وراء العريفة مردداً: تراني في وجهك يا عقيد القوم، وهي تحاول استرداد أنفاسها المتقطّعة وتهدده: أخرج يا الذلال. وبغت تهبده بالشون، لولا أن العريفة رفع يده ليدرّق عليه، وقال: فك الجنبيّة وهاتها، فمدّها له، وناولها قائلاً: هذا معداله، وابشري بما يطيّب خاطرك.
تناولت الجنبيّة، وعلّقتها في الزافر، وأدخلت الحطب، ومسحت بشرشفها العرق عن جبهتها، رصّت العيدان الصغار، فوق جمر بايت، وبدأت تنفخ، حتى ضكّت الداخنة، وضعت الحلّة على الكانون، وأنزلت من فوق الحمّالة طفية لحم، ونفضت الدود منها، ونصبت بغداها، وقال لها العريفة؛ احتصي الرفاقة، فقالت: واحد يستاهل الكرامة، والثاني؛ صورته حمامة، وألفاظه قمامة، بغى يضيق محرّق العقشان، فقال العريفة: لا تشره عليها هبيت لها تعبة، وتراها من صدقها.
قال مطلق: والله ما يحل لي غداك يا حَلِيلة شيخنا حتى توجّديني، فقالت: والله لو تطلب عيوني يا مطلق، قال: سامحي الغيثمة، تراه لعثة ؛ ما يعرف يوزن كلامه. فعلّقت: اركب العير ولا عليك من طقاعه.
نجح الغدا، فمدّت السفرة الخصف، وحملت صحن الدغابيس والمرق، ووضعته بينهم، ثم جاءت بغطاء القدر وفيه اللحمة، فقسم العريفة اللحمة ثلاث أقسام، ومدّ لمطلق؛ ضلعه، وحُلالة، وشحمة، وكرشة، ومعاء، ولمحرّق العقشان كماها، فأقسم ما تدب بطنه، وأنها منه للشيخة بنت الشيوخ، زوجة الشيخ، فقال مطلق: تبغي تعتقل جنبيتك، فتضاحك الجميع، وتناولت اللحمة؛ ودقّت الجدار بكوعها، فبدت بنتها من الطاقة، فقالت: تعالي خذي مرقة لك ولزوجك تبتلون خبزتكم فيها، فعلّق العريفة: اللحمة اللي أعطيتها بترسلها لزوج بنتها. علّق مطلق: كن رحيم ولا تكن ابن عم.