-A +A
ماجد قاروب
الجميع يتفق على أهمية الحوكمة لقطاع الأعمال والشركات الكبرى والعائلية وحتى الصغيرة والمتوسطة، لأنها ببساطة شديدة دليل إرشادي للملاك وأصحاب المصلحة والنفوذ عن كيفية آلية الإدارة والتوظيف والاستثمار وفق قواعد الشفافية والإفصاح وتعارض المصالح لضمان السلوكيات الحميدة لحماية الشركة والأعمال لتحقيق الاستمرارية والاستدامة وضمان حقوق الجميع بدءاً من حقوق الاقتصاد الكلي العام وحقوق الموردين والمستفيدين، وكذلك حقوق الشركاء والمساهمين وخاصة صغارهم في الملكية التي لا تتيح لهم التدخل في الإدارة إلا في اجتماع الجمعية العمومية؛ بسبب قوة التصويت المستندة إلى حصص ملكية المجال لإحداث أي تغيير في قرارات مجلس الإدارة.

لذلك حرصت التشريعات على فرض قواعد الحوكمة ابتداء من الشركات العامة المطروحة للتداول في سوق الأسهم؛ لأنها تمثل انعكاساً حقيقياً لواقع التشريعات ذات العلاقة من الشركات والسوق المالية ولوائحه المتخصصة، ومن ضمنها لائحة الحوكمة، وأيضاً قوة عمل الهيئات والمؤسسات الحكومية المرتبطة بها مثل وزارة التجارة وهيئة السوق المالية وحتى السلطة القضائية من خلال القضاء التجاري في المحاكم التجارية أو لجان الفصل في مخالفات الأوراق المالية.


المشهد العام يوضح فهماً خاطئاً وسلبياً تجاه الحوكمة كثقافة وفكر وتطبيق يستخدمه كبار الملاك وأعضاء مجلس الإدارة ومعهم كبار التنفيذيين لإحكام السيطرة والنفوذ على مفاصل الشركة والعائلة والشركاء، خاصة الصغار منهم، ناهيك عن السيدات من زوجات أو أرامل أو الأيتام أو الأبناء الصغار وحتى الكبار منهم.

بكل أسف لا تستخدم الحوكمة للوصول إلى الإدارة الأفضل التي يكون لها العلم والتأهيل والثقافة لإدارة ناجحة للأعمال والعلاقات بين الشركاء ومجلس الإدارة وباقي المساهمين، لأن من يضعها -كما أسلفت- يرغب إلى السيطرة من خلال التستر خلف اللجان المنبثقة عن لائحة الحوكمة؛ لأن الملاك لن يتنازلوا عن رغبتهم في إدارة الشركات والأعمال بما يعكس نفوذهم وسيطرتهم على الأعمال.

الحوكمة ومن خلفها الإفصاح والشفافية وتعارض المصالح قواعد ومبادئ يجب فرضها من قبل هيئة السوق المالية ووزارة التجارة لتمكين أصحاب الخبرات والمؤهلات من إدارة الشركات والأعمال عند ترشيحهم بعيداً عن كبار الملاك للعمل باستقلالية وحياد حقيقي وكامل تجاه الأعمال والشركاء كبارهم وصغارهم على حد سواء، وبخلاف ذلك وبدون وجود لوائح دقيقة ومفصلة مع رقابة حقيقية وقوية تجاه الشركات والأعمال ستكون الحوكمة ولائحتها موجودة ضمن إطار التجميل الشكلي والهيكلي وليس لتحقيق الغايات والأهداف التي وضعت لأجلها خاصة في الشركات العامة والعائلية.

علينا أن نتذكر بأن الحوكمة هي للحد من استخدام واستغلال السلطة والنفوذ في غير صالح عامة المساهمين وتسعى لوجود إدارة رشيدة حكيمة من أعضاء مؤهلين ومستقلين ومحايدين لتأكيد مبدأ فصل السلطات والصلاحيات مع تعزيز الرقابة الداخلية المستندة على النزاهة والشفافية واحترام مبدأ تعارض المصالح لخدمة الشركة والأعمال والمساهمين والاقتصاد وليس كبار الملاك فقط.