إذا لم نستطع أن نرتقيَ بحاضرنا إلى تطلعاتنا وتخطيط مؤسساتنا ومستوى تشريعاتنا، فلا أقل من العودة إلى الواقع ومحاولة النهوض من ذلك الواقع إلى الحد الممكن، والذي قد لا يرضي تطلعاتنا ومؤسساتنا والتشريعات التي تم سنها اعتقادا بأننا نتجه للصعود إليها وباتجاهها.
نحن لا نعرف بدقة حجم الضرر والدمار الذي لحق بالطفولة جراء ما لحق بالبشرية ككل من متغيرات وتحولات سريعة وعميقة، هزت وغيرت كثيرا من المفاهيم والممارسات، بما فيها الطفولة والأمومة والأبوة «مثلث الطفل»! ربما أصبحنا اليوم بحاجة لإعادة تعريف مفهوم الطفولة، نزولا إلى المنحدر والسقوط الذي تراجعت إليه البشرية بعد كل ما تحقق من إنجازات قبل جائحة كورونا، ظننا معها أن تحقيق أهداف التنمية البشرية 2030 التي وضعتها الأمم المتحدة أمرا ممكنا ومتاحا.
لكن الانتكاسة التي تعانيها الطفولة في كثير من مناطق العالم، منذ سنوات وحتى قبل جائحة كورونا بزمن بعيد، نتيجة الحروب وحركة اللجوء والنزوح والأزمات البيئية والمناخية والصحية وما نتج عنها من أزمات اقتصادية وسياسية فرض واقعا جديدا، قد يحتم على خبراء الأمم المتحدة والتنمويين والمخططين والتربويين التعامل مع الزلزال النفسي، الاجتماعي وحتى البيولوجي الذي يعصف بالطفولة بما في ذلك من ارتدادات ناجمة عن تلك المتغيرات الدراماتيكية والتحولات العنيفة في مختلف دول العالم والتي أفقدت الطفولة والأمومة والأبوة الكثير من توازنها وأدوارها وتسببت بخلل جوهري حتم التعامل معها والتنازل عن كل ما أنجزته البشرية وحققته خلال العقود الماضية.
تجمع التعريفات النفسية والاجتماعية والقانونية والطبية على أن الطفولة هي المرحلة الزمنية الممتدة ما بين سن الولادة وحتى سن النضج والرشد، وتختلف هذه المرحلة من بيئة وبلد إلى بيئة وبلد ومن جيل إلى جيل، أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسف» فتضيف في تعريفها للأطفال، البعد التعليمي وممارسة اللعب، إضافة إلى البيئة المفعمة بالحب والدعم من البالغين بمن في ذلك دعم ومساندة العائلة والمجتمع للأطفال، بمنأى وبمعزل عن الخوف والإيذاء والاستغلال والعنف.
اليوم -ومع كل أسف- هناك ملايين الأطفال لم يعودوا محرومين من التعليم واللعب والبيئة الآمنة فحسب، لكنهم محرومون من الطعام والماء، خاصة في البلدان التي تشهد ويلات الحروب حيث يفتك الجوع والعطش بكل الأعمار خاصة الأطفال ومنها بطبيعة الأحوال اللاجئون والنازحون.
أما الأطفال الناجية بلدانهم من الحروب والكوارث والأزمات، فليسوا استثناءً من زلزال الطفولة، فهؤلاء تجبر بعضهم الظروف على الانخراط في سوق العمل ما نتج عنه ما يسمى ب«عمالة الأطفال»، كما أن الأطفال المحرومين من أسرهم ومن حنان الأبوة والأمومة ويتخذون من الشوارع مبيتا، بما بات يعرف بـ«أطفال الشوارع» فلا يزالون يشكلون وصمة عار أخلاقيا واجتماعيا في جبين مجتمعاتهم ودولهم والمنظمات التي ترعى وتهتم بالطفولة.
لكن ثالثة الأثافي التي تهدد الطفولة وتقوض مفهومها وتصادر براءتها وتلقائيتها وعفويتها، فهي التقنية الحديثة والتواصل الاجتماعي والإنترنت ومنتجاتها التي تجاوزت الترفيه إلى التعليم عن بعد بل إلى كافة التعاملات والممارسات بما يمثل انتهاكا لطقوس الطفولة وحقوق الطفل، ما يفقد الأطفال حقهم بالعيش بسلام وهدوء والحصول على التنشئة الإنسانية الطبيعية، في كنف أبوي، ينسجم مع متطلبات المرحلة العمرية. ويكفل حقوق الأطفال بالنأي بهم عن انتهاكات هذه المرحلة العمرية بكمية ونوعية المحتوى الذي تكتظ به الأجهزة الذكية من مواد وأفلام وألعاب خارج قدرة الأطفال الذهنية والعاطفية والنفسية والبيولوجية. ناهيك عما تتسبب به تلك الأجهزة الذكية من عزلة اجتماعية مبكرة للأطفال عن ذويهم وحرمانهم من التفاعل الأسري والاجتماعي والتَشكُل الذهني والنفسي والاجتماعي والعاطفي والمعرفي من خلال التفاعل مع محيطه الأسري والاجتماعي والمدرسي الحتمي والضروري.
فما الذي تبقى من الطفولة؟ وهل لدينا الوقت الكافي لتدارك بعض من حقوق الأطفال؟ أم أن التغييرات والتحولات الجارفة والتي تعصف بالبشرية هي أكبر وأسرع من أن نتدارك الطفولة أو أن نستردها، وأن علينا أن نقبل أطفالا بلا طفولة ونتعايش معها من الآن فصاعدا؟
نحن لا نعرف بدقة حجم الضرر والدمار الذي لحق بالطفولة جراء ما لحق بالبشرية ككل من متغيرات وتحولات سريعة وعميقة، هزت وغيرت كثيرا من المفاهيم والممارسات، بما فيها الطفولة والأمومة والأبوة «مثلث الطفل»! ربما أصبحنا اليوم بحاجة لإعادة تعريف مفهوم الطفولة، نزولا إلى المنحدر والسقوط الذي تراجعت إليه البشرية بعد كل ما تحقق من إنجازات قبل جائحة كورونا، ظننا معها أن تحقيق أهداف التنمية البشرية 2030 التي وضعتها الأمم المتحدة أمرا ممكنا ومتاحا.
لكن الانتكاسة التي تعانيها الطفولة في كثير من مناطق العالم، منذ سنوات وحتى قبل جائحة كورونا بزمن بعيد، نتيجة الحروب وحركة اللجوء والنزوح والأزمات البيئية والمناخية والصحية وما نتج عنها من أزمات اقتصادية وسياسية فرض واقعا جديدا، قد يحتم على خبراء الأمم المتحدة والتنمويين والمخططين والتربويين التعامل مع الزلزال النفسي، الاجتماعي وحتى البيولوجي الذي يعصف بالطفولة بما في ذلك من ارتدادات ناجمة عن تلك المتغيرات الدراماتيكية والتحولات العنيفة في مختلف دول العالم والتي أفقدت الطفولة والأمومة والأبوة الكثير من توازنها وأدوارها وتسببت بخلل جوهري حتم التعامل معها والتنازل عن كل ما أنجزته البشرية وحققته خلال العقود الماضية.
تجمع التعريفات النفسية والاجتماعية والقانونية والطبية على أن الطفولة هي المرحلة الزمنية الممتدة ما بين سن الولادة وحتى سن النضج والرشد، وتختلف هذه المرحلة من بيئة وبلد إلى بيئة وبلد ومن جيل إلى جيل، أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسف» فتضيف في تعريفها للأطفال، البعد التعليمي وممارسة اللعب، إضافة إلى البيئة المفعمة بالحب والدعم من البالغين بمن في ذلك دعم ومساندة العائلة والمجتمع للأطفال، بمنأى وبمعزل عن الخوف والإيذاء والاستغلال والعنف.
اليوم -ومع كل أسف- هناك ملايين الأطفال لم يعودوا محرومين من التعليم واللعب والبيئة الآمنة فحسب، لكنهم محرومون من الطعام والماء، خاصة في البلدان التي تشهد ويلات الحروب حيث يفتك الجوع والعطش بكل الأعمار خاصة الأطفال ومنها بطبيعة الأحوال اللاجئون والنازحون.
أما الأطفال الناجية بلدانهم من الحروب والكوارث والأزمات، فليسوا استثناءً من زلزال الطفولة، فهؤلاء تجبر بعضهم الظروف على الانخراط في سوق العمل ما نتج عنه ما يسمى ب«عمالة الأطفال»، كما أن الأطفال المحرومين من أسرهم ومن حنان الأبوة والأمومة ويتخذون من الشوارع مبيتا، بما بات يعرف بـ«أطفال الشوارع» فلا يزالون يشكلون وصمة عار أخلاقيا واجتماعيا في جبين مجتمعاتهم ودولهم والمنظمات التي ترعى وتهتم بالطفولة.
لكن ثالثة الأثافي التي تهدد الطفولة وتقوض مفهومها وتصادر براءتها وتلقائيتها وعفويتها، فهي التقنية الحديثة والتواصل الاجتماعي والإنترنت ومنتجاتها التي تجاوزت الترفيه إلى التعليم عن بعد بل إلى كافة التعاملات والممارسات بما يمثل انتهاكا لطقوس الطفولة وحقوق الطفل، ما يفقد الأطفال حقهم بالعيش بسلام وهدوء والحصول على التنشئة الإنسانية الطبيعية، في كنف أبوي، ينسجم مع متطلبات المرحلة العمرية. ويكفل حقوق الأطفال بالنأي بهم عن انتهاكات هذه المرحلة العمرية بكمية ونوعية المحتوى الذي تكتظ به الأجهزة الذكية من مواد وأفلام وألعاب خارج قدرة الأطفال الذهنية والعاطفية والنفسية والبيولوجية. ناهيك عما تتسبب به تلك الأجهزة الذكية من عزلة اجتماعية مبكرة للأطفال عن ذويهم وحرمانهم من التفاعل الأسري والاجتماعي والتَشكُل الذهني والنفسي والاجتماعي والعاطفي والمعرفي من خلال التفاعل مع محيطه الأسري والاجتماعي والمدرسي الحتمي والضروري.
فما الذي تبقى من الطفولة؟ وهل لدينا الوقت الكافي لتدارك بعض من حقوق الأطفال؟ أم أن التغييرات والتحولات الجارفة والتي تعصف بالبشرية هي أكبر وأسرع من أن نتدارك الطفولة أو أن نستردها، وأن علينا أن نقبل أطفالا بلا طفولة ونتعايش معها من الآن فصاعدا؟