-A +A
مي خالد
في تراثنا الشعبي القريب يظهر جنس نصف بشري أسطوري يسمى (صيد أسعد) وهو جنس ليس شبيه بالسعلوة المعروفة في تراثنا العربي القديم. لأن السعلوة مخلوق شرير ومتوحش، بينما صيد أسعد مخلوق شبه بشري غبي، وهذا الغباء تسبب في انقراضه.

أما جملة (صيد أسعد)، فهي أصلاً عبارة عن مثل له حكاية وهو أن أسعد هذا رجل خرج للصيد برفقة صديقه فوجدا جنساً بشرياً غريباً لكنه معروف عندهم ويؤكل، نصفه العلوي بشري والسفلي شبيه بالخروف، ومن بين الأعشاب قال أسعد هامساً لرفيقه وهو يشير للمخلوق الغريب صيدنا اليوم سمين، فأجاب فرد آخر من الفصيلة الغبية الغريبة وهو يضحك ولم يكن أسعد قد رآه: سمين من أكله للقليقلان «القليقلان عشبة». فحظي أسعد ذلك اليوم بصيدين ثمينين لفرط غباء هذه الفصيلة.


طبعاً هذه القصة من التاريخ الشفهي وهي لا بد قصة أسطورية، لكنها تكشف جذراً تاريخياً يمكن دراسته وهو وجود مخلوقات تمشي على اثنتين وربما تتكلم مثل البشر في تاريخ الجزيرة العربية.

تبدو الفكرة عجيبة حتى عندي أنا الآن وأنا أطرحها في هذا المقال القصير.

لكن قد تخف حدة العجب إن كنا على اطلاع بالأبحاث الأنثروبولوجية العالمية التي تقترح وجود فصائل بشرية متعددة غير الإنسان العاقل، وهي فصائل منقرضة بسبب الغباء وصغر حجم الدماغ، كما يقترح أكثر من عالم وباحث، هذه الأجناس مثل إنسان نياندرتال وغيره.

صحيح أن كثيراً من علماء المسلمين عارضوا نظرية التطور لعقود طويلة ولديهم في ذلك خطب ومحاضرات مطولة، وأنا شخصياً لست من المتحمسين لنظرية التطور بنسختها المشهورة ولا لأبحاث أصل الإنسان، فأبو البشرية عندي هو آدم عليه السلام، لكني بينما كنت أقرأ أحد كتب المؤرخ نوح يوفال هراري عن الإنسان العاقل وهو يعتقد في الكتاب أن هذه الأجناس البشرية المختلفة عاشت جنباً إلى جنب ولم تنجب بعضها ولم تكن سلالة واحدة، تذكرت سؤال الملائكة لله سبحانه وتعالى: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك»، وهذه إشارة تاريخية لطيفة لوجود أجناس تشبه البشر وسبقتهم على الأرض وقد يكون بعضهم لم ينقرض وعاش في جزيرتنا العربية حتى صادفهم أسعد. من يدري؟!.