قد يظن البعض أن زمن الصحوة قد ولى وانتهى إلى غير رجعة. غير أن الواقع قد يبوح ويظهر أنه مازال هناك شيء ما داخل نفوس كثير من الناس، بالرغم من جهود الدولة الموفقة في القضاء على سطوتهم ونفوذهم في المجتمع، وعلى رفع وصايتهم عن المنابر والتعليم.
لقد نجحت ما يسمى بالصحوة في صبغ كل أنواع البهجة وما زين الله من شهوات بالكراهية حتى وصلت إلى التحريم، كما أعدت المجتمع إلى رحلة ما بعد الحياة. مختزلة مرحلة الحياة ومشروع الحضارة والتنمية ومعطلة الحياة الاقتصادية، واضعةً مشروع الرحلة الأخيرة عنواناً رئيسياً لمشروعها الظلامي. مضللة المجتمع بمنظومة من التحريم والتحليل ورافعة شعار الخصوصية السعودية.
واستخدمت في سبيل ذلك سياسة التخويف والترهيب، وكما أشار الصديق الزميل الدكتور سعيد السريحي في كتابه «لكي لا نصحو ثانية» لقد كانت كتب الصحوة سداً منيعاً ضد أي فكر وحتى كتب الأصول والتراث الإسلامي، حيث قال: «لم تكن كتيبات دعاة الصحوة نافذة منفتحة على التراث الفقهي، كما لم تكن دليلاً عليه، وإنما كانت سداً ذريعاً بين الكتب الأصول وبين جمهور الناس وعامتهم، كانت تغييباً للكتب الأمهات وحضوراً لما يوجزه الصحويون منها، وباتت أسماء دعاة الصحوة هي المعروفة والمتداولة بين الناس، فإذا ما قيل لأحد قال الشافعي أو أبو حنيفة أو مالك رد عليك بل قال فلان وفلان وفلان، من الدعاة الذين لو حضر أحدهم مجلساً من مجالس أولئك العلماء والأئمة لما كان له مقعد بين طلابه وتلامذته».
صوّرت ورسمت الصحوة صورة مغايرة للواقع واستعانت واستدلت بكتب الوعّاظ لتبث كراهية الحياة وتأتي بصورة مغايرة للحياة والثقافة والفنون وما أنتجته الحضارة الإسلامية. وفي هذا الموضوع يقول الدكتور علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين: «يكون الوعظ ذا ضرر بليغ في تكوين الشخصية البشرية إذا كان ينشد أهدافاً معاكسة لقيم العرف الاجتماعي، فإذا ذهب الإنسان إلى المسجد أو إلى المدرسة، وأخذ يسمع وعظاً أفلاطونياً يحضه على ترك الدنيا مثلاً، أدى ذلك إلى تكوين أزمة نفسية فيه، فهو يحب الدنيا من أعماق قلبه ويود الاغتراف من مناهلها بكلتا يديه... والإنسان حين يسمع الواعظ يعظه بترك هذه الدنيا الخلابة يُمسي حائراً، فضميره يأمره بإطاعة الواعظ من ناحية ونفسه تجذبه من الناحية الثانية نحو الدنیا جذباً لا خلاص منه، فهو إذن واقع بين حجري الرحی».
ـ 2 ـ
لقد بنى فكر الصحوة حاجز خوف بيننا وبين الحياة، فأصبح البعض يتحرج من أمور طبيعية هي سنة من سنن الحياة، فعلى سبيل المثال الاختلاط أمر طبيعي وتزخر به كتب التراث جعلوه محرماً، الفنون بمعظم أنواعها حرموها ومنعوها وحطموا آلياتها.
إن حاجز الخوف من الحياة وبهجتها وكل ما فيها من إنسانيات مازال مسيطراً على البعض ويطل برأسه من داخلهم ويسيطر على فكرهم وينعكس على سلوكهم، ويا ليت هذا الحاجز يمنعهم من أكل حقوق الآخرين ويبعدهم عن القال والقيل والنميمة وسوء الأخلاق، ويدفعهم إلى مكارم الأخلاق التي تحث على الإنتاج والبذل والعطاء. حاجز الخوف فقط يكاد يكون منصبّاً على الحياة ونعيمها وشهواتها وغرائزها الطبيعية التي خلقها الله وزينها للتمتع بها.
حاجز الخوف الذي يسيطر على البعض قائم على مفهوم مغلوط وتفاسير خارجة عن النص وقراءات تخالف ما جرت عليه القرون الأولى التي حاولت الصحوة أن تخفيها وتحجبها عن الناس وتشبع عقولهم بخلاف الحقيقة.
التخلص من حاجز الخوف والإقدام على الحياة هو ما يجعلنا نبني حضارة تقوم على الانفتاح وقبول الآخر التي حاولت الصحوة (الغفوة) أن تحجبنا عنها بحاجز الخوف.
لقد نجحت ما يسمى بالصحوة في صبغ كل أنواع البهجة وما زين الله من شهوات بالكراهية حتى وصلت إلى التحريم، كما أعدت المجتمع إلى رحلة ما بعد الحياة. مختزلة مرحلة الحياة ومشروع الحضارة والتنمية ومعطلة الحياة الاقتصادية، واضعةً مشروع الرحلة الأخيرة عنواناً رئيسياً لمشروعها الظلامي. مضللة المجتمع بمنظومة من التحريم والتحليل ورافعة شعار الخصوصية السعودية.
واستخدمت في سبيل ذلك سياسة التخويف والترهيب، وكما أشار الصديق الزميل الدكتور سعيد السريحي في كتابه «لكي لا نصحو ثانية» لقد كانت كتب الصحوة سداً منيعاً ضد أي فكر وحتى كتب الأصول والتراث الإسلامي، حيث قال: «لم تكن كتيبات دعاة الصحوة نافذة منفتحة على التراث الفقهي، كما لم تكن دليلاً عليه، وإنما كانت سداً ذريعاً بين الكتب الأصول وبين جمهور الناس وعامتهم، كانت تغييباً للكتب الأمهات وحضوراً لما يوجزه الصحويون منها، وباتت أسماء دعاة الصحوة هي المعروفة والمتداولة بين الناس، فإذا ما قيل لأحد قال الشافعي أو أبو حنيفة أو مالك رد عليك بل قال فلان وفلان وفلان، من الدعاة الذين لو حضر أحدهم مجلساً من مجالس أولئك العلماء والأئمة لما كان له مقعد بين طلابه وتلامذته».
صوّرت ورسمت الصحوة صورة مغايرة للواقع واستعانت واستدلت بكتب الوعّاظ لتبث كراهية الحياة وتأتي بصورة مغايرة للحياة والثقافة والفنون وما أنتجته الحضارة الإسلامية. وفي هذا الموضوع يقول الدكتور علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين: «يكون الوعظ ذا ضرر بليغ في تكوين الشخصية البشرية إذا كان ينشد أهدافاً معاكسة لقيم العرف الاجتماعي، فإذا ذهب الإنسان إلى المسجد أو إلى المدرسة، وأخذ يسمع وعظاً أفلاطونياً يحضه على ترك الدنيا مثلاً، أدى ذلك إلى تكوين أزمة نفسية فيه، فهو يحب الدنيا من أعماق قلبه ويود الاغتراف من مناهلها بكلتا يديه... والإنسان حين يسمع الواعظ يعظه بترك هذه الدنيا الخلابة يُمسي حائراً، فضميره يأمره بإطاعة الواعظ من ناحية ونفسه تجذبه من الناحية الثانية نحو الدنیا جذباً لا خلاص منه، فهو إذن واقع بين حجري الرحی».
ـ 2 ـ
لقد بنى فكر الصحوة حاجز خوف بيننا وبين الحياة، فأصبح البعض يتحرج من أمور طبيعية هي سنة من سنن الحياة، فعلى سبيل المثال الاختلاط أمر طبيعي وتزخر به كتب التراث جعلوه محرماً، الفنون بمعظم أنواعها حرموها ومنعوها وحطموا آلياتها.
إن حاجز الخوف من الحياة وبهجتها وكل ما فيها من إنسانيات مازال مسيطراً على البعض ويطل برأسه من داخلهم ويسيطر على فكرهم وينعكس على سلوكهم، ويا ليت هذا الحاجز يمنعهم من أكل حقوق الآخرين ويبعدهم عن القال والقيل والنميمة وسوء الأخلاق، ويدفعهم إلى مكارم الأخلاق التي تحث على الإنتاج والبذل والعطاء. حاجز الخوف فقط يكاد يكون منصبّاً على الحياة ونعيمها وشهواتها وغرائزها الطبيعية التي خلقها الله وزينها للتمتع بها.
حاجز الخوف الذي يسيطر على البعض قائم على مفهوم مغلوط وتفاسير خارجة عن النص وقراءات تخالف ما جرت عليه القرون الأولى التي حاولت الصحوة أن تخفيها وتحجبها عن الناس وتشبع عقولهم بخلاف الحقيقة.
التخلص من حاجز الخوف والإقدام على الحياة هو ما يجعلنا نبني حضارة تقوم على الانفتاح وقبول الآخر التي حاولت الصحوة (الغفوة) أن تحجبنا عنها بحاجز الخوف.