في أعقاب مقتل رجل أمريكي أسود على يد شرطي أبيض أمام الكاميرات العام الماضي وما تبعها من احتجاجات ومظاهرات مليونية دامت لأشهر، حصل حراك لطلاب الجامعات جعلهم يمحصون ما يتلقونه من مناهج على ضوء الوعي الجديد الذي اكتسبوه ضد العنصرية كتدريس التاريخ من منظور الرجل الأبيض فتم تغيير مناهج التاريخ، لكن التطور الأهم حصل من طلاب الطب الذين بدأوا يكشفون إعلاميا ما يشهدونه من عنصرية طبية ضد النساء والأقليات، فمثلا في أمريكا والعالم تعاني النساء من خطأ تشخيص حالتهن مما يؤدي لموتهن أو تعرضهن لمضاعفات خطيرة أضعاف الرجال، كما بحالة الأزمات القلبية حيث تموت النساء جراءها بشكل أكبر من الرجال لأن الأطباء يفترضون أن النساء عاطفيات وهستيريات بطبعهن، ولذا يبالغن بوصف ما يعانينه من أعراض وآلام ولذا يتم إهمالهن، ولهذا حسب دراسة؛ تتضاعف فرص نجاة وشفاء مريضات القلب أن تعالجن عند طبيبة، ووجدت دراسة أخرى أنه بكثير من الحالات التي توصف فيها مسكنات قوية للرجال توصف للنساء مهدئات نفسية لذات الحالة وتبقى النساء يعانين الآلام المبرحة بلا مسكنات لأن الطبيب بمنظوره النمطي العنصري للإناث يرى أنهن كائنات عاطفية هستيرية تتوهم الألم والأعراض المرضية، والنتيجة النساء يتعرضن لنسبة أكبر من بتر الأطراف وفشل الأعضاء والمضاعفات والوفاة وتأخر اكتشاف الأمراض المستعصية لمراحل يصعب علاجها، وعندما تصف النساء معاناتهن من أضرار جانبية غير قياسية من الأدوية بدل أن يحقق فيها الطبيب تلقائيا ينفي كونها حقيقية ويقول باستهانة للمريضة إنها تتوهم، بينما أثبتت الدراسات صحة إصابة النساء بأعراض جانبية غير قياسية؛ والسبب أن التجارب الدوائية تجرى على الذكور فقط، وهناك اختلافات بيولوجية بين أجساد الذكور والإناث؛ ولذا تحدث الأدوية أضرارا جانبية بأجساد النساء لا تحدث للرجال ورغم إثبات هذه الحقيقة طبيا لا يزال يتم تجاهلها، ولو احترم الأطباء كلام النساء ولم يعتبروهن كائنات لا عقلانية هستيرية يتوهمن دائما ويبالغن وأخذوا آلامهن وما يصفنه من أعراض وأضرار على محمل الجدية لكانت أعداد لا تحصى من النساء ما زلن على قيد الحياة، والدراسات الطبية أثبتت مصداقية النساء وخطأ هذا المنظور العنصري الذكوري للأطباء، وأيضا من أنماط العنصرية الطبية ضد النساء أنه يتم اختزال المرأة بالوظيفة الإنجابية، وبالتالي يتم عزو أي أعراض وآلام إليها، فمثلا إن كانت غير متزوجة ينسب ألمها لهستيريا تتعلق بعدم الزواج، وإن كانت متزوجة ولم تنجب تنسب آلامها لهستيريا ناتجة عن تأخر إنجابها، وإن كانت متزوجة وتنجب فيفترضون أن كثرة الإنجاب والتقلبات الهرمونية سبب الهستيريا التي تجعلها تتوهم الألم والأعراض، ولا يأخذون آلامها وأعراضها على أنها تمثل مرضا مستقلا عن الوظيفة الإنجابية حتى يكون قد فات الأوان، بل حتى برامج التشخيص الطبية التي تستعملها شركات التأمين لتقييم حالات المرضى لوغاريتماتها مبرمجة بهذه الانحيازات العنصرية ضد الإناث والأقليات مما يحرمهم العلاج والتعويضات فمثلا هناك نظرية «طبائع العرق-Race norming» لم يتم إيقاف العمل بها إلا بعد المظاهرات كانت بموجبها تقع أخطاء فادحة بتشخيص أمراض الدماغ الانحلالية للنساء والأقليات لأن منطلقها هو المنظور العنصري القائل؛ إن النساء والأقليات أقل عقلا من رجال الأغلبية مما يؤدي لخطأ بتشخيص إصابتهم بأمراض كالزهايمر بسبب افتراض أن ضعف أدائهم العقلي ناتج عن جنسهم وعرقهم وليس عن المرض مما يعجل بتدهور حالتهم لأنه يحرمهم العلاج الذي يمكنه أن يخفف ويبطئ تسارع المرض، وأيضا من العنصرية الطبية تعليق القرارات الطبية ليس على مصلحة المرأة الطبية وإرادتها إنما على أهواء وليها، والأفدح تجده بمطالعة الهاشتاق السعودي الصادم #اوقفوا_عنف_التوليد بتويتر الذي غطته القنوات السعودية مثل «روتانا خليجية» ببرامجها يتحدث عن شيوع تعرض النساء للعنف المادي والمعنوي بمستشفياتنا عند الولادة من قبل الكوادر الطبية! هل يتعرض المرضى الرجال للعنف من قبل الكوادر الطبية عند إجرائهم عمليات بمستشفياتنا؟