تاريخياً وفلسفياً الدولة والسلطة نشأتا معاً. كما يجادل فلاسفة العقد الاجتماعي: جرى أولاً البحث عن سلطة سياسية كفيلة لإخراج المجتمع الإنساني البدائي من الحياة الطبيعية الفوضوية غير الآمنة، نتيجة للصراع الذي تذكيه ممارسة الحقوق والحريات الطبيعية بطريقة عشوائية غير منتظمة، فكانت السلطة، ومن ثم التحول للمجتمع المدني (الدولة).
في كل الأحوال: السلطة الوطنية هي أهم عناصر الدولة، خاصةً في نموذج الدولة القومية الحديثة، التي ظهرت عقب صلح ويستفاليا ١٦٤٨، الذي أنهى حرب الثلاثين عاماً في أوروبا.
لكن، في النهاية: الدولة شيء والسلطة السياسية التي تحكمها شيءٌ آخر. السلطةُ، في النهاية هي وسيلة لقيام واستقرار ودوام الدولة، وليس بقاء واستمرار الأولى متوقفاً على مصير الثانية. السلطةُ متغيرةٌ، بينما الدولة ثابتة وقائمة. بل إن الانفصال المادي والفلسفي والأخلاقي والقانوني بينهما، يُعَد ضماناً لاستمرار ومنعة الدولة وكفاءة وفاعلية ضرورة وجود السلطة السياسية وتمكينها من الحفاظ على حقوق وحريات الناس ودعم استقرار الدولة والذود عن أمنها، داخلياً وخارجياً.
الأنظمة السياسية، لا تختلف فقط في تحديد شكل العلاقة بين السلطات بعضها بعضاً، لكن أيضاً في مدى العلاقة العضوية بين الدولة والسلطة السياسية القائمة.
محاولةُ الخلط بين الدولة والسلطة، لها جذور تاريخية سحيقة. لا خلاف أن رأس الدولة هو رمزها القومي، إلا أن غيابه، سواء بصورة طبيعة أو بغيرها، لا يعني زوال الدولة. أما الزعم أن غياب رمز السلطة في الدولة، يعني زوال الدولة نفسها، فهذا قولٌ في الأساس يُراد منه ردع أي محاولة لتغيير النظام السياسي القائم.
هناك من أباطرة أوروبا مَنْ مزج بين سلطته والدولة، كما زعم لويس الرابع عشر (١٦٦١ – ١٧١٥)، عندما قال: أنا الدولة والدولة أنا، لتبرير سلطته المطلقة. في العصر الحديث، بعض عتاة الدكتاتوريين في الأنظمة الشمولية، مثل هتلر، يخلطون بين مصيرهم ومصير الدولة. في عهد هتلر كان شعار الحزب النازي (دولةٌ واحدةٌ، شعبٌ ألماني واحدٌ وفوهرر واحد). لذا كان آخر قرار لهتلر قبل انتحاره هو تطبيق سياسة الأرض المحروقة لحرث ألمانيا وتسويتها بالأرض، ليس من أجل عدم استفادة الأعداء من موارد وإمكانات ألمانيا، بعد احتلالها، بل أيضاً، كما قال: عقاباً للشعب الألماني الذي لم يدافع عن الرايخ الثالث، أي عن هتلر، نفسه.
في حقيقة الأمر ليس هناك من علاقة عضوية حيوية مباشرة بين الدولة والسلطة السياسية التي تحكمها. الدولة بعناصرها الثلاثة الرئيسية قائمة، بينما السلطة السياسية، تغييرها أو تبديلها، أو حتى زوالها، عن طريق الاحتلال الأجنبي لها، تظل قائمة، وأن تفقد هويتها الوطنية، لفترة قصيرة طالت أم قصرت. ألمانيا عادت موحدة بعد قرابة نصف قرن من الاحتلال والتقسيم.. ودول الاتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى والبلقان، عادت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. بينما يجري تغيير الحكومات سلمياً، بصورة دورية في بعض الدول الديمقراطية.. ويجري التغيير بصورة عنيفة، في بعض دول العالم الثالث، والدولة صامدة.
الدولة شيء، ونظامها السياسي شيءٌ آخر.
في كل الأحوال: السلطة الوطنية هي أهم عناصر الدولة، خاصةً في نموذج الدولة القومية الحديثة، التي ظهرت عقب صلح ويستفاليا ١٦٤٨، الذي أنهى حرب الثلاثين عاماً في أوروبا.
لكن، في النهاية: الدولة شيء والسلطة السياسية التي تحكمها شيءٌ آخر. السلطةُ، في النهاية هي وسيلة لقيام واستقرار ودوام الدولة، وليس بقاء واستمرار الأولى متوقفاً على مصير الثانية. السلطةُ متغيرةٌ، بينما الدولة ثابتة وقائمة. بل إن الانفصال المادي والفلسفي والأخلاقي والقانوني بينهما، يُعَد ضماناً لاستمرار ومنعة الدولة وكفاءة وفاعلية ضرورة وجود السلطة السياسية وتمكينها من الحفاظ على حقوق وحريات الناس ودعم استقرار الدولة والذود عن أمنها، داخلياً وخارجياً.
الأنظمة السياسية، لا تختلف فقط في تحديد شكل العلاقة بين السلطات بعضها بعضاً، لكن أيضاً في مدى العلاقة العضوية بين الدولة والسلطة السياسية القائمة.
محاولةُ الخلط بين الدولة والسلطة، لها جذور تاريخية سحيقة. لا خلاف أن رأس الدولة هو رمزها القومي، إلا أن غيابه، سواء بصورة طبيعة أو بغيرها، لا يعني زوال الدولة. أما الزعم أن غياب رمز السلطة في الدولة، يعني زوال الدولة نفسها، فهذا قولٌ في الأساس يُراد منه ردع أي محاولة لتغيير النظام السياسي القائم.
هناك من أباطرة أوروبا مَنْ مزج بين سلطته والدولة، كما زعم لويس الرابع عشر (١٦٦١ – ١٧١٥)، عندما قال: أنا الدولة والدولة أنا، لتبرير سلطته المطلقة. في العصر الحديث، بعض عتاة الدكتاتوريين في الأنظمة الشمولية، مثل هتلر، يخلطون بين مصيرهم ومصير الدولة. في عهد هتلر كان شعار الحزب النازي (دولةٌ واحدةٌ، شعبٌ ألماني واحدٌ وفوهرر واحد). لذا كان آخر قرار لهتلر قبل انتحاره هو تطبيق سياسة الأرض المحروقة لحرث ألمانيا وتسويتها بالأرض، ليس من أجل عدم استفادة الأعداء من موارد وإمكانات ألمانيا، بعد احتلالها، بل أيضاً، كما قال: عقاباً للشعب الألماني الذي لم يدافع عن الرايخ الثالث، أي عن هتلر، نفسه.
في حقيقة الأمر ليس هناك من علاقة عضوية حيوية مباشرة بين الدولة والسلطة السياسية التي تحكمها. الدولة بعناصرها الثلاثة الرئيسية قائمة، بينما السلطة السياسية، تغييرها أو تبديلها، أو حتى زوالها، عن طريق الاحتلال الأجنبي لها، تظل قائمة، وأن تفقد هويتها الوطنية، لفترة قصيرة طالت أم قصرت. ألمانيا عادت موحدة بعد قرابة نصف قرن من الاحتلال والتقسيم.. ودول الاتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى والبلقان، عادت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. بينما يجري تغيير الحكومات سلمياً، بصورة دورية في بعض الدول الديمقراطية.. ويجري التغيير بصورة عنيفة، في بعض دول العالم الثالث، والدولة صامدة.
الدولة شيء، ونظامها السياسي شيءٌ آخر.