للإيحاء السلبي أثره العميق في النفس البشرية، وللإيجابية دورها المعنوي، والناس تستبشر بالطبيب الذي يرفع معنوياتها بمبشرات المؤشرات الحيوية، فيما تنفر ممن يهوي بها للحضيض بالتفزيع والتخريع، والحكم الكلّي لا بد أن تنطبق صفاته على كل جُزئياته.
يجتهد البعض، من أفراد أو مؤسسات، في نشر إحصاءات ليست دقيقة، ولا يدرك أثر ما نشر إلا بعدما يفوت زمن التدارك أو الاستدراك، ومما يؤسف له سرعة اندفاعنا مع سيل رسائل التواصل، ونشرها دون تأمل ونظر وتثبّت مما ورد فيها، ولا إبداء وجهة النظر حولها. وبعض الدراسات وجودها مثل عدمها، فلا عِلمها نافع، ولا الجهل بها ضار.
وعندما تتناقل مواقع التواصل خارطة، عن الصحة النفسية في المملكة، وتحصي معدلات الخطورة، في كل المناطق، فربما تغدو الإحصائية مثار تندّر، وتفكّه، وربما أطلق البعض على سكان منطقة (نفسيّات) بحكم العيش والحياة في بقعة جغرافية فاتنة بإنسانها ومكانها، إلّا أن الموقف ليس موقف طُرفة، ومن طبيعة الزمن متسارع الإيقاع أن يحوّل البعض إلى ما يشبه آلة، أو ماكينة، إثر انشطار الأُسرة العنقودية، وتفكك الروابط الاجتماعية، وضغط نمط الحياة غير المألوف، الذي أربك خُطى المجتمع الهادئ.
ويمكن للمنصف، لو أراد التعرف على الإنسان في منطقة الباحة، أن يرصد معدلات الجريمة مثلاً، وسيلحظ أنها الأقل ولله الحمد، ثم إن منطقتنا زاخرة بالمبدعين والمبدعات، دراسةً، وعملاً، وفناً، وثقافة، ناهيك عن الأريحية والكرم الفائق، والموازي لما عند الجميع.
من الطبيعي أن يطرأ على إنسان المنطقة ما طرأ على غيره في كل المناطق، من تغيّر ظروفه الاجتماعية، وتحوّل البعض من منتجين يعملون طوال اليوم إلى مستهلكين، بفضل الوظائف التي وفّرتها دولتنا أعزها الله، ما أدخل بعضنا نفق رتابة، ولم يعد يحرق الطاقة السلبية بالزراعة والرعي والحركة، وقلّ النصيب أو انعدم من ضوء الشمس إلى حدّ ما. ولهذا تداعيات بسيطة، لا تصل إلى حد المرض النفسي.
حين كان الإنسان يعمل بيده ويكدح، كانت كينونته صلبة، تتفتت أمامها كل الحوادث القاسية والمفزعة، بينما اليوم لا يتحمل أبسط الإشكالات ولا يتصدى، أو يصمد لها كيانه الرخو.
وبمجرد وصلتني الإحصائية المتداولة من أسبوعين، والمتضمنة تصدّر منطقة الباحة بقية المناطق في احتمالية الإصابة باعتلالات نفسية، تواصلتُ مع الاستشاري النفسي الدكتور محمد الشاووش لسماع رأيه فيما تم تداوله عن خارطة توزيع نسب الأمراض النفسية على المناطق، الذي نفى بدوره صدقية ما شاع عن احتلال منطقة الباحة المرتبة الأولى بين المناطق السعودية في الأمراض النفسية بنسبة تجاوزت 23%، كما زعم البعض، وكشف عن عدم دقة النسب، كونها تُوحي بتشخيص شامل لمجمل الأمراض النفسية بينما مضمونها خاص بالاكتئاب، إضافةً إلى افتقارها إلى موضوعية تراعي المعايير اللازمة لمثل هذه الدراسات المسحية المُحكّمة، وأوضح الشاووش أن الدراسة أجرت المسح على شريحة لم يتجاوز عددها 538 إنساناً فقط، وأُخضعوا لاختبار مقنن ومكوّن من تسعة أسئلة موجهة لأصحاء يعانون من تقلبات المزاج واضطرابات النوم، وعدّ ما نجم عن المسح أعراض اكتئاب لا تعني بالضرورة الدخول في الحالة أو الإصابة بالمرض، قدر ما تنذر مؤشراتها بالمآلات إن لم يتم تفادي المُسببات.
وعدّ الشاووش مثل هذه الدراسة مزعجة للمواطن والمسؤول كونه يتم تناقلها على سبيل التندر من بعض المغردين، مشيراً إلى أن الدراسة تكشف معدل خطورة الأمراض النفسية بصفة عامة، لا نسب الإصابات، لافتاً إلى أن طارح أسئلة الاستبيان والمجيب ربما لا يدركان ما يترتب على السؤال والإجابة، وليسا على دراية كافية ومهارة تمكّن من الوصول لنتائج واقعية، مشيراً إلى تعرّض شرائح عدة لأعراض الاكتئاب لأسباب غير مَرَضيّة، مؤكداً أن دِقة تشخيص حالات المرض النفسي تستدعي فحصاً إكلينيكياً، وليس مجرد طرح استفهامات عابرة، واستقبال إجابات هوائية، مُفضية للتضخيم أكثر من اللازم.
وكشف الشاووش أن منظمة الصحة العالمية رصدت تصاعداً في معدلات الأمراض النفسية إثر امتداد جائحة كوفيد-19، لتصل نسب الإصابة إلى 5% عالمياً، وتطلّع إلى أن تستثمر اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية الدراسة لتحصين المناطق الأكثر عُرضة بخدمات صحة نفسية متخصصة ونوعية وشاملة ومؤهلة للوقاية والحد من انتشار مزيد من المتاعب.
يجتهد البعض، من أفراد أو مؤسسات، في نشر إحصاءات ليست دقيقة، ولا يدرك أثر ما نشر إلا بعدما يفوت زمن التدارك أو الاستدراك، ومما يؤسف له سرعة اندفاعنا مع سيل رسائل التواصل، ونشرها دون تأمل ونظر وتثبّت مما ورد فيها، ولا إبداء وجهة النظر حولها. وبعض الدراسات وجودها مثل عدمها، فلا عِلمها نافع، ولا الجهل بها ضار.
وعندما تتناقل مواقع التواصل خارطة، عن الصحة النفسية في المملكة، وتحصي معدلات الخطورة، في كل المناطق، فربما تغدو الإحصائية مثار تندّر، وتفكّه، وربما أطلق البعض على سكان منطقة (نفسيّات) بحكم العيش والحياة في بقعة جغرافية فاتنة بإنسانها ومكانها، إلّا أن الموقف ليس موقف طُرفة، ومن طبيعة الزمن متسارع الإيقاع أن يحوّل البعض إلى ما يشبه آلة، أو ماكينة، إثر انشطار الأُسرة العنقودية، وتفكك الروابط الاجتماعية، وضغط نمط الحياة غير المألوف، الذي أربك خُطى المجتمع الهادئ.
ويمكن للمنصف، لو أراد التعرف على الإنسان في منطقة الباحة، أن يرصد معدلات الجريمة مثلاً، وسيلحظ أنها الأقل ولله الحمد، ثم إن منطقتنا زاخرة بالمبدعين والمبدعات، دراسةً، وعملاً، وفناً، وثقافة، ناهيك عن الأريحية والكرم الفائق، والموازي لما عند الجميع.
من الطبيعي أن يطرأ على إنسان المنطقة ما طرأ على غيره في كل المناطق، من تغيّر ظروفه الاجتماعية، وتحوّل البعض من منتجين يعملون طوال اليوم إلى مستهلكين، بفضل الوظائف التي وفّرتها دولتنا أعزها الله، ما أدخل بعضنا نفق رتابة، ولم يعد يحرق الطاقة السلبية بالزراعة والرعي والحركة، وقلّ النصيب أو انعدم من ضوء الشمس إلى حدّ ما. ولهذا تداعيات بسيطة، لا تصل إلى حد المرض النفسي.
حين كان الإنسان يعمل بيده ويكدح، كانت كينونته صلبة، تتفتت أمامها كل الحوادث القاسية والمفزعة، بينما اليوم لا يتحمل أبسط الإشكالات ولا يتصدى، أو يصمد لها كيانه الرخو.
وبمجرد وصلتني الإحصائية المتداولة من أسبوعين، والمتضمنة تصدّر منطقة الباحة بقية المناطق في احتمالية الإصابة باعتلالات نفسية، تواصلتُ مع الاستشاري النفسي الدكتور محمد الشاووش لسماع رأيه فيما تم تداوله عن خارطة توزيع نسب الأمراض النفسية على المناطق، الذي نفى بدوره صدقية ما شاع عن احتلال منطقة الباحة المرتبة الأولى بين المناطق السعودية في الأمراض النفسية بنسبة تجاوزت 23%، كما زعم البعض، وكشف عن عدم دقة النسب، كونها تُوحي بتشخيص شامل لمجمل الأمراض النفسية بينما مضمونها خاص بالاكتئاب، إضافةً إلى افتقارها إلى موضوعية تراعي المعايير اللازمة لمثل هذه الدراسات المسحية المُحكّمة، وأوضح الشاووش أن الدراسة أجرت المسح على شريحة لم يتجاوز عددها 538 إنساناً فقط، وأُخضعوا لاختبار مقنن ومكوّن من تسعة أسئلة موجهة لأصحاء يعانون من تقلبات المزاج واضطرابات النوم، وعدّ ما نجم عن المسح أعراض اكتئاب لا تعني بالضرورة الدخول في الحالة أو الإصابة بالمرض، قدر ما تنذر مؤشراتها بالمآلات إن لم يتم تفادي المُسببات.
وعدّ الشاووش مثل هذه الدراسة مزعجة للمواطن والمسؤول كونه يتم تناقلها على سبيل التندر من بعض المغردين، مشيراً إلى أن الدراسة تكشف معدل خطورة الأمراض النفسية بصفة عامة، لا نسب الإصابات، لافتاً إلى أن طارح أسئلة الاستبيان والمجيب ربما لا يدركان ما يترتب على السؤال والإجابة، وليسا على دراية كافية ومهارة تمكّن من الوصول لنتائج واقعية، مشيراً إلى تعرّض شرائح عدة لأعراض الاكتئاب لأسباب غير مَرَضيّة، مؤكداً أن دِقة تشخيص حالات المرض النفسي تستدعي فحصاً إكلينيكياً، وليس مجرد طرح استفهامات عابرة، واستقبال إجابات هوائية، مُفضية للتضخيم أكثر من اللازم.
وكشف الشاووش أن منظمة الصحة العالمية رصدت تصاعداً في معدلات الأمراض النفسية إثر امتداد جائحة كوفيد-19، لتصل نسب الإصابة إلى 5% عالمياً، وتطلّع إلى أن تستثمر اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية الدراسة لتحصين المناطق الأكثر عُرضة بخدمات صحة نفسية متخصصة ونوعية وشاملة ومؤهلة للوقاية والحد من انتشار مزيد من المتاعب.