وفق إحصاءات مجلة فوربز العالمية لعام 2018، فقد تصدر طفل اسمه رايان لم يتجاوز عمره الأعوام الثمانية، قائمة المؤثرين على يوتيوب، والمشتركون في قناته وصلوا في فترة الإحصاء إلى أكثر من 22 مليوناً، وسجلت مقاطعه عن مراجعات ألعاب الأطفال مشاهدات عالية، تجاوزت في مجموعها 26 مليار مشاهدة، وبالمقارنة فإن المحتوى الجاد غير موجود في قائمة الكبار العشرة، وأتصور أنه لن يتواجد في قوائم مهمة وسيبقى طويلاً خارج المنافسة، وهذه الحقيقة تؤكد أمرين، الأول يخص شخصية المؤثر أو المشهور وأنه قد يكون في مرحلة الطفولة المبكرة أو محدود الثقافة، والثاني أن المحتوى الفارغ هو سيد الموقف في منصات التواصل الاجتماعي، والمسألة لا تختلف في الإعلام التقليدي، أو حتى في الإعلانات التجارية.
من أشكال التسطيح والقفز في الفراغ، ما قام به بعض الشباب الفرنسي مع فلسفة سارتر الوجودية المعروفة بالسارترية، وتحويلها إلى أزياء يلبسونها وتسريحة شعر وسلوك متجاوز، وبطريقة تجعلها بلا محتوى أو قيمة، ومن نماذج التفاهة العربية أفلام المقاولات التي انتشرت في فترة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، وشارك فيها نجوم شباك ومشاهير، وحققت أرباحاً كبيرة وجماهيرية، رغم أنها قامت على الإضحاك ودون خط درامي، وكذلك أسلوب التلقين الذي يكرس العقم الثقافي في التعليم العام، ولا يمكن الشخص من الدفاع عن معلوماته.
الفارغون لا يتحملون المسؤولية دائما، ومن الأمثلة، اعتراض الفيلسوفة هانا أرندت، على محاكمة الضابط الألماني الذي نقل اليهود بالقطارات لإعدامهم في غرف الغاز أيام الحكم النازي، ورفضها وصفه بمجرم الحرب والحكم بإعدامه، فهو في نظرها موظف بيروقراطي ينفذ الأوامر دون تفكير أو موقف مسبق، ولا يهمه إلا المحافظة على وظيفته وإكمال مسيرته المهنية، وفي رأيي، الفكرة نفسها يمارسها المشهور في السوشيال ميديا، ما يعني أنه قد يكون تافهاً رغم أنفه، فهو لا يستطيع طرح رأي يخالف السائد بين متابعيه، حتى لا يخسر جماهيريته ومكانته الرمزية في العالم الافتراضي.
ويليام جيمس يعتبر المنظر الأول عن البراغماتية، وقد رأى فيها أن منظومة القيم ليست ضرورية في الاقتصاد، وهذه المواقف وغيرها، بررت تسليع رأس المال الثقافي، وإخضاعه لمفهوم العرض والطلب، وأبجديات السوق الرأسمالي، مع ملاحظة أن التعريف وتطبيقاته تختلف باختلاف المجتمعات، وربما تفوق الغربيون على الآخرين في ذلك، وفيلم عرض ترومان للأمريكي جيم كيري يلخص مقدار التفاهة والتسليع التي يعيشها العالم.
محاربة التفاهة بدأها سقراط في القرن الخامس قبل الميلاد، وذلك لمواجهة من كانوا يحاولون تغيير مفاهيم ومعتقدات الناس، وفي المقابل يجلس مثقفو اليوم في أبراجهم العاجية بعيدين عن اهتمامات المجتمع، ومتفرغين لتوزيع التهم المجانبة على كل أحد، وأجد أن بعض التفاهة ضروري كالسم الذي نحتاجه في إنتاج الأدوية، وبشرط أن لا يسيطر على المشهد بالكامل.
من أشكال التسطيح والقفز في الفراغ، ما قام به بعض الشباب الفرنسي مع فلسفة سارتر الوجودية المعروفة بالسارترية، وتحويلها إلى أزياء يلبسونها وتسريحة شعر وسلوك متجاوز، وبطريقة تجعلها بلا محتوى أو قيمة، ومن نماذج التفاهة العربية أفلام المقاولات التي انتشرت في فترة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، وشارك فيها نجوم شباك ومشاهير، وحققت أرباحاً كبيرة وجماهيرية، رغم أنها قامت على الإضحاك ودون خط درامي، وكذلك أسلوب التلقين الذي يكرس العقم الثقافي في التعليم العام، ولا يمكن الشخص من الدفاع عن معلوماته.
الفارغون لا يتحملون المسؤولية دائما، ومن الأمثلة، اعتراض الفيلسوفة هانا أرندت، على محاكمة الضابط الألماني الذي نقل اليهود بالقطارات لإعدامهم في غرف الغاز أيام الحكم النازي، ورفضها وصفه بمجرم الحرب والحكم بإعدامه، فهو في نظرها موظف بيروقراطي ينفذ الأوامر دون تفكير أو موقف مسبق، ولا يهمه إلا المحافظة على وظيفته وإكمال مسيرته المهنية، وفي رأيي، الفكرة نفسها يمارسها المشهور في السوشيال ميديا، ما يعني أنه قد يكون تافهاً رغم أنفه، فهو لا يستطيع طرح رأي يخالف السائد بين متابعيه، حتى لا يخسر جماهيريته ومكانته الرمزية في العالم الافتراضي.
ويليام جيمس يعتبر المنظر الأول عن البراغماتية، وقد رأى فيها أن منظومة القيم ليست ضرورية في الاقتصاد، وهذه المواقف وغيرها، بررت تسليع رأس المال الثقافي، وإخضاعه لمفهوم العرض والطلب، وأبجديات السوق الرأسمالي، مع ملاحظة أن التعريف وتطبيقاته تختلف باختلاف المجتمعات، وربما تفوق الغربيون على الآخرين في ذلك، وفيلم عرض ترومان للأمريكي جيم كيري يلخص مقدار التفاهة والتسليع التي يعيشها العالم.
محاربة التفاهة بدأها سقراط في القرن الخامس قبل الميلاد، وذلك لمواجهة من كانوا يحاولون تغيير مفاهيم ومعتقدات الناس، وفي المقابل يجلس مثقفو اليوم في أبراجهم العاجية بعيدين عن اهتمامات المجتمع، ومتفرغين لتوزيع التهم المجانبة على كل أحد، وأجد أن بعض التفاهة ضروري كالسم الذي نحتاجه في إنتاج الأدوية، وبشرط أن لا يسيطر على المشهد بالكامل.