منح الملك سلمان بن عبد العزيز خلال الأسبوعين الماضيين جنسية المملكة العربية السعودية لعدد من الكفاءات العالمية والإسلامية والعربية. الخبر كان ملفتا للغاية من حيث تنوع الأسماء وتعدد تخصصاتها وحتى مرجعياتها العرقية والثقافية، وكأن الرياض تقول للعالم: إن المملكة لا تنحاز لا للعرق ولا لمذهب ولا لجنسية وليست لديها خصومة مع أحد، وأن السعودية الحديثة هي هي لم تتغير مبادئها السامية منذ بدء مشروعها الوحدوي على يدي الملك عبد العزيز قبل أكثر من مئة عام.
الملك عبد العزيز -رحمه الله- صاحب الرؤية الوحدوية عيّن مجموعة مهمة من المستشارين كوّنت نواة صلبة في المكاتب الخلفية للحكومة السعودية الدولة الناشئة والقادمة من آلية حكم الإمامة في الدولتين السابقتين، سعى من خلال تلك الكفاءات التي أضافها لمثيلاتها المحلية من أبناء المملكة إلى التحول نحو دولة مؤسساتية سعى إليها وبذل جهده لاكتمال أركانها.
في تلك المرحلة المبكرة من تاريخ البلاد كان حجم المشروع ضخما، وقلة التعليم والمعرفة في الأقاليم المختلفة معيقة، تستوجب من ملك البلاد إشراع الباب واسعا لاستقبال الكفاءات.
كان مشروع الملك عبد العزيز قد بدأ صداه يملأ أرجاء العالم العربي، وبدأ المؤمنون بالمشروع النهضوي الاتصال بمعارفهم في الرياض للقدوم إلى المملكة الفتية والشابة. ويأتي حافظ وهبة -الخبير في التعليم في حينها- كواحد من الأسماء المبكرة التي وفدت للرياض وأضافت لبلادها السعودية الكثير، فأصبح مستشارا وسفيرا في وقت لاحق للملك في بريطانيا، كما اشتهر بكونه مساهما مهما في تأسيس النظام التعليمي للمملكة ومؤرخا لتاريخها وملكها.
اتصل رشاد فرعون بزميله الطبيب مدحت شيخ الأرض - طبيب الملك عبد العزيز الخاص -، مبديا هو الآخر رغبته في لقاء الملك الذي أسس خلال فترة وجيزة أهم وحدة عربية ألهمت العالم العربي، وكان العرب حينها يتوقون لأي مشروع يواجه مشروع الدول الاستعمارية «العثمانيين، الإنجليز، الفرنسيين». وصل رشاد فرعون الطبيب الماهر إلى السعودية العام 1936م، ليلتقي الملك، الذي عيّنه طبيبا خاصا، ومن ثم مستشارا، ليتدرج بعدها في وظائف الدولة القيادية، وزيرا مفوضا في فرنسا ثم سفيرا في مدريد، وبعد وفاة الملك عبد العزيز تقلد وزارة الصحة، وأخيرا عيّنه الملك فيصل مستشارا في الديوان الملكي، واستمر في هذه الوظيفة في عهدي الملك خالد والملك فهد.
الأديب والسياسي والمثقف السوري الشيخ يوسف ياسين أصبح مستشارا للملك عبد العزيز ورافقه في رحلاته موثقا لها، كما عُيّن أول رئيس تحرير لجريدة أم القرى -الصحيفة الرسمية للمملكة-، وأول مدير للمطبوعات ورئيسا للشعبة السياسية. وبعد وفاة الملك عبد العزيز استمر مستشارا للملك سعود.
كانت للغة الإنجليزية في ذلك الوقت المبكر أهمية خاصة، ولأن الملك عبد العزيز حرص أيما حرص على متابعة الأخبار حول العالم لاتخاذ الموقف السياسي المناسب لها، فكان من المهم أن يحيط نفسه بمن يجيد هذه اللغة، ولذلك كانت للمستشار فؤاد أمين حمزة وهو باحث لبناني مكانته، ليعمل مترجما عند الملك عبد العزيز، ثم وكيلا للشؤون الخارجية، ثم وزيرا مفوضا في باريس وأنقرة، وأخيرا مستشارا للملك عبد العزيز.
وجاء البريطاني عبد الله فيلبي القادم من أصول غير عربية ومن ديانة مختلفة، والذي أسلم لاحقا، ليكون جسرا بين حضارتين، وممن يقترحون الآراء على الملك بحكم فهمه للإنجليز وطبيعتهم وتعقيد سياساتهم في المنطقة والعالم.
رشيد الكيلاني السياسي العراقي البارع، والذي تقلد منصب رئيس وزراء العراق لثلاث مرات أثناء العهد الملكي، التحق بخدمة الملك عبد العزيز كمستشار له، وكخبير في الإدارة.
بشير السعداوي السياسي الليبي البارز، عمل مستشارا للملك عبد العزيز العام 1937م، وهو مثل الكثير من المستشارين العرب الثقات الذين استقطبهم الملك المؤسس، والذي نظر للعالم العربي نظرة واحدة جامعة شاملة، وأراد من هذا التنوع أن يقترب أكثر من تفاصيل السياسة والمجتمعات العربية وخاصة في ليبيا والمغرب والتي بلا شك كان لها تأثيرها الإيجابي على بلاده.
يعد الدكتور عبد الله بن سعيد الدملوجي كما تصفه بعض المصادر بأنه أول من أنشأ نواة وزارة الخارجية في المملكة بعدما عمل مستشارا للشؤون الخارجية، وقد كلفه الملك عبد العزيز بالعديد من المهمات السياسية كترسيم الحدود مع العراق والكويت، كونه من أصول عراقية ولديه الخبرة والمعرفة الكاملة بالأراضي العراقية. ومن اللافت للنظر أن الدملوجي عاد إلى العراق لاحقا ليعمل وزيراً للخارجية.
خالد ياسين الحكيم، ذو الأصول السورية، استدعاه الملك إلى الرياض للعمل معه فكان من طاقم مستشاريه، وبحكم تخصصه في الهندسة العسكرية ساهم خلال خدمته مع الملك عبد العزيز في كثير من الملفات التي كلف بها.
رشدي ملحس أديب وكاتب فلسطيني جاء للسعودية على إثر دعوة تلقاها من صديقه يوسف ياسين رئيس الشعبة السياسية بالديوان الملكي السعودي في الرياض لتولي رئاسة تحرير جريدة أم القرى في مكة المكرمة، ومن ثم أصدر الملك قراره بتعيينه نائبا ليوسف ياسين في الشعبة السياسية.
ما سبق كانت إضاءات على بعض الأسماء ممن استقطبهم الملك المؤسس والذين عملوا تحت إدارته وغيرهم الكثير. وهنا تأتي أهمية ما قررته السعودية بقيادة الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، باستقطاب عدد مهم من الكفاءات والخبرات النوعية ومنحهم الجنسية السعودية، في وقت تتصارع الدول على جذب الملهمين والنابغين والموهوبين في تخصصات غاية في الأهمية والندرة، ليكونوا كفاءات إضافية ستسهم في تنفيذ رؤية المملكة الجديدة المنفتحة والمبادرة والتي وعد الأمير محمد بن سلمان بأنها لن تضيء المملكة فقط بل كل منطقة الشرق الأوسط محولة إياها إلى أوروبا جديدة.
الملك عبد العزيز -رحمه الله- صاحب الرؤية الوحدوية عيّن مجموعة مهمة من المستشارين كوّنت نواة صلبة في المكاتب الخلفية للحكومة السعودية الدولة الناشئة والقادمة من آلية حكم الإمامة في الدولتين السابقتين، سعى من خلال تلك الكفاءات التي أضافها لمثيلاتها المحلية من أبناء المملكة إلى التحول نحو دولة مؤسساتية سعى إليها وبذل جهده لاكتمال أركانها.
في تلك المرحلة المبكرة من تاريخ البلاد كان حجم المشروع ضخما، وقلة التعليم والمعرفة في الأقاليم المختلفة معيقة، تستوجب من ملك البلاد إشراع الباب واسعا لاستقبال الكفاءات.
كان مشروع الملك عبد العزيز قد بدأ صداه يملأ أرجاء العالم العربي، وبدأ المؤمنون بالمشروع النهضوي الاتصال بمعارفهم في الرياض للقدوم إلى المملكة الفتية والشابة. ويأتي حافظ وهبة -الخبير في التعليم في حينها- كواحد من الأسماء المبكرة التي وفدت للرياض وأضافت لبلادها السعودية الكثير، فأصبح مستشارا وسفيرا في وقت لاحق للملك في بريطانيا، كما اشتهر بكونه مساهما مهما في تأسيس النظام التعليمي للمملكة ومؤرخا لتاريخها وملكها.
اتصل رشاد فرعون بزميله الطبيب مدحت شيخ الأرض - طبيب الملك عبد العزيز الخاص -، مبديا هو الآخر رغبته في لقاء الملك الذي أسس خلال فترة وجيزة أهم وحدة عربية ألهمت العالم العربي، وكان العرب حينها يتوقون لأي مشروع يواجه مشروع الدول الاستعمارية «العثمانيين، الإنجليز، الفرنسيين». وصل رشاد فرعون الطبيب الماهر إلى السعودية العام 1936م، ليلتقي الملك، الذي عيّنه طبيبا خاصا، ومن ثم مستشارا، ليتدرج بعدها في وظائف الدولة القيادية، وزيرا مفوضا في فرنسا ثم سفيرا في مدريد، وبعد وفاة الملك عبد العزيز تقلد وزارة الصحة، وأخيرا عيّنه الملك فيصل مستشارا في الديوان الملكي، واستمر في هذه الوظيفة في عهدي الملك خالد والملك فهد.
الأديب والسياسي والمثقف السوري الشيخ يوسف ياسين أصبح مستشارا للملك عبد العزيز ورافقه في رحلاته موثقا لها، كما عُيّن أول رئيس تحرير لجريدة أم القرى -الصحيفة الرسمية للمملكة-، وأول مدير للمطبوعات ورئيسا للشعبة السياسية. وبعد وفاة الملك عبد العزيز استمر مستشارا للملك سعود.
كانت للغة الإنجليزية في ذلك الوقت المبكر أهمية خاصة، ولأن الملك عبد العزيز حرص أيما حرص على متابعة الأخبار حول العالم لاتخاذ الموقف السياسي المناسب لها، فكان من المهم أن يحيط نفسه بمن يجيد هذه اللغة، ولذلك كانت للمستشار فؤاد أمين حمزة وهو باحث لبناني مكانته، ليعمل مترجما عند الملك عبد العزيز، ثم وكيلا للشؤون الخارجية، ثم وزيرا مفوضا في باريس وأنقرة، وأخيرا مستشارا للملك عبد العزيز.
وجاء البريطاني عبد الله فيلبي القادم من أصول غير عربية ومن ديانة مختلفة، والذي أسلم لاحقا، ليكون جسرا بين حضارتين، وممن يقترحون الآراء على الملك بحكم فهمه للإنجليز وطبيعتهم وتعقيد سياساتهم في المنطقة والعالم.
رشيد الكيلاني السياسي العراقي البارع، والذي تقلد منصب رئيس وزراء العراق لثلاث مرات أثناء العهد الملكي، التحق بخدمة الملك عبد العزيز كمستشار له، وكخبير في الإدارة.
بشير السعداوي السياسي الليبي البارز، عمل مستشارا للملك عبد العزيز العام 1937م، وهو مثل الكثير من المستشارين العرب الثقات الذين استقطبهم الملك المؤسس، والذي نظر للعالم العربي نظرة واحدة جامعة شاملة، وأراد من هذا التنوع أن يقترب أكثر من تفاصيل السياسة والمجتمعات العربية وخاصة في ليبيا والمغرب والتي بلا شك كان لها تأثيرها الإيجابي على بلاده.
يعد الدكتور عبد الله بن سعيد الدملوجي كما تصفه بعض المصادر بأنه أول من أنشأ نواة وزارة الخارجية في المملكة بعدما عمل مستشارا للشؤون الخارجية، وقد كلفه الملك عبد العزيز بالعديد من المهمات السياسية كترسيم الحدود مع العراق والكويت، كونه من أصول عراقية ولديه الخبرة والمعرفة الكاملة بالأراضي العراقية. ومن اللافت للنظر أن الدملوجي عاد إلى العراق لاحقا ليعمل وزيراً للخارجية.
خالد ياسين الحكيم، ذو الأصول السورية، استدعاه الملك إلى الرياض للعمل معه فكان من طاقم مستشاريه، وبحكم تخصصه في الهندسة العسكرية ساهم خلال خدمته مع الملك عبد العزيز في كثير من الملفات التي كلف بها.
رشدي ملحس أديب وكاتب فلسطيني جاء للسعودية على إثر دعوة تلقاها من صديقه يوسف ياسين رئيس الشعبة السياسية بالديوان الملكي السعودي في الرياض لتولي رئاسة تحرير جريدة أم القرى في مكة المكرمة، ومن ثم أصدر الملك قراره بتعيينه نائبا ليوسف ياسين في الشعبة السياسية.
ما سبق كانت إضاءات على بعض الأسماء ممن استقطبهم الملك المؤسس والذين عملوا تحت إدارته وغيرهم الكثير. وهنا تأتي أهمية ما قررته السعودية بقيادة الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، باستقطاب عدد مهم من الكفاءات والخبرات النوعية ومنحهم الجنسية السعودية، في وقت تتصارع الدول على جذب الملهمين والنابغين والموهوبين في تخصصات غاية في الأهمية والندرة، ليكونوا كفاءات إضافية ستسهم في تنفيذ رؤية المملكة الجديدة المنفتحة والمبادرة والتي وعد الأمير محمد بن سلمان بأنها لن تضيء المملكة فقط بل كل منطقة الشرق الأوسط محولة إياها إلى أوروبا جديدة.