من أبشع وأقسى المقاطع التي يتداولها الناس هي تلك التي تظهر مهاجمة حيوان في حديقة الحيوان أو السيرك للعامل أو المدرب أو أحد من الجمهور؛ لأنها تتضمن مشاهد قضم وبتر للأطراف وتمزيق للإنسان وهو حي بين فكي ومخالب حيوان مفترس، وفي السعودية كما في كل العالم حصلت عدة حوادث صادمة من هذا النوع وأدت لمقتل الضحايا أو إصابتهم بإعاقات وعاهات وتشوهات دائمة، ومن جهة أخرى تبين إصابة حيوانات بحدائق الحيوان بعدوى كورونا ولذا فرض على حدائق الحيوان في كل العالم حجر صحي منذ بداية وباء كورونا ولعلها تكون فرصة داعمة لإنهاء وجودها؛ ففي الفقه الإسلامي هناك رأي فقهي يقول بحرمة حبس الحيوانات في الأقفاص لغاية التسلية لما فيه من تعذيب للحيوان دون ضرورة ولا حاجة، وهو رأي صحيح علميا؛ فعلماء الحيوان وثقوا حقيقة أن الحيوانات تصاب باضطرابات نفسية وعقلية وسلوكية حادة بحدائق الحيوانات وتظهر بصورة عنف هستيري يصل لدرجة أن يحاول الحيوان أذية وقتل نفسه أو قتل الآخرين، وأيضا يصاب بالشبق الجنسي لغياب النشاطات العملية المثيرة للحيوان وعدم وجود الجنس الآخر أو الفصل بين الجنسين لعدم الرغبة بتحمل الحديقة أعباء تناسلها وإن أرادت الحديقة توليد أحد الحيوانات بسبب نقص أعدادها فهذا يتم فقط عبر التلقيح الاصطناعي وتضطر حدائق الحيوان للتخلص منها لعدم مناسبة سلوكها هذا للأطفال، وكثيرا ما تضطر حدائق الحيوانات لوضع عقاقير نفسية ومهدئات للحيوانات بطعامها وشرابها للتخفيف من الآثار النفسية والعصبية السلبية لحبسها التي تصيبها بالتهيج العنيف ونزعات أذية الذات والاكتئاب الذي يجعلها تمتنع عن الأكل حتى الموت، ويتضاعف عذاب الحيوانات بكونه من المعتاد فصل الصغار عن أمهاتها مما يسبب الاضطرابات النفسية والسلوكية للأمهات والصغار، ويجعلها مفتقرة للخبرة الطبيعية بتربية الصغار وعندما تصبح أمهات تقوم بقتل صغارها ومهاجمتها ورفض إرضاعها؛ ولذا يؤخذ الصغير من أمه لكي لا تقتله وهذا سلوك لا يحصل من الأم أبدا في الطبيعة؛ لأنها تتعلم رعاية الصغار من المعايشة الاجتماعية في جماعتها، وغالبا تعاني الحيوانات من سوء التغذية وسوء المعاملة وأمراض ناتجة عن ظروف الحبس، وبالدول الفقيرة كثيرا ما تموت جوعا كما حصل بحدائق الحيوان في العراق وسوريا والسودان وليبيا واليمن وغزة وأفغانستان؛ ولذا هناك تيار عالمي قوي يطالب بإلغاء وجود حدائق الحيوانات البرية والمائية ومنع استعمال الحيوانات في السيرك لما فيها من أضرار ومعاناة على الحيوانات، وتجاوبا مع هذا التيار الإنساني الحقوقي لجأت عدد من أكبر شركات السيرك الغربية لاستبدال عروض الحيوانات الحية بعروض الصور ثلاثية الأبعاد المجسدة «الهولوجرامية» للحيوانات التي تبدو أكثر إثارة للحماسة والانبهار من الطبيعية، كما أن عددا من المتاحف الطبيعية في الغرب تولد صوراً هولوجرامية للحيوانات البرية والبحرية، وفي عدد من العروض الافتتاحية للمناسبات الرياضية والتكنلوجية الدولية مؤخرا كانت هناك عروض هولوجرامية للحيوانات فوق رؤوس الحضور، وبالإضافة للصور الهولوجرامية كبديل عن حبس الحيوانات في حدائق الحيوان وأقفاص السيرك فأيضاً المحميات الطبيعية تعتبر خيارا آخر أخلاقيا لأنها تسمح للحيوانات بأن تعيش دورة حياتها الطبيعية بحرية في المحمية ومن يريد مشاهدتها يدخل بسيارات المحمية المعدة لهذا الغرض التي تحمي الزوار من مهاجمة الحيوانات المفترسة وهذا يمكن أن يتضمن جمع الكلاب الضالة ووضعها بالمحميات بدل تسميمها، وعموما لا يمكن أن يستمر وجود حدائق الحيوان وأقفاص السيرك لفترة طويلة بسبب تنامي رفض الرأي العام لها؛ ولذا من سيبادر قبل غيره إلى منعها ستسجل له سابقة بالنسبة لحفظ حقوق الحيوان.