بتعيين شركة تويتر مؤخرا لمدير عام جديد من أصول هندية كبديل عن مؤسس الشركة تكون بهذا تقريبا جميع الشركات الأمريكية الكبرى الرائدة عالميا بمجالات التكنلوجيا والكومبيوتر والانترنت هي تحت إدارة مديرين هنود هاجروا من الهند بعد إتمام تعليمهم فيها، وهؤلاء يدفع لهم ما يدفع للمدير الأمريكي من رواتب مرتفعة وامتيازات فرخص اليد العاملة لا يشمل المديرين، ورغم كون الهنود يشكلون 1% من سكان أمريكا المهاجرين وهم بهذا من أصغر مجتمعات المهاجرين ومع هذا تم تعيينهم مديرين على أكبر شركاتها بشكل لا يتناسب مع قلة نسبة تعدادهم السكاني، ومن أكبر الشركات الأمريكية العالمية التي يديرها حاليا مهاجرون هنود «مايكروسوفت، جوجل، نوكيا، IBM، أدوبي سيستمز، Vimeo، جلوبال فاوندريز، سوفت بانك، سان ديسك، ببسي كولا، هارمن انترناشونال، سيتي جروب، كوجنيزانت تكنلوجي سليوشنز، كوست دايجنوستيكس، سيجما ألدريش، إل.اس. آي، GAP، بيتا» وغيرها، وبسبب كونها صارت ظاهرة ملفتة جرت دراسات عدة على أسباب تفضيل أكبر الشركات الأمريكية العالمية لتعيين مديرين هنود وتبين أن السبب؛ هو ما ذكرته بمقالي السابق من أنه بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي حصل بأمريكا عام 2008 وأظهرت الدراسات على أسبابه الجوهرية أنها تكمن بشخصيات المديرين حيث غالبهم يتصفون بالغرور والنرجسية السيكوباتية ونمط شخصياتهم السلبية انعكس على تبنيهم سياسات سلبية داخل وخارج الشركات متولدة عن غرورهم وليس عن حس المصلحة الحقيقية، ولذا حصلت يقظة وعي جذرية بأمريكا لأهمية شخصية المدير العام وأن يكون خاليا من الغرور والنرجسية السيكوباتية والنتيجة أنهم لم يجدوا إلا الهنود والنساء الأمريكيات موافقين لهذا الشرط لأن الثقافة الهندية الروحية متمحورة حول تربية النشأ على نبذ النرجسية/غرور الأنا باعتبارها مصدر كل الرذائل الكبرى، وأما بالنسبة لسبب تعيين النساء الأمريكيات بدل الرجال الأمريكيين فهو ذات سبب تعيين الهنود وهو أن النساء غالبا حتى بالثقافات النرجسية كالثقافة الأمريكية والعربية لا يكون لديهن تضخم بغرور الأنا والنرجسية السيكوباتية يعادل ذلك الذي يكون للذكور لأنها تقليديا تضخم مكانة الذكور فقط، ولذا توصلت دراسة لأكبر 500 شركة أمريكية للفترة 2001ــ 2004 إلى أن الشركات التي لديها أعلى نسبة من المديرات كانت أكثر ربحية وفاعلية من التي لديها أدنى نسبة من النساء بمجلس الإدارة، والسبب أن النساء يملـن لأسلوب الإدارة الديمقراطي التعاوني ويراعين النواحي الإنسانية للموظفين وهذا يحسن بيئة العمل ويجعلها إيجابية محفزة للموظفين، بينما الرجال يميلون للإدارة السلطوية الأنانية السلبية الأثر على الموظفين والعمل. ونرى اتجاها مماثلا بالسعودية كما ذكرت بمقالي «لماذا قد يفضلون توظيف السعوديات بدل السعوديين؟» 3/مايو/2019، وأوردت تقريرا للبروفيسور «Bernard Haykel» الأستاذ بجامعة برينستون العريقة والمتخصص بدراسة السعودية ومتابع لواقعها وعمل مستشارا فيها، قال: «إرادة إدماج السعوديات بسوق العمل سببها أن السعوديات أعلى تعليما وتأهيلا والتزاما وإنجازا وإنتاجية من الرجال السعوديين، ولذا التعويل الأكبر هو عليهن للتحول لاقتصاد إنتاجي» «النيويوركر، 8/ أبريل/2019». وإذا الثقافة الذكورية الأبوية النرجسية السيكوباتية هي التي تقصي المواطنين الرجال بكل العالم عن مناصب الإدارة العليا وليس وجود منافسة من النساء والأجانب، ولذا توطين مناصب الإدارات العليا يبدأ بإحداث تغيير ثقافي ينبذ ثقافة عنجهية غرور واستحقاق وسلطوية الثقافة الذكورية الأبوية العنصرية النرجسية السيكوباتية، ويستبدلها بثقافة المساواة والإنسانية والتعاون الديمقراطي، وهذا التغيير يبدأ من مناهج التعليم وتربية الوالدين لأبنائهم على المساواة وأن لا يجعلوا الذكور ينشأون على أنهم أفضل من غيرهم بعنصرهم الذكري ونسبهم وقبليتهم وجغرافيتهم وجنسيتهم وعرقهم ووضع أهلهم الاقتصادي، وترسيخ حقيقة أن معيار التفاضل الأوحد الصائب هو فقط «نوعية وعي الإنسان/التقوى» وانعكاسه على شخصيته وأخلاقه وسلوكه ومعاملته وأقواله وأفعاله وإنجازاته واثره بالعالم.