«العلاقات البينية العربية الخليجية»، هي: العلاقات السياسية والاقتصادية وتبعاتها، التي تربط فيما بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (الإمارات، البحرين، السعودية، عمان، قطر، الكويت).... أي: علاقات كل من هذه الدول الست - بهذا المعنى - بغيرها من الدول الخمس الأخرى. لقد أدت أحداث وتطورات، ودوافع متصاعدة القوة، مهددة لأمن هذه الدول، إلى قيام ما يمكن أن نسميه بـ «السياسة التعاونية الخليجية»، التي يمكن تعريفها بأنها: سياسات التقارب والتعاون التي أخذت الدول الست المذكورة تنتهجها تجاه بعضها البعض، منذ سنة 1971 (تاريخ استقلال البحرين وقطر والإمارات) حتى الآن (2021) والتي تمخضت (في عام 1981) عن قيام «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، كانعكاس لهذه السياسات، وتدعيماً وتجسيداً لها.
ولنستذكر أن أهم ما دفع لنشوء هذه السياسة التعاونية هو:
- نجاح الثورة الإيرانية في الإطاحة بشاه إيران، وقيام «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» (عام 1979) واتخاذ هذه الجمهورية سياسات توسعية عدائية نحو دول المجلس.
- تزايد الصراع الدولي والمناورات حول منطقة الخليج، بعد رحيل بريطانيا من المنطقة.
- نشوب الحرب العراقية - الإيرانية (1979 - 1988) وتهديدها لدول الجوار.
- التدخل العسكري للاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان.
- تصاعد التوتر في المنطقة جراء الاعتداءات الصهيونية على الأمة العربية.
****
ولعل أبرز ما أنجزته هذه السياسة، حتى الآن، هو: إقامة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عقد الاتفاقية الاقتصادية الموحدة عام 1981 أيضا، إنشاء قوات التدخل السريع الخليجية، المساهمة في تحرير دولة الكويت من الاحتلال الصدامي. ولو طبقت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، كما تنص بنودها، لأصبح هذا التكتل يمثل الآن، ومنذ العام 1990، «وحدة اقتصادية» كاملة. ولكن، لم يطبق من بنود هذه الاتفاقية سوى 20% تقريبا مما نصت عليه.
وكادت بعض الخلافات البينية، كما هو معروف، أن تطيح بكل السياسة التعاونية الخليجية، وبمجلسها التعاوني. إذ توقع المراقبون انهيارا مؤكدا لهذه السياسات «التعاونية». غير أن طبيعة العلاقات الأزلية فيما بين شعوب وحكومات هذه الدول، وقوة ما يربط فيما بينها من عرى، سرعان ما ضغطت لإعادة المياه إلى مجاريها، والأمور إلى نصابها... فكانت المصالحة التي جعلت ما حصل مجرد سحابة صيف عابرة، وإن كانت ذات مغزى، وقدمت دروسا لا بد من استيعابها من قبل كل المعنيين. وتوجت قمة «العلا» الخليجية، التي عقدت بمدينة العلا التاريخية المبهرة، يوم 5/1/2021، هذه المصالحة الأخوية، بعد قطيعة، كانت ضارة. ولكن يمكن القول عنها الآن بأنها: كانت ضارة نافعة. ولكنها الآن يمكن أن توصف بأنها نافعة... أي مفيدة لأخذ العبر منها، والحيلولة دون تكرارها.
****
ويبدو أن هناك رغبة شعبية خليجية قوية وواضحة في استمرار ودعم السياسة التعاونية الخليجية. وهناك استجابة من حكومات هذه الدول لهذا التطلع الشعبي، تلبية لهذه الرغبة الشعبية، أو تلبية شيء منها – على الأقل. وما زال «مجلس التعاون الخليجي» عبارة عن: منظمة دولية حكومية إقليمية شاملة، أو (بالمصطلح السياسي) اتحادا كونفدراليا. وتوجد في عالم اليوم عدة اتحادات كونفدرالية، لعل أبرزها «الاتحاد الأوربي». ويحضرني هنا ما يسمى بـ «مقياس درجة تضامن وتماسك الاتحاد الكونفدرالي»، أي اتحاد من هذا النوع. وفي دراسة قام بها عالم السياسة الأمريكي «ليون ليندبرج» لمدى تضامن الاتحاد الأوربي، عام 2004، حصل هذا الاتحاد على 3.2 درجة من 5. ولو حاولنا تطبيق نفس المقياس على مجلس التعاون، فلربما حصل على 1.5، أو أكثر قليلا.
والآن، وبعد قمة العلا، وحدوث «تغيرات» وتطورات كبيرة معروفة، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وجولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد - يحفظه الله - الخليجية، وانعقاد الجلسة رقم 41، للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، (القمة الخليجية 41) يتساءل البعض عن مستقبل «مجلس التعاون الخليجي». وإزاء ذلك، يمكن القول: إن هناك ثلاثة احتمالات ستصبح على أحدها هذه المنظمة، أو المجلس، في المدى القصير المنظور، ألا وهي:
1- استمرار المجلس على ما هو عليه، وعلى درجة التعاون التي هو عليها الآن... كما هو حاله منذ نشأته.
2- الانهيار، لا سمح الله، ولقاء نفس مصير «مجالس» التعاون العربية المصغرة الأخرى... وبخاصة: الاتحاد العربي المغاربي، ومجلس التعاون العربي...
3- التطور، والتحول إلى منظمة اتحادية إقليمية متماسكة... تلعب دوراً إيجابياً بارزاً وملموساً في حياة شعوب الدول الأعضاء... وتسهم في تنميتهم، في شتى المجالات، في إطار من التعاون الوثيق، الذي يكرس لخدمة المصالح (الحقيقية) المشتركة لهذه الشعوب، ومواجهة الأخطار المشتركة بفعالية أكبر.
****
ويعتقد أن الاحتمال الأول هو الأقرب للحصول، رغم أن كثيرا من الأحوال السياسية الكبيرة بالمنطقة لم تبق على ما كانت عليه. ونستبعد حصول الاحتمال الثاني... فهو أمر غير محتمل الآن. وهذه الدول في حاجة ماسة إلى دعم التعاون البيني، أكثر من أي وقت مضى. أما الاحتمال الثالث، فهو المأمول. ولكن حدوثه مرتبط بحصول تغيرات إيجابية في ومن الدول الست الأعضاء في هذه المنظومة.
ولنستذكر أن أهم ما دفع لنشوء هذه السياسة التعاونية هو:
- نجاح الثورة الإيرانية في الإطاحة بشاه إيران، وقيام «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» (عام 1979) واتخاذ هذه الجمهورية سياسات توسعية عدائية نحو دول المجلس.
- تزايد الصراع الدولي والمناورات حول منطقة الخليج، بعد رحيل بريطانيا من المنطقة.
- نشوب الحرب العراقية - الإيرانية (1979 - 1988) وتهديدها لدول الجوار.
- التدخل العسكري للاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان.
- تصاعد التوتر في المنطقة جراء الاعتداءات الصهيونية على الأمة العربية.
****
ولعل أبرز ما أنجزته هذه السياسة، حتى الآن، هو: إقامة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عقد الاتفاقية الاقتصادية الموحدة عام 1981 أيضا، إنشاء قوات التدخل السريع الخليجية، المساهمة في تحرير دولة الكويت من الاحتلال الصدامي. ولو طبقت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، كما تنص بنودها، لأصبح هذا التكتل يمثل الآن، ومنذ العام 1990، «وحدة اقتصادية» كاملة. ولكن، لم يطبق من بنود هذه الاتفاقية سوى 20% تقريبا مما نصت عليه.
وكادت بعض الخلافات البينية، كما هو معروف، أن تطيح بكل السياسة التعاونية الخليجية، وبمجلسها التعاوني. إذ توقع المراقبون انهيارا مؤكدا لهذه السياسات «التعاونية». غير أن طبيعة العلاقات الأزلية فيما بين شعوب وحكومات هذه الدول، وقوة ما يربط فيما بينها من عرى، سرعان ما ضغطت لإعادة المياه إلى مجاريها، والأمور إلى نصابها... فكانت المصالحة التي جعلت ما حصل مجرد سحابة صيف عابرة، وإن كانت ذات مغزى، وقدمت دروسا لا بد من استيعابها من قبل كل المعنيين. وتوجت قمة «العلا» الخليجية، التي عقدت بمدينة العلا التاريخية المبهرة، يوم 5/1/2021، هذه المصالحة الأخوية، بعد قطيعة، كانت ضارة. ولكن يمكن القول عنها الآن بأنها: كانت ضارة نافعة. ولكنها الآن يمكن أن توصف بأنها نافعة... أي مفيدة لأخذ العبر منها، والحيلولة دون تكرارها.
****
ويبدو أن هناك رغبة شعبية خليجية قوية وواضحة في استمرار ودعم السياسة التعاونية الخليجية. وهناك استجابة من حكومات هذه الدول لهذا التطلع الشعبي، تلبية لهذه الرغبة الشعبية، أو تلبية شيء منها – على الأقل. وما زال «مجلس التعاون الخليجي» عبارة عن: منظمة دولية حكومية إقليمية شاملة، أو (بالمصطلح السياسي) اتحادا كونفدراليا. وتوجد في عالم اليوم عدة اتحادات كونفدرالية، لعل أبرزها «الاتحاد الأوربي». ويحضرني هنا ما يسمى بـ «مقياس درجة تضامن وتماسك الاتحاد الكونفدرالي»، أي اتحاد من هذا النوع. وفي دراسة قام بها عالم السياسة الأمريكي «ليون ليندبرج» لمدى تضامن الاتحاد الأوربي، عام 2004، حصل هذا الاتحاد على 3.2 درجة من 5. ولو حاولنا تطبيق نفس المقياس على مجلس التعاون، فلربما حصل على 1.5، أو أكثر قليلا.
والآن، وبعد قمة العلا، وحدوث «تغيرات» وتطورات كبيرة معروفة، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وجولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد - يحفظه الله - الخليجية، وانعقاد الجلسة رقم 41، للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، (القمة الخليجية 41) يتساءل البعض عن مستقبل «مجلس التعاون الخليجي». وإزاء ذلك، يمكن القول: إن هناك ثلاثة احتمالات ستصبح على أحدها هذه المنظمة، أو المجلس، في المدى القصير المنظور، ألا وهي:
1- استمرار المجلس على ما هو عليه، وعلى درجة التعاون التي هو عليها الآن... كما هو حاله منذ نشأته.
2- الانهيار، لا سمح الله، ولقاء نفس مصير «مجالس» التعاون العربية المصغرة الأخرى... وبخاصة: الاتحاد العربي المغاربي، ومجلس التعاون العربي...
3- التطور، والتحول إلى منظمة اتحادية إقليمية متماسكة... تلعب دوراً إيجابياً بارزاً وملموساً في حياة شعوب الدول الأعضاء... وتسهم في تنميتهم، في شتى المجالات، في إطار من التعاون الوثيق، الذي يكرس لخدمة المصالح (الحقيقية) المشتركة لهذه الشعوب، ومواجهة الأخطار المشتركة بفعالية أكبر.
****
ويعتقد أن الاحتمال الأول هو الأقرب للحصول، رغم أن كثيرا من الأحوال السياسية الكبيرة بالمنطقة لم تبق على ما كانت عليه. ونستبعد حصول الاحتمال الثاني... فهو أمر غير محتمل الآن. وهذه الدول في حاجة ماسة إلى دعم التعاون البيني، أكثر من أي وقت مضى. أما الاحتمال الثالث، فهو المأمول. ولكن حدوثه مرتبط بحصول تغيرات إيجابية في ومن الدول الست الأعضاء في هذه المنظومة.