-A +A
بدر بن سعود
يوم أول من أمس وافق اليوم العالمي للغة العربية، والذي اعتمدته اليونسكو في 2012، وذلك بالإحالة على اليوم الذي أدخلت فيه العربية كلغة رسمية سادسة في الأمم المتحدة، وتم هذا قبل 49 عاماً بمبادرة من المملكة والمغرب، وتجري محاولات في الوقت الحالي لإدخالها ضمن لغات الفيفا، وهو أمر جيد ومطلوب لولا أن العرب لديهم مشكلة مع لغتهم الأصلية، فإحصاءات البنك الدولي لعام 2021 تشير إلى أن 68% من الذكور العرب في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة وفهم نص صغير باللغة العربية، وهذه النسبة تعتبر الأعلى على مستوى العالم، والمهارات اللغوية للطالب العربي في المرحلة الثانوية، وفق التقارير الأممية، توازي ما يفترض أن يحصل عليه في الابتدائية، وما قيل يخص اللغة العربية للناطقين بها، ويعتقد خبراء اليونسكو أن المسؤولية تتحملها سياسات التعليم العربية، لأنها جامدة وتفتقد إلى الإمتاع، ولا تزود الطلاب بالأدوات المناسبة لتنمية مهاراتهم باللغة العربية.

بعض الناس يعتقد أن اللغات الأجنبية أسهل وأفضل من العربية، ولعل السبب يعود في جزء منه إلى أن كليات التربية والمؤسسات التعليمية تهتم بالجانب النظري وحده في تأهيل كوادرها، بينما تعتمد نظيراتها في أمريكا وأوروبا أو حتى في سنغافورة على الجانب العملي والمهاري أكثر من غيره، وتأخذ بأسلوب التدريب الميداني ومحاكاة الممارسات الجيدة.


الطفل العادي لديه القدرة على تعلم أربع لغات، في المتوسط، خلال الفترة ما بين مرحلتي الطفولة المبكرة وسن السادسة، وتتشكل قدرته على فهم اللغة وما وراء الكلمات في سن الثامنة، وإذا وصل الطفل إلى سن الثانية عشرة وهو يتكلم بلغة غير عربية، فإن هذه اللغة بكامل حمولتها الثقافية والتاريخية والسلوكية ستمثل لغته المرجعية وهويته، ولن يفهم من بقية اللغات إلا شكلها واستخداماتها العامة ومعانيها المباشرة.

إسرائيل ومعها إيران حرصتا على جودة التعليم وتوحيد الهوية، ووظفتا اللغتين العبرية والفارسية كلغة مرجعية لكل مواطنيهما، رغم اختلاف أعراقهما ولغاتهما الأصلية، واستطاعت بواسطتهما بناء كوادر قادرة على خدمة مصالحهما وتطلعاتهما، وعلى تحقيق أهدافهما في الداخل والخارج.

اللغة تتجاوز العرق والجغرافيا إلى تكوين الهوية بكامل تفاصيلها، ومن أدواتها المهمة برامج التعليم الترفيهي للأطفال، فهو صناعة ضخمة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، والإقبال عليها كبير في العالمين العربي والغربي، ولكنها في معظمها ناطقة بالإنجليزية، والأطفال العرب يشاهدونها لمدة تصل إلى 24 ساعة في الأسبوع الواحد، ويستخدمونها في إثراء قاموسهم اللغوي وتطوير مهاراتهم وسلوكياتهم المختلفة في فترة الطفولة المبكرة، ومن أمثلتها المعروفة، (بيلبي) و(كوكو ميلون)، ونحتاج إلى تجارب تعريب تشبه برنامج افتح يا سمسم، المأخوذ من شارع سمسم الأمريكي، وتحديداً في نسختيه ما بين عامي 1979 و1982، وفي شخصيات من نوع نعمان وملسون، حتى نعيد إلى اللغة العربية شيئا من كبريائها ومجدها القديم.