يتوفّر في داخلي إعجاب كبير، وزهو وافتخار بصنيع قيادتنا الرشيدة منذ المؤسس وحتى اليوم بحرصها على تطوير وخدمة الحرمين الشريفين، بما وفّر بيئة، ومناخًا، وخدمات؛ ميسرة معينة على أداء الشعائر والعبادات فيهما على وجه من الطمأنينة، والسكينة والوقار، والخشوع، وهو مناط الأمر وغايته، والمقصد الأسمى الذي تتغيّاه كل المشاريع التوسعية التي تنافس على تنفيذها ملوك هذه البلاد المباركة. فجميع هذه المشاريع حافظت على جوهر العبادات المتعلّق باستشعار معناها، والغاية منها، وضرورة تأديتها على الوجه الذي أمر الله عز وجل به..
وهو أمر ضروري بالنظر إلى تزايد عدد الحجاج والمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين، بما تطلّب تنفيذ هذه المشاريع التوسعية، بكل كرم وأريحية، لا ينكرها إلا مكابر ولا يستطيع أن يؤدي حقها إلا من سخره الله لذلك، وجعله قائمًا عليها.
ومع تسليمي المطلق بتطور الحياة وسطوة العالم الرقمي، والتقنيات الحديثة وسيطرتها على مفاصل الحياة؛ لكن يبقى أمر تسخيرها في العبادات والتي الأصل فيها الوقف وأن يكون مشروطًا ومتسقًا مع روحانية هذه العبادات وأدائها، وأن لا يخرجها من دائرة الخشوع والطمأنينة، وأن تكون لما شرعت له والغايات الأسمى لها، إلى مباذل البهرجة، والتكلف وصرف القلب إلى الإعجاب بها، والتلهّي عن جوهر العبادة، مقتدين في ذلك بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في نهيه عن كل ما يصرف القلب عن التوجه إلى الله بالكلية في الصلاة كما في حديث السيدة عائشة بخصوص الثوب المشتمل على التصاوير وقوله عليه الصلاة والسلام (إنها تعرض لي في صلاتي)..
امتلأ خاطري أسئلة قلقة وحيرة، وأنا أقرأ عن تدشين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس لـ«مبادرة الحجر الأسود الافتراضي»، وهي أسئلة وقلق شاركني فيه ثلة ممن لهم حظ من معرفة؛ بل ذاع الأمر وتداولته بعض المنتديات والمواقع الإلكترونية بصورة لم تخلُ من استنكار واستهجان واستغراب، وسخرية أيضًا للأسف الشديد!..
ولثقتي في علم ومكانة الدكتور السديس، فإني أنشد منه –مثل غيري– رفع اللبس المتعلّق بهذا الأمر، والأسئلة القلقة التي تنتاشه، ومن أبرزها:
- ما الغاية من هذه المبادرة، وهل استلام الحجر الأسود من الضرورة بمكان، بحيث نسخّر له التقنية الحديثة في واقع افتراضي، والكل يعلم علم اليقين أنّ الإيماءة والإشارة إلى الحجر الأسود تكفي في الطواف، لقول ابن عباس (طاف النبي بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه..)، وروى عكرمة (طاف النبي بالبيت على بعيرٍ، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبّر).
- أليس استخدام هذه التقنية في الأمور التعبدية انتقاصا من قدسية المكان، وضرورة التحلّي بالخشوع في سوحه، وصرف نظر المتعبد نحو المبتدع المحدث، الآخذ بالإعجاب عوضًا عن الطمأنينة الواجبة في العبادة؟
- كيف يمكننا الخلوص بهذه المبادرة من دائرة «البدع» المستحدثات المنهي عنها، وهي ضلالة تمسّ جوهر العبادة بالإيهام عوضًا عن الحقيقة، فعلى أيّ وجه من وجوه التقدير والاجتهاد أُجزيت ونفّذت، وأي تبرير علمي يمكن أن يقدم لمن يرى فيها «بدعة»، بالنظر إلى مستحدثات أخرى، أقل شأنًا منها ولم تسلم من سياط «الابتداع» في السابق؟!
- ألا يرى الدكتور السديس أن الإدارة العامة للمعارض الرقمية قد ذهبت بنا بعيدًا في توظيف التقنية الحديثة فيما لا طائل منه، ولا حاجة لنا به، فقد أوكلت توزيع مياه زمزم لـ«ربوت» في احتفالية تدشين مشهودة، وما كان أمر توزيع «زمزم» من الأهمية بحيث يوكل لتقنية حديثة، مهما كانت الظروف والتقديرات في هذا المقام والتي تفقد معناها مع ربورت أصم أعجم،
وها نحن اليوم أمام «الحجر الأسود الافتراضي».. فما الهدف من مثل هذه المشاريع التي «تستذل» فيها التقنية إلى مثل هذه الأغراض!! خاصة وقد وقر في عقول البعض أن له مكانة مقدسة، فلو كان كذلك فلا بد أن نعظم شعائر الله فهي من تقوى القلوب، فقداسته تقتضي تنزيهه عن هذا البرنامج الافتراضي الذي يقوم على الوهم وخداع البصر والعقل معا.
أما إذا اعتقدنا أنه حجر لا يضر ولا ينفع كما قال سيدنا عمر فلماذا نوليه كل هذا الاهتمام.
- وإذا افترضنا أن هذه التقنية المستهدف بها من قصرتْ بهم السبل، من أهل القبلة، عن الوصول إلى الحرمين الشريفين؛ حجًا أو عمرة أو زيارة، هل تغني هذه التقنية المقترحة عن أداء الشعائر، وبأيّ سند شرعي جاز ذلك؟!
وهل هذا يفتح الباب لبدع أخرى مستحدثة بأن يكون الإمام ربوتا آليا يصلي بالناس وهل تدخل شعائر الحج والعبادة كلها المجال الافتراضي؟؟ لا نستبعد أن يأتي من يعبد أو يتبرك أو يعتقد في هذا العالم الافتراضي ويعيشه كواقع.
- ولو ذهبنا مع الدكتور السديس في قوله بأن «الحرمين الشريفين يمتلكان مكانز دينية وتاريخية عظيمة، يجب العمل على رقمنتها وإيصالها للجميع»، فالشوق الحقيقي إلى الحرمين الشريفين أدعى وأوجب بالمسلم، واهتبال الفرصة لأداء الحج والعمرة غاية وشرف، لا سبيل إلى التعويض عنها بـ«محاكاة الواقع الحقيقي»، فكيف السبيل إلى التوفيق بين الأمرين، وعلى أي مسوغ شرعي بني ذلك؟
- ثم أليس ثمة ما هو أكثر إلحاحًا وحاجة إلى توظيف التقنية فيه من «ربوت زمزم» و«افتراضي الحجر الأسود»، ونحن نواجه ضعفًا بائنًا في المحتوى الدعوي المؤثر والفاعل، والقادر على مواجهة الأسئلة العصرية، والمتطلبات الآنية؟ والتي وضعتها أمامنا رؤية ولي العهد المباركة بقوله حبانا ًالله وطنًا مباركاً هو أثمن من البترول، ففيه الحرمان الشريفان أطهر بقاع الأرض وقبلة أكثر من مليار مسلم وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول.
بوسعي أن أتراحب وأمضي في هذه الأسئلة القلقة، والتي تهدف بشكل أساسي وجوهري الحصول على إجابات وافية بسند شرعي يميط عنا ما غمض، ويكشف ما غاب عنا، ويضع الأمور في نصابها القويم السليم، ويجعل المرجعية في مثل المبادرات إلى الشريعة الغرّاء، والغايات الأسمى.. وهو ما أتطلع إليه من الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين، بما يزيل اللبس ويسكن الخاطر القلق.
والشكر والتقدير على كل خطوة تهدف إلى تطوير وتسهيل وتنظيم أعمال الحرمين الشريفين دون ابتداع.
وهو أمر ضروري بالنظر إلى تزايد عدد الحجاج والمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين، بما تطلّب تنفيذ هذه المشاريع التوسعية، بكل كرم وأريحية، لا ينكرها إلا مكابر ولا يستطيع أن يؤدي حقها إلا من سخره الله لذلك، وجعله قائمًا عليها.
ومع تسليمي المطلق بتطور الحياة وسطوة العالم الرقمي، والتقنيات الحديثة وسيطرتها على مفاصل الحياة؛ لكن يبقى أمر تسخيرها في العبادات والتي الأصل فيها الوقف وأن يكون مشروطًا ومتسقًا مع روحانية هذه العبادات وأدائها، وأن لا يخرجها من دائرة الخشوع والطمأنينة، وأن تكون لما شرعت له والغايات الأسمى لها، إلى مباذل البهرجة، والتكلف وصرف القلب إلى الإعجاب بها، والتلهّي عن جوهر العبادة، مقتدين في ذلك بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في نهيه عن كل ما يصرف القلب عن التوجه إلى الله بالكلية في الصلاة كما في حديث السيدة عائشة بخصوص الثوب المشتمل على التصاوير وقوله عليه الصلاة والسلام (إنها تعرض لي في صلاتي)..
امتلأ خاطري أسئلة قلقة وحيرة، وأنا أقرأ عن تدشين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس لـ«مبادرة الحجر الأسود الافتراضي»، وهي أسئلة وقلق شاركني فيه ثلة ممن لهم حظ من معرفة؛ بل ذاع الأمر وتداولته بعض المنتديات والمواقع الإلكترونية بصورة لم تخلُ من استنكار واستهجان واستغراب، وسخرية أيضًا للأسف الشديد!..
ولثقتي في علم ومكانة الدكتور السديس، فإني أنشد منه –مثل غيري– رفع اللبس المتعلّق بهذا الأمر، والأسئلة القلقة التي تنتاشه، ومن أبرزها:
- ما الغاية من هذه المبادرة، وهل استلام الحجر الأسود من الضرورة بمكان، بحيث نسخّر له التقنية الحديثة في واقع افتراضي، والكل يعلم علم اليقين أنّ الإيماءة والإشارة إلى الحجر الأسود تكفي في الطواف، لقول ابن عباس (طاف النبي بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه..)، وروى عكرمة (طاف النبي بالبيت على بعيرٍ، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبّر).
- أليس استخدام هذه التقنية في الأمور التعبدية انتقاصا من قدسية المكان، وضرورة التحلّي بالخشوع في سوحه، وصرف نظر المتعبد نحو المبتدع المحدث، الآخذ بالإعجاب عوضًا عن الطمأنينة الواجبة في العبادة؟
- كيف يمكننا الخلوص بهذه المبادرة من دائرة «البدع» المستحدثات المنهي عنها، وهي ضلالة تمسّ جوهر العبادة بالإيهام عوضًا عن الحقيقة، فعلى أيّ وجه من وجوه التقدير والاجتهاد أُجزيت ونفّذت، وأي تبرير علمي يمكن أن يقدم لمن يرى فيها «بدعة»، بالنظر إلى مستحدثات أخرى، أقل شأنًا منها ولم تسلم من سياط «الابتداع» في السابق؟!
- ألا يرى الدكتور السديس أن الإدارة العامة للمعارض الرقمية قد ذهبت بنا بعيدًا في توظيف التقنية الحديثة فيما لا طائل منه، ولا حاجة لنا به، فقد أوكلت توزيع مياه زمزم لـ«ربوت» في احتفالية تدشين مشهودة، وما كان أمر توزيع «زمزم» من الأهمية بحيث يوكل لتقنية حديثة، مهما كانت الظروف والتقديرات في هذا المقام والتي تفقد معناها مع ربورت أصم أعجم،
وها نحن اليوم أمام «الحجر الأسود الافتراضي».. فما الهدف من مثل هذه المشاريع التي «تستذل» فيها التقنية إلى مثل هذه الأغراض!! خاصة وقد وقر في عقول البعض أن له مكانة مقدسة، فلو كان كذلك فلا بد أن نعظم شعائر الله فهي من تقوى القلوب، فقداسته تقتضي تنزيهه عن هذا البرنامج الافتراضي الذي يقوم على الوهم وخداع البصر والعقل معا.
أما إذا اعتقدنا أنه حجر لا يضر ولا ينفع كما قال سيدنا عمر فلماذا نوليه كل هذا الاهتمام.
- وإذا افترضنا أن هذه التقنية المستهدف بها من قصرتْ بهم السبل، من أهل القبلة، عن الوصول إلى الحرمين الشريفين؛ حجًا أو عمرة أو زيارة، هل تغني هذه التقنية المقترحة عن أداء الشعائر، وبأيّ سند شرعي جاز ذلك؟!
وهل هذا يفتح الباب لبدع أخرى مستحدثة بأن يكون الإمام ربوتا آليا يصلي بالناس وهل تدخل شعائر الحج والعبادة كلها المجال الافتراضي؟؟ لا نستبعد أن يأتي من يعبد أو يتبرك أو يعتقد في هذا العالم الافتراضي ويعيشه كواقع.
- ولو ذهبنا مع الدكتور السديس في قوله بأن «الحرمين الشريفين يمتلكان مكانز دينية وتاريخية عظيمة، يجب العمل على رقمنتها وإيصالها للجميع»، فالشوق الحقيقي إلى الحرمين الشريفين أدعى وأوجب بالمسلم، واهتبال الفرصة لأداء الحج والعمرة غاية وشرف، لا سبيل إلى التعويض عنها بـ«محاكاة الواقع الحقيقي»، فكيف السبيل إلى التوفيق بين الأمرين، وعلى أي مسوغ شرعي بني ذلك؟
- ثم أليس ثمة ما هو أكثر إلحاحًا وحاجة إلى توظيف التقنية فيه من «ربوت زمزم» و«افتراضي الحجر الأسود»، ونحن نواجه ضعفًا بائنًا في المحتوى الدعوي المؤثر والفاعل، والقادر على مواجهة الأسئلة العصرية، والمتطلبات الآنية؟ والتي وضعتها أمامنا رؤية ولي العهد المباركة بقوله حبانا ًالله وطنًا مباركاً هو أثمن من البترول، ففيه الحرمان الشريفان أطهر بقاع الأرض وقبلة أكثر من مليار مسلم وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول.
بوسعي أن أتراحب وأمضي في هذه الأسئلة القلقة، والتي تهدف بشكل أساسي وجوهري الحصول على إجابات وافية بسند شرعي يميط عنا ما غمض، ويكشف ما غاب عنا، ويضع الأمور في نصابها القويم السليم، ويجعل المرجعية في مثل المبادرات إلى الشريعة الغرّاء، والغايات الأسمى.. وهو ما أتطلع إليه من الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين، بما يزيل اللبس ويسكن الخاطر القلق.
والشكر والتقدير على كل خطوة تهدف إلى تطوير وتسهيل وتنظيم أعمال الحرمين الشريفين دون ابتداع.