-A +A
هيلة المشوح
في عمق الصحراء وفي بيئة أقرب ما تكون لحياة البادية بتقنيات العصر الحديث، وفي منطقة استحضرت التاريخ والمستقبل -في آن واحد- يقام مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في «صياهد» مدينة رماح على بعد ١٣٠ كيلو عن مدينة الرياض ومساحة شاسعة تجاوزت الـ32 كم2 وعلى طريق يمر بأجمل ما تم استحداثه من مناطق تراثية في قلب نجد (الجنادرية، العاذرية، ونادي الفروسية)، وهو المهرجان الذي يعد أهم وأكبر مهرجان من نوعه في العالم يختص بسلالات الإبل وعلامات جمالها وصفاتها تحت إدارة لجان تحكيمية دقيقة ومنافسات قوية بين كبار ملاك الإبل من المملكة ودول الخليج ودول العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا والمكسيك.

يستهدف مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ترسيخ تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية والعربية، وتوفير وجهة ثقافية وسياحية ورياضية وترفيهية واقتصادية عن الإبل وتراثها كرمز عظيم للفتوحات وتأسيس الدولة السعودية الأولى والثانية، وتأصيلاً للبطولات التي خاضها المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ورجاله الشجعان في فتوحاتهم وغزواتهم التي جمعت شتات هذا الوطن ووحدت أركانه تحت لواء راية التوحيد للدولة السعودية الثالثة التي نعيش في كنف أمنها وقيادتها من أبناء المؤسس وأحفاده.


من المهم جداً الإشارة إلى تفرد المهرجان هذه السنة بتخصيص شوط حصري للنساء وذلك بعد تذليل مشاركتهن في السباقات انطلاقاً من التوجهات العامة للمملكة العربية السعودية ورؤية ٢٠٣٠ التي تشكل المرأة أهم ركائزها كشريك في البناء والتنمية واستجابة لتوجهات القيادة في الدعم الدائم للمرأة وتمكينها في جميع الفعاليات والقطاعات، ومن هنا جاءت مشاركتها في حديث كهذا يشكل رافداً اقتصادياً كبيراً ومحركاً هاماً للتشغيل وإنشاء فرص العمل للجنسين في عدد من القطاعات وإنعاش الخدمات في منطقة المهرجان وما حولها نظراً للتوافد الكثيف لزوار المهرجان الذي تجاوز في أيامه الأولى ١٠٠ ألف زائر يومياً مستمتعين بجميع الفعاليات وعروض الإبل، وأسوق الصناعات اليدوية والتمور والزيوت ومنتجات الإبل من جلود وفراء وإكسسوارات كانت تزين بها الجمال وقطع تراثية تعرض في سوق الدهناء.

كما يحظى معرض الصور الشيق بأهمية خاصة، حيث يعرض داخله متعلقات وتراث وصور لتاريخ الجزيرة العربية ونمط حياة ساكنيها التي ساهم الإبل -بالطبع- في جزء كبير منها؛ سواء في التنقل أو صناعة البيوت والملابس، فضلاً عن الغذاء الذي توفره الإبل لضمان حياة مستقرة في قلب الصحراء لسكان الجزيرة العربية.

أخيراً.. يحظى المهرجان برعاية ملكية خاصة، وجهود كبيرة تبذلها إدارة المهرجان في نادي الإبل والجهات المنظمة والراعية للحدث، فضلاً عن أن منطقة الصياهد التي تضم مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل منطقة سياحية متكاملة الخدمات تتوفر فيها المتاجر والنقاط الخدمية من مطاعم ومقاهٍ وفعاليات ترفيهية شيقة، ومحطات تاريخية تنقل الزائر من الواقع عبر التاريخ الجميل للأجداد وحياتهم في الصحراء بأنشطة تفاعلية على أنغام الربابة وركوب الجمال والعروض والرقصات الفلكلورية والكثير من الترفيه بنكهة تاريخية آسرة يجدر بالجميع تجربتها والاستمتاع بأجوائها، فالسائح الأجنبي يشد الرحال ويقطع آلاف الأميال للاستمتاع بهذه المشاهد الساحرة في قلب الصحراء، ونحن على بعد أميال قليلة من تاريخنا العريق المليء بالمتعة والمغامرة.