-A +A
علي محمد الحازمي
المذهب الاقتصادي المركنتيلي الذي ظهر في القرن السادس عشر وظن الكثير أنه قد اختفى مع ظهور الاقتصاد الكلاسيكي بقيادة أدم سميث، حيث حطمت أطروحة آدم سميث عام 1776 بعنوان «ثروة الأمم» العديد من هذه الأفكار. أظهر سميث، على وجه الخصوص، أنه لا ينبغي الخلط بين المال والثروة، على حد تعبيره، فإن «ثروة أي بلد لا تتكون من ذهبها وفضتها فقط، بل في أراضيها ومنازلها وسلعها الاستهلاكية على اختلاف أنواعها».

كان سميث يرى أن المركنتيلية ذات أفكار غريبة، باعتبارها مجموعة من الأفكار القديمة والخاطئة بشكل كبير حول السياسية الاقتصادية. الدول التي تتبنى هذا المذهب تحاول زيادة ثروتها من خلال تعظيم الصادرات وتقليل الواردات. تؤمن هذه المدرسة الفكرية أن هناك قدرًا محدودًا من الثروة في العالم تتنافس من أجله جميع الدول ضد بعضها البعض. ومن هذا المنطلق ترى أن الصادرات تجعل الاقتصاد أكثر ثراءً لأنها تجلب الأموال إلى الاقتصاد والواردات تثري الدول الأخرى المنافسة على حساب الاقتصاد. تعتمد الدول التي تنتهج المذهب المركنتيلي على زيادة التعريفات الجمركية والرافعة التجارية والقوة العسكرية لتعظيم ميزانها التجاري، لأنهم يريدون ضمان بقاء الميزان التجاري لدولهم موجباً دائماً.


على الرغم اليوم من انتقاد الكثير من الدول للمذهب المركنتيلي، إلا أنهم يعتقدون أنه من الأصح التفكير في المذهب المركنتيلي من جديد على أنه طريقة مختلفة لتنظيم العلاقة بين الدولة والاقتصاد، وهي رؤية لا تقل أهمية الآن عما كانت عليه في القرن الثامن عشر. من يتتبع الأحداث الاقتصادية منذ عام 2018 وخاصة الحرب التجارية الحمائية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين يتضح له جلياً أن الفكر المركنتيلي هو المهيمن على هذه الأحداث، مع اختلاف بسيط هو أن المعادن الثمينة لم تعد وسيلة للتبادل؛ لأن السبب الرئيسي لهذه الحرب هو اعتقاد الحكومة الأمريكية أن عملات شركائهم التجاريين رخيصة للغاية والعجز التجاري مرتفع للغاية، لذا يعمل هذان العاملان معًا على زيادة البطالة وكساد للبضائع الأمريكية.