وصف المفكر والدبلوماسي المصري مصطفى الفقي -في حوار تلفزيوني- جيله بأنه «جيل السن المسروق»، يقول الفقي: كان قدره هو وزملاؤه أن يكونوا بين جيلين؛ جيل الناصرية وجيل المباركية، الأول أخذ المناصب وعمّر فيها طويلا، والثاني جيل شاب صغير السن وجد الفرصة التاريخية للقطيعة مع ما سبق، فتولى الإدارة وركن الخبراء ومن تراكمت لديهم المعارف.
ما يقوله الفقي نراه اليوم في كثير من التجارب الإدارية في سوق العمل، وكأن الصورة تتكرر، ففي أعمار جيلنا «سن مسروق»، والمعنى هنا مجازي، وليس حرفيا، لكنها حقيقة للأسف.
دعوني أشرككم في قصة متكررة للكثير من أبناء ذلك الجيل الذي لا ترونهم اليوم في الصفوف الإدارية الأولى رغم أنهم يستحقونها، وإذا بقي منهم أحد فهو في الطبقة الإدارية المتوسطة وإذا وصل فهو لا يتجاوز الثانية أو الثالثة، ونتيجة لذلك فإن الكثير منهم في الطريق إلى أن يترجل، لأن الحائط المقابل تقدم إليهم مبكرا ليوقفهم بدلا من أن ينتظرهم.
هذه القصة ربما تكررت في وظائف عديدة، وأذكرها هنا لأنها تختصر الكثير ممن يشبهها: قبل عشرين عاما تحدث عضو مجلس إدارة صحيفة سعودية طالبا من صحفي سعودي سيرته الذاتية لأن المجلس يرغب في ترشيحه لمنصب رئيس تحرير للصحيفة، بعد أسابيع عاد إليه عضو مجلس الإدارة باعتذار لطيف مبررا رفض الأعضاء لكونه -حينها- لازال شابا صغير السن، بعدما افترض أعضاء المجلس أن الأحداث والمسؤوليات الجسام قد لا يستطيع أحد من جيله التعامل معها وإدارتها، بالطبع بحثوا عن مرشح أكبر سنا وأكثر تجربة وتم تعيينه في المنصب، كانت الموضة وقتها هي إسناد الأعمال والمناصب للمخضرمين من الكفاءات الإدارية والتي استمرت سنوات طويلة.
ذهب بهم الزمان، وتهيأ من هم في جيلنا لخلافة من سبقهم من أساتذتهم المخضرمين واستقاموا في الصفوف لقطف ثمار سنوات التعب والإخلاص والعمل الدؤوب، وإذا بسوق العمل يتغير وتهرب الفرص من أيديهم وتبتعد المواقع المناسبة التي يستحقها كثير من الموهوبين والمتمرسين وأصحاب الحكمة من أبناء جيل كامل، فالسائد حاليا هو إيكال الوظائف القيادية لصغار السن كما تفرضه الموضة الدارجة، فلا أخذها جيلنا وهم شباب كما يأخذها صغار اليوم، ولا أخذوها وهم مخضرمون كما أخذها الجيل الذي سبقهم، وإذ بعقدين أو ثلاثة قد تسربت من أعمارهم بلا نتيجة تذكر.
نعم هو جيل حمل الأمانة وقاتل لوحده، كانت فرص التعليم الأجنبي محدودة، والابتعاث يكاد يكون مقطوعا، والمدارس الأجنبية محرمة، والهياكل الإدارية بطيئة، لكنه مع كل ذلك هيئ للجيل الحالي الأرض الصلبة لينطلق.
وهذه إضاءة أخرى تشرح المقصود: من المتاح اليوم أن يقوم شاب ما بإصدار ترخيص صحيفة إلكترونية، أو ينشط في مواقع التواصل الاجتماعي، وربما لم يعمل يوما صحفيا ولا لديه لا الموهبة ولا الأدوات البدائية للعمل الإعلامي، ويملأ صفحاته بمحتوى لا يعرف عنه شيئا ولا عن أساسيات الصناعة وإدارة الأزمات وبناء الحملات، فهو لم يعمل من أولى درجات السلم الوظيفي، ولم يتلق المعرفة ممن سبقه، والذين تعلموها ممن سبقهم، وصاحب «التجربة الضعيفة» ومثله كثير ربما يتم استقطابه في موقع مهم في هيئة أو وزارة أو شركة كبرى.
ما قاله السياسي المصري مصطفى الفقي، هو قدر كثير من التجارب الإدارية حول العالم، لكن من المهم الاستفادة من التجارب وتوظيفها لصالح حالتنا نحن، وعلينا أن نسأل أنفسنا: هل التخلي عن مجمل الطبقة الإدارية السابقة في صالح الأعمال بكافة مستوياتها خاصة الإدارة المتوسطة والعليا، وهل بالفعل اكتفينا وأخذنا مفاتيح العمل منهم، أم أن الدمج بين الأجيال والمرور بمرحلة انتقالية لنقل المعرفة ومناولة الخبرات، بين خمسة وعشرة أعوام هي الأمثل والأفضل.
ما يقوله الفقي نراه اليوم في كثير من التجارب الإدارية في سوق العمل، وكأن الصورة تتكرر، ففي أعمار جيلنا «سن مسروق»، والمعنى هنا مجازي، وليس حرفيا، لكنها حقيقة للأسف.
دعوني أشرككم في قصة متكررة للكثير من أبناء ذلك الجيل الذي لا ترونهم اليوم في الصفوف الإدارية الأولى رغم أنهم يستحقونها، وإذا بقي منهم أحد فهو في الطبقة الإدارية المتوسطة وإذا وصل فهو لا يتجاوز الثانية أو الثالثة، ونتيجة لذلك فإن الكثير منهم في الطريق إلى أن يترجل، لأن الحائط المقابل تقدم إليهم مبكرا ليوقفهم بدلا من أن ينتظرهم.
هذه القصة ربما تكررت في وظائف عديدة، وأذكرها هنا لأنها تختصر الكثير ممن يشبهها: قبل عشرين عاما تحدث عضو مجلس إدارة صحيفة سعودية طالبا من صحفي سعودي سيرته الذاتية لأن المجلس يرغب في ترشيحه لمنصب رئيس تحرير للصحيفة، بعد أسابيع عاد إليه عضو مجلس الإدارة باعتذار لطيف مبررا رفض الأعضاء لكونه -حينها- لازال شابا صغير السن، بعدما افترض أعضاء المجلس أن الأحداث والمسؤوليات الجسام قد لا يستطيع أحد من جيله التعامل معها وإدارتها، بالطبع بحثوا عن مرشح أكبر سنا وأكثر تجربة وتم تعيينه في المنصب، كانت الموضة وقتها هي إسناد الأعمال والمناصب للمخضرمين من الكفاءات الإدارية والتي استمرت سنوات طويلة.
ذهب بهم الزمان، وتهيأ من هم في جيلنا لخلافة من سبقهم من أساتذتهم المخضرمين واستقاموا في الصفوف لقطف ثمار سنوات التعب والإخلاص والعمل الدؤوب، وإذا بسوق العمل يتغير وتهرب الفرص من أيديهم وتبتعد المواقع المناسبة التي يستحقها كثير من الموهوبين والمتمرسين وأصحاب الحكمة من أبناء جيل كامل، فالسائد حاليا هو إيكال الوظائف القيادية لصغار السن كما تفرضه الموضة الدارجة، فلا أخذها جيلنا وهم شباب كما يأخذها صغار اليوم، ولا أخذوها وهم مخضرمون كما أخذها الجيل الذي سبقهم، وإذ بعقدين أو ثلاثة قد تسربت من أعمارهم بلا نتيجة تذكر.
نعم هو جيل حمل الأمانة وقاتل لوحده، كانت فرص التعليم الأجنبي محدودة، والابتعاث يكاد يكون مقطوعا، والمدارس الأجنبية محرمة، والهياكل الإدارية بطيئة، لكنه مع كل ذلك هيئ للجيل الحالي الأرض الصلبة لينطلق.
وهذه إضاءة أخرى تشرح المقصود: من المتاح اليوم أن يقوم شاب ما بإصدار ترخيص صحيفة إلكترونية، أو ينشط في مواقع التواصل الاجتماعي، وربما لم يعمل يوما صحفيا ولا لديه لا الموهبة ولا الأدوات البدائية للعمل الإعلامي، ويملأ صفحاته بمحتوى لا يعرف عنه شيئا ولا عن أساسيات الصناعة وإدارة الأزمات وبناء الحملات، فهو لم يعمل من أولى درجات السلم الوظيفي، ولم يتلق المعرفة ممن سبقه، والذين تعلموها ممن سبقهم، وصاحب «التجربة الضعيفة» ومثله كثير ربما يتم استقطابه في موقع مهم في هيئة أو وزارة أو شركة كبرى.
ما قاله السياسي المصري مصطفى الفقي، هو قدر كثير من التجارب الإدارية حول العالم، لكن من المهم الاستفادة من التجارب وتوظيفها لصالح حالتنا نحن، وعلينا أن نسأل أنفسنا: هل التخلي عن مجمل الطبقة الإدارية السابقة في صالح الأعمال بكافة مستوياتها خاصة الإدارة المتوسطة والعليا، وهل بالفعل اكتفينا وأخذنا مفاتيح العمل منهم، أم أن الدمج بين الأجيال والمرور بمرحلة انتقالية لنقل المعرفة ومناولة الخبرات، بين خمسة وعشرة أعوام هي الأمثل والأفضل.