لم يبدأ ما سمي بالنكبة الفلسطينية مع وعد بلفور كما يدعي الفلسطينيون أنفسهم، بل إن النكبة بدأت خلال فترة سيطرة العثمانيين على فلسطين، وتحديدا مع إنشاء أول مستعمرة يهودية في فلسطين على يد اليهودي البريطاني مونتفيوري العام 1837م، وكان عدد سكانها في ذلك الوقت 1500 يهودي، وارتفع عدد المهاجرين إلى عشرة آلاف يهودي عام 1840م، ثم 15 ألفا عام 1860م، ثم 22 ألف يهودي عام1881م.
وفي عام 1882م بدأت أفواج المهاجرين الروس بالتوافد إلى فلسطين، وقدر عدد الفوج الأول بألفي يهودي، وارتفع هذا العدد ليصل إلى 25 ألف يهودي عام 1903م. يجب أن نلاحظ أن السلطان عبدالحميد، والإدارة العثمانية حينها التي ارتبطت مع الحركة الصهيونية بعلاقة وثيقة، وأصدرت أوامرها لموظفيها في فلسطين بمنح اليهود الجنسية العثمانية، وبذلك أصبحوا على قدم المساواة مع الفلسطينيين، وحينها بدأت عمليات الشراء المكثفة للأراضي الفلسطينية، التي انتقدها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان - ابن مدينة نابلس - فيما بعد بقصائد لاذعة، متهماً أبناء وطنه الفلسطيني بالتفريط في أراضيهم وبيعها لليهود.
وقتها لم تكن من قوى موجودة في الإقليم يمكن تحميلها المسؤولية الأخلاقية إلا الدولة العثمانية التي كانت فلسطين جزءا من أراضيها، وهي التي تسيطر عليها وعلى إدارتها. وعند النظر إلى الجزيرة العربية، وخاصة الدولة السعودية التي تُحمّل اليوم من الفلسطينيين ذنباً لم ترتكبه، نجد أن إرهاصات قيام دولة إسرائيل بدأت قبل تأسيس الدولة السعودية الثالثة بحوالى 65 سنة.
وفي مطلع العام 1917، وهو العام الذي أطلق فيه وعد بلفور بتمكين سكان فلسطين اليهود والحاصلين على الجنسية العثمانية من الاستقلال وإنشاء دولتهم الخاصة، كانت السعودية لا تزال سلطنة في نجد، ولم تتوسع ولم تتحول إلى المملكة العربية السعودية في شكلها الحالي إلا في العام 1932، أي بعد أكثر من خمسة عشر عاما من وعد بلفور.
ومنذ سقوط فلسطين جزئيا خلال التقسيم 1948، وكليا العام 1967، والفلسطينيون والقوى المغذية لهم من بعثية وناصرية وشيوعية سابقا، وإيرانية وتركية حاليا، وهم يرمون تهمة ضياع قضيتهم على المملكة، تنفيذاً لخصومة تلك القوى مع السعوديين، في إطار التنافس الإقليمي معها.
في العام 1990 وفي أعنف تحد واجه السعودية ودول الخليج العربي، إثر احتلال العراق للكويت، فوجئ الجميع ليس بوقوف القيادة الفلسطينية مع صدام، فهي قيادة لم تقف مع قضيتها الأساسية، ولن تستغرب خيانتها لأي قضية أخرى، بل كان موقف الشعب الفلسطيني على الأرض، في الداخل، أو في الشتات، لقد هتف الفلسطينيون لصدام، وطالبوه بقتل السعوديين، وتدمير مدنهم بالأسلحة المحرمة دوليا، ولا تزال هتافات «بالكيماوي يا صدام.. من الخفجي للدمام» تتردد في ذاكرة السعوديين لليوم.
مضى على غزو العراق 32 عاما، ويخرج الفلسطينيون مرات ومرات ضد السعوديين في مظاهرات ومسيرات وحرق أعلام، آخرها مطلع هذا الأسبوع تأييداً للحوثيين، ومطالبينهم بقصف المدن السعودية وأعيانها المدنية. تغيرت السنين ولم يتغير الفلسطينيون، هم على نفس تيههم، وعلى نفس خياراتهم الخاطئة، وعلى نفس أحقادهم التي لا تكاد تغادر كبيرهم حتى يرثها صغيرهم.
في نظري أنه قد حان الوقت للقطيعة مع القضية الفلسطينية، فلا السعوديون تسببوا فيها ولا يتحملون الجرائم الكبرى التي ارتكبها الفلسطينيون في حق أنفسهم، من التفريط في التقسيم، وليس انتهاء باتفاقيات أوسلو العام 1993، التي أقرت فيها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في العيش ودولة مستقلة، على أن يمنح الفلسطينيون حق إدارة الضفة وغزة، وهذا ما هو حاصل اليوم.
القطيعة مع الفلسطينيين وقضيتهم فيها مصلحة كبرى للمنطقة بأكملها، والقضية الأهم للسعوديين وشعوب المنطقة اليوم هي حياتهم اليومية ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم. لقد عانت السعودية بما فيه الكفاية، ودفعت من أجلها الكثير، وتغافلت عن الكثير، وتحملت أوزارها دون ذنب ارتكبته، بل إن التطاول والتزوير والتدليس طالت قياداتها منذ التأسيس لليوم، ولم يبق شيء لم يتجرأ الفلسطينيون على فعله في حق المملكة وشعبها إلا فعلوه، ولم يبق عدو لها إلا تحالفوا معه، فلأجل ماذا، ولأجل من نضحي بأموالنا ومواقفنا وتحالفاتنا السياسية؟
أمن أجل قضية فرط فيها أهلها وسلعوها وحولوها إلى مصدر استرزاق، بل تعمدوا إبقاءها في تيه دائم لتكون معيقة للتنمية في الأقطار العربية، وكل دولة تحاول أن تنطلق لمستقبلها تتم إعاقتها بالقضية وتحميلها أوزارها، ونظرة بسيطة للقاهرة وبغداد ودمشق والأردن وبيروت وكل أرض وطئتها القضية أو من يسمون بفدائييها نراها وقد تحولت لأرض خراب.
على الفلسطينيين أن يتعايشوا مع أخطاء آبائهم وأجدادهم، فلا هم المحررون الذين ضحوا من أجل أراضيهم كما فعل الفيتناميون، ولا هم السياسيون البارعون الذين أداروا قضيتهم بحرفية وعدالة كما الهنود، ما عدا تحالفاتهم الخاطئة، والبيع للأراضي بالرضا والقبول، والموافقة على العمالة والمقاولة لأي قوى تتقاطع مع نفسياتهم وتفكيرهم، من بغداد البعث إلى دمشق عفلق، وليس انتهاء بالفرس الجدد في طهران وصعدة، وتنفيذ سياسات مغول الساعة في أنقرة وإسطنبول.
وفي عام 1882م بدأت أفواج المهاجرين الروس بالتوافد إلى فلسطين، وقدر عدد الفوج الأول بألفي يهودي، وارتفع هذا العدد ليصل إلى 25 ألف يهودي عام 1903م. يجب أن نلاحظ أن السلطان عبدالحميد، والإدارة العثمانية حينها التي ارتبطت مع الحركة الصهيونية بعلاقة وثيقة، وأصدرت أوامرها لموظفيها في فلسطين بمنح اليهود الجنسية العثمانية، وبذلك أصبحوا على قدم المساواة مع الفلسطينيين، وحينها بدأت عمليات الشراء المكثفة للأراضي الفلسطينية، التي انتقدها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان - ابن مدينة نابلس - فيما بعد بقصائد لاذعة، متهماً أبناء وطنه الفلسطيني بالتفريط في أراضيهم وبيعها لليهود.
وقتها لم تكن من قوى موجودة في الإقليم يمكن تحميلها المسؤولية الأخلاقية إلا الدولة العثمانية التي كانت فلسطين جزءا من أراضيها، وهي التي تسيطر عليها وعلى إدارتها. وعند النظر إلى الجزيرة العربية، وخاصة الدولة السعودية التي تُحمّل اليوم من الفلسطينيين ذنباً لم ترتكبه، نجد أن إرهاصات قيام دولة إسرائيل بدأت قبل تأسيس الدولة السعودية الثالثة بحوالى 65 سنة.
وفي مطلع العام 1917، وهو العام الذي أطلق فيه وعد بلفور بتمكين سكان فلسطين اليهود والحاصلين على الجنسية العثمانية من الاستقلال وإنشاء دولتهم الخاصة، كانت السعودية لا تزال سلطنة في نجد، ولم تتوسع ولم تتحول إلى المملكة العربية السعودية في شكلها الحالي إلا في العام 1932، أي بعد أكثر من خمسة عشر عاما من وعد بلفور.
ومنذ سقوط فلسطين جزئيا خلال التقسيم 1948، وكليا العام 1967، والفلسطينيون والقوى المغذية لهم من بعثية وناصرية وشيوعية سابقا، وإيرانية وتركية حاليا، وهم يرمون تهمة ضياع قضيتهم على المملكة، تنفيذاً لخصومة تلك القوى مع السعوديين، في إطار التنافس الإقليمي معها.
في العام 1990 وفي أعنف تحد واجه السعودية ودول الخليج العربي، إثر احتلال العراق للكويت، فوجئ الجميع ليس بوقوف القيادة الفلسطينية مع صدام، فهي قيادة لم تقف مع قضيتها الأساسية، ولن تستغرب خيانتها لأي قضية أخرى، بل كان موقف الشعب الفلسطيني على الأرض، في الداخل، أو في الشتات، لقد هتف الفلسطينيون لصدام، وطالبوه بقتل السعوديين، وتدمير مدنهم بالأسلحة المحرمة دوليا، ولا تزال هتافات «بالكيماوي يا صدام.. من الخفجي للدمام» تتردد في ذاكرة السعوديين لليوم.
مضى على غزو العراق 32 عاما، ويخرج الفلسطينيون مرات ومرات ضد السعوديين في مظاهرات ومسيرات وحرق أعلام، آخرها مطلع هذا الأسبوع تأييداً للحوثيين، ومطالبينهم بقصف المدن السعودية وأعيانها المدنية. تغيرت السنين ولم يتغير الفلسطينيون، هم على نفس تيههم، وعلى نفس خياراتهم الخاطئة، وعلى نفس أحقادهم التي لا تكاد تغادر كبيرهم حتى يرثها صغيرهم.
في نظري أنه قد حان الوقت للقطيعة مع القضية الفلسطينية، فلا السعوديون تسببوا فيها ولا يتحملون الجرائم الكبرى التي ارتكبها الفلسطينيون في حق أنفسهم، من التفريط في التقسيم، وليس انتهاء باتفاقيات أوسلو العام 1993، التي أقرت فيها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في العيش ودولة مستقلة، على أن يمنح الفلسطينيون حق إدارة الضفة وغزة، وهذا ما هو حاصل اليوم.
القطيعة مع الفلسطينيين وقضيتهم فيها مصلحة كبرى للمنطقة بأكملها، والقضية الأهم للسعوديين وشعوب المنطقة اليوم هي حياتهم اليومية ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم. لقد عانت السعودية بما فيه الكفاية، ودفعت من أجلها الكثير، وتغافلت عن الكثير، وتحملت أوزارها دون ذنب ارتكبته، بل إن التطاول والتزوير والتدليس طالت قياداتها منذ التأسيس لليوم، ولم يبق شيء لم يتجرأ الفلسطينيون على فعله في حق المملكة وشعبها إلا فعلوه، ولم يبق عدو لها إلا تحالفوا معه، فلأجل ماذا، ولأجل من نضحي بأموالنا ومواقفنا وتحالفاتنا السياسية؟
أمن أجل قضية فرط فيها أهلها وسلعوها وحولوها إلى مصدر استرزاق، بل تعمدوا إبقاءها في تيه دائم لتكون معيقة للتنمية في الأقطار العربية، وكل دولة تحاول أن تنطلق لمستقبلها تتم إعاقتها بالقضية وتحميلها أوزارها، ونظرة بسيطة للقاهرة وبغداد ودمشق والأردن وبيروت وكل أرض وطئتها القضية أو من يسمون بفدائييها نراها وقد تحولت لأرض خراب.
على الفلسطينيين أن يتعايشوا مع أخطاء آبائهم وأجدادهم، فلا هم المحررون الذين ضحوا من أجل أراضيهم كما فعل الفيتناميون، ولا هم السياسيون البارعون الذين أداروا قضيتهم بحرفية وعدالة كما الهنود، ما عدا تحالفاتهم الخاطئة، والبيع للأراضي بالرضا والقبول، والموافقة على العمالة والمقاولة لأي قوى تتقاطع مع نفسياتهم وتفكيرهم، من بغداد البعث إلى دمشق عفلق، وليس انتهاء بالفرس الجدد في طهران وصعدة، وتنفيذ سياسات مغول الساعة في أنقرة وإسطنبول.