أخطر أنظمة الحكم المستبدة تلك التي تستند على ظهير شعبي واسع، في مجتمع يأخذ بالديمقراطية، حتى عُرف عنه تاريخياً تمسكه بالممارسة الديمقراطية، حركةً وقيماً. وأضعف أنظمة الحكم المستبدة تلك التي تفتقر إلى قاعدة شعبية عريضة وتكتفي بسيطرتها على مؤسسات الدولة الصلبة، من أجهزة أمن.. وبيروقراطية فاسدة، وقضاء آخر ما يفكر فيه تحقيق العدالة. كلا الصنفين من الأنظمة المستبدة قاسٍ وعديم الرحمة لا يتسامح مع من يقترب من كرسي الحكم، مهما كانت صلته بمن يتربع على عرش السلطة.
اليوم: نتناول نموذج الديمقراطية الشعبوية. تكمن خطورة الزعامة الشعبوية في صلتها بقاعدتها الشعبية العريضة، بوصفها القوة الملهمة، مبعوثة العناية الإلهية لخلاص الأمة وإخراج الشعب من بؤس الفاقة، وربما إذلال الاحتلال والخلاص من التنمر الأممي عليها. مثل هذه الزعامة الشعبوية المستبدة تُعتبر عند أتباعها مصدر فخر وعزة الهوية القومية، وأداة حركة التاريخ لانتشال الأمة واستعادة كرامتها ومجدها.
تتمثل خطورة مثل هذه الزعامة الشعبوية المستبدة في صلتها المباشرة بالجماهير، وتحشيدها بأدوات المشاركة السياسية لدعمهم.. والاجتهاد في الاقتراب أكثر من تحقيق تطلعاتهم.. وإشباع حاجاتهم.. وتلمس مواطن الغرور القومي لديهم، لدرجة الاعتقاد بأن هذه الزعامة المستبدة مؤيدة من قوى غيبية اختارتها لخلاص الأمة وانتشالها من وضعها المزري الميئوس منه، قبل مجيئها، وليس بالضرورة نتاج إرادة عامة حقيقية.
هذه الزعامة المستبدة، ذات الصلة المباشرة بالجماهير، تتمتع بشخصية «كارزماتية» جذابة ومبهرة، لدرجة خلق تصور واهم لدى العامة، بأنها أداة التاريخ الحاسمة، التي كانت الأمة في انتظار ظهورها، وربما بشرت بظهورها أساطير متوارثة، تحدثت عن إمكاناتها الخارقة، وكأنها في موعد مع حركة التاريخ، في لحظات دقيقة وحاسمة من تاريخ الأمة. ثم إن هذه الزعامة الشعبوية المستبدة، تعتمد في ترويج نظام حكمها على «بروباغندا» فعالة توعز في ضمير الأمة أنها مبعوثة العناية الإلهية، وهي بالتالي تكلأها بعين رعايتها وتحميها من أي تهديد لحياتها، أو لحكمها المطلق. وقد يتأكد هذا الاعتقاد بنجاة هذه الزعامة الشعبوية من محاولات اغتيال فاشلة على حياتها، سواء كانت حقيقية أو مدبرة.
كما أن هذه الزعامة الطاغية في استبدادها واستئثارها بالسلطة لا تكتفي بإظهار صلتها الوثيقة بالجماهير وتطلعاتها القومية، بل هي أيضاً تتكلف في إظهار صلتها الحياتية بقاعدتها الجماهيرية العريضة. فهي تحرص أشد الحرص على الابتعاد عن مباهج السلطة وبهرجتها، وتبدو زاهدةً في حياة الترف، حتى أنها تتحاشى، في بعض الأحيان، أن تكون لها أسرة تنافس أسرتها الكبيرة التي تنتمي إليها (الأمة).
كل تلك المظاهر الخداعة من التواضع المصطنع.. والزهد المبالغ فيه.. والوله المريض بتشنج الجماهير وهي تحتشد وتزعق بحياة الزعيم الأوحد، مبعوث العناية الإلهية، يخفي وراءه قلباً قاسياً لا يعرف الرحمة.. وعقلية متحجرة غير متسامحة، وشهوة مريضة في سفك الدماء واستباحة الحرمات وتجاوز اللا معقول في سبيل الاحتفاظ بالسلطة والاستحواذ عليها.
زعامة، مثل هذه، إن هي تمكنت من مقاليد السلطة، تحتاج إلى ما هو أمضى من أي فعل قد يتطور داخلياً لمحاولة التخلص منها وإفاقة الجماهير من هوس التعلق بها. قد يحتاج الأمر إلى حرب وتدخل أجنبي حاسم، يصل لدرجة الاحتلال الأجنبي، وزوال الدولة نفسها. عندها فقط، يصحو الشعب من غفوته.. ويفوق من سكرته، لكن بعد فوات الأوان، حيث لن تبقى هناك دولة ولا أمة.
هتلر يمثل نموذجاً «كلاسيكياً» لهذه الزعامة الشعبوية المستبدة. ولن تقف التجربة عند الحالة النازية، بل هناك إرهاصات لتكرار التجربة في أنظمة حديثة عُرفت بديمقراطيتها العريقة.
اليوم: نتناول نموذج الديمقراطية الشعبوية. تكمن خطورة الزعامة الشعبوية في صلتها بقاعدتها الشعبية العريضة، بوصفها القوة الملهمة، مبعوثة العناية الإلهية لخلاص الأمة وإخراج الشعب من بؤس الفاقة، وربما إذلال الاحتلال والخلاص من التنمر الأممي عليها. مثل هذه الزعامة الشعبوية المستبدة تُعتبر عند أتباعها مصدر فخر وعزة الهوية القومية، وأداة حركة التاريخ لانتشال الأمة واستعادة كرامتها ومجدها.
تتمثل خطورة مثل هذه الزعامة الشعبوية المستبدة في صلتها المباشرة بالجماهير، وتحشيدها بأدوات المشاركة السياسية لدعمهم.. والاجتهاد في الاقتراب أكثر من تحقيق تطلعاتهم.. وإشباع حاجاتهم.. وتلمس مواطن الغرور القومي لديهم، لدرجة الاعتقاد بأن هذه الزعامة المستبدة مؤيدة من قوى غيبية اختارتها لخلاص الأمة وانتشالها من وضعها المزري الميئوس منه، قبل مجيئها، وليس بالضرورة نتاج إرادة عامة حقيقية.
هذه الزعامة المستبدة، ذات الصلة المباشرة بالجماهير، تتمتع بشخصية «كارزماتية» جذابة ومبهرة، لدرجة خلق تصور واهم لدى العامة، بأنها أداة التاريخ الحاسمة، التي كانت الأمة في انتظار ظهورها، وربما بشرت بظهورها أساطير متوارثة، تحدثت عن إمكاناتها الخارقة، وكأنها في موعد مع حركة التاريخ، في لحظات دقيقة وحاسمة من تاريخ الأمة. ثم إن هذه الزعامة الشعبوية المستبدة، تعتمد في ترويج نظام حكمها على «بروباغندا» فعالة توعز في ضمير الأمة أنها مبعوثة العناية الإلهية، وهي بالتالي تكلأها بعين رعايتها وتحميها من أي تهديد لحياتها، أو لحكمها المطلق. وقد يتأكد هذا الاعتقاد بنجاة هذه الزعامة الشعبوية من محاولات اغتيال فاشلة على حياتها، سواء كانت حقيقية أو مدبرة.
كما أن هذه الزعامة الطاغية في استبدادها واستئثارها بالسلطة لا تكتفي بإظهار صلتها الوثيقة بالجماهير وتطلعاتها القومية، بل هي أيضاً تتكلف في إظهار صلتها الحياتية بقاعدتها الجماهيرية العريضة. فهي تحرص أشد الحرص على الابتعاد عن مباهج السلطة وبهرجتها، وتبدو زاهدةً في حياة الترف، حتى أنها تتحاشى، في بعض الأحيان، أن تكون لها أسرة تنافس أسرتها الكبيرة التي تنتمي إليها (الأمة).
كل تلك المظاهر الخداعة من التواضع المصطنع.. والزهد المبالغ فيه.. والوله المريض بتشنج الجماهير وهي تحتشد وتزعق بحياة الزعيم الأوحد، مبعوث العناية الإلهية، يخفي وراءه قلباً قاسياً لا يعرف الرحمة.. وعقلية متحجرة غير متسامحة، وشهوة مريضة في سفك الدماء واستباحة الحرمات وتجاوز اللا معقول في سبيل الاحتفاظ بالسلطة والاستحواذ عليها.
زعامة، مثل هذه، إن هي تمكنت من مقاليد السلطة، تحتاج إلى ما هو أمضى من أي فعل قد يتطور داخلياً لمحاولة التخلص منها وإفاقة الجماهير من هوس التعلق بها. قد يحتاج الأمر إلى حرب وتدخل أجنبي حاسم، يصل لدرجة الاحتلال الأجنبي، وزوال الدولة نفسها. عندها فقط، يصحو الشعب من غفوته.. ويفوق من سكرته، لكن بعد فوات الأوان، حيث لن تبقى هناك دولة ولا أمة.
هتلر يمثل نموذجاً «كلاسيكياً» لهذه الزعامة الشعبوية المستبدة. ولن تقف التجربة عند الحالة النازية، بل هناك إرهاصات لتكرار التجربة في أنظمة حديثة عُرفت بديمقراطيتها العريقة.