-A +A
سلمان الشريدة
دون مقدمات.. قُدر للسعودية أن تكون بهذه المكانة الإقليمية والعالمية، وقدر الله لشعبها قيادة رشيدة منهم وفيهم، حيث أسس جد أسرة آل سعود الدرعية في قلب نجد قبل ستة قرون، وتأسست كدولة سعودية قبل ثلاثة قرون، وصارعت وقاومت القوى العالمية خلال المتغيرات الدولية للأوضاع السياسية في المنطقة والعالم خلال ما شهده التاريخ من استعمار قوى عظمى لعدد من الدول المحيطة في حين تمزقت دول وسقطت دول أخرى ثم استقلت، وبقيت السعودية برجالها وقيادتها صامدة أمام تلك القوى بلا استعمار أو وصاية رغم كل التحديدات التي واجهتها، لأن لديها القدرة القيادية التي تجعلها ترسم لنفسها استراتيجية سياسية متفردة من خلال التجارب الطويلة التي استفادت منها لتعيد بناء نفسها ثلاث مرات حتى أصبحت اليوم دولة مؤثرة وتتمتع بالحكمة وبعد النظر والتوازن والقوة.

آخر إحدى المتغيرات والتحديات التي أدركتها القيادة السعودية منذ وقت مبكر وقبل أربعة عقود هي التي حدثت في الشرق الأوسط في عام 1979هـ، بعد انطلاق ثورة الخميني في إيران لتصبح بنظامها الدولة المعادية للأمن والسلم، حيث تم التنبؤ لخطورة المخطط القادم للمنطقة فبدأت العمل مع الأشقاء قادة دول الخليج بتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تأسس عام 1981م، وكانت وما زالت الرياض الحاضنة للأمانة العامة للمجلس ومن ذلك الحين ورغم كل التحديات التي مرت بها المنطقة ومر بها المجلس إلا أن السعودية هي صمام الأمان لأمن المنطقة والخليج، بعمقها العربي والإسلامي وثقلها وتأثيرها الاستراتيجي وأحد أهم أعضاء مجموعة العشرين.


بلا شك أن قمة العلا برؤية سمو ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، شكلت نقلة نوعية للمجلس وتجاوزت كل الملفات العالقة لتعود إلى التعاون غير التقليدي وبشكل مختلف ينسجم مع التطورات بكافة المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وخصوصاً ما يتعلق بالأمن، الذي يعد من أهم أساسيات الشراكة عبر التكامل التي انطلقت من رؤية خادم الحرمين الشريفين لمواجهة كل ما يهدد دول المجلس والعمل الموحد لدعم أمن واستقرار المنطقة، وأحدها التمرين التعبوي المشترك للأجهزة الأمنية بدول مجلس التعاون الخليجي الذي انطلق مؤخراً في السعودية باهتمام من القيادات الخليجية لتعزيز التعاون الأمني ورفع مستوى الجاهزية والتكاملية لتسهم في تطوير منظومة أمن الخليج، وفق أعلى عمليات التنسيق لمواجهة الحالات الطارئة والأزمات، والتصدي للمخاطر التي تتعرض لها منطقة الخليج العربي، ومن خلال مشاهدتنا له لمسنا النجاح الكبير بمتابعة من سمو وزير الداخلية السعودي وأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في الدول الأعضاء، حيث إن التمرين تم بطريقة غير مسبوقة وتكاد تكون لأول مرة من الناحيتين السيبرانية والقتالية، وبكل تأكيد أن هذا التمرين يحقق كافة التطلعات الخليجية في المواجهة والتصدي للمخاطر التي تتعرض لها منطقة الخليج العربي، وكلنا ثقة بالله ثم بالقدرات السعودية والخليجية التي ستبقى بمشيئة الله القوة التي يعتمد عليها في استعادة استقرار أمن المنطقة واستقرارها والحفاظ على أمن دول الخليج ومكتسباتها.