لم يعد من الممكن اليوم الاستمرار في الفتوى بأفكار وآراء تعود إلى عصر انقضى، وهي في عمومها اجتهادات محكومة بسياقها وليست من قطعيات الدين وثوابته، فالعديد من النصوص الفقهية حملت ظروف عصرها وسماته الخاصة، التي تكون أحياناً في تعارض مع قيم الإسلام ومقاصده العليا.
نقطة على السطر...
طالب الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن السديس خلال المؤتمر الأخير للمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، بإعطاء موضوع التسامح والتعايش الأهمية القصوى استلهاماً لرسالة الدين الحنيف في الوسطية والاعتدال.
ولكن ما الذي نعنيه بالتسامح؟ وهل مفهوم التسامح من المفاهيم المركزية في الفكر الفلسفي والاجتماعي الحديث؟ التسامح في رأيي يعني ثلاث دلالات كبرى:
- تكريس فكرة الاختلاف والمغايرة والتعددية في مقابل الأحادية والانغلاق والتعصب.
- اعتماد منطق البرهان العقلي والدليل الموضوعي في مقابل أسلوب الإكراه والضغط والإملاء بلا براهين منطقية وموضوعية.
- الفصل بين المعتقدات الشخصية وطرق التعامل والتفاهم ومسالك التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي بين البشر في مقابل ظواهر العنف والصراع والفتنة.
قد يكون من السهل جداً إبراز الأصول والخلفيات الشرعية لهذه المنطلقات والمفاهيم المتناثرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأقوال علماء السلف، إلا أن الحقيقة المؤلمة فيما نعيشه اليوم، هي أن الفقه المنتشر بيننا قد تخللته الكثير من الآراء المتعصبة والمتطرفة التي تتناقض روحا ومضمونا مع قيم التسامح والتعايش السلمي مع الآخر... وهذه حقيقة يجب أن نقر بها لنبدأ مرحلة تنوير حقيقية.
أهمية دعوة الشيخ السديس إلى اعتماد بوصلة التسامح والانفتاح في إعادة بناء الفقه الإسلامي دعوة مهمة تأتي بوقت حساس على الأمة الإسلامية بوقت انتشر فيه التشدد والإلحاد، فمراجعة الكثير من الأحكام التي التبست بالفقه الإسلامي لأسباب اجتماعية وتاريخية وظرفية أصبح اليوم ضرورة ملحة.
من نصوص الفيلسوف الإيراني عبدالكريم سروش المعارض لحكومة الملالي في أطروحة له سطور استوقفتني قال فيها: «الشريعة مثل الطبيعة صامتة، قابلة لأوجه عديدة من التأويل والفهم والاستيعاب ضمن الاختيارات والموجهات النظرية»، وذلك هو بالضبط منطق «القبض والبسط» وفق عبارة سروش المستمدة من التصوف الإسلامي.
أفتوا لنا بحرمة مصافحة اليهود والنصارى وعدم بدئهم بالسلام، وأفتوا لنا بإلزام الذمي ارتداء لباس مميز مهين وإلجائه إلى الطرق الضيقة... وكل ما عشناه من فتاوى مهينة بأحكام متعلقة بالمرأة! من قبيل تشديد الولاية وتحريم خروج المرأة وتحويل طاعة الزوج إلى نمط من التملك والاسترقاق وتبرير الاعتداء الجسدي على النساء.
إن المقصد الأكبر للإسلام هو اضطلاع الإنسان بمسؤولية الأمانة التي هي أساس رسالة التكليف الإلهي، ومن مقوماتها الراسخة تكريم الإنسان وحماية حقه في الاختلاف واحترام حقوق التعايش السلمي بين أبناء العائلة الآدمية الواحدة.
ومن هنا تأتي أهمية ووجاهة دعوة الشيخ السديس لإعلاء قيم التسامح والتعايش والسلم الأهلي والمدني، وتحويلها إلى إطار قيمي ومرجعي للفقه الجديد الذي هو المطلب الراهن للمجتمعات المسلمة المتزنة المتحضرة.
نقطة على السطر...
طالب الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن السديس خلال المؤتمر الأخير للمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، بإعطاء موضوع التسامح والتعايش الأهمية القصوى استلهاماً لرسالة الدين الحنيف في الوسطية والاعتدال.
ولكن ما الذي نعنيه بالتسامح؟ وهل مفهوم التسامح من المفاهيم المركزية في الفكر الفلسفي والاجتماعي الحديث؟ التسامح في رأيي يعني ثلاث دلالات كبرى:
- تكريس فكرة الاختلاف والمغايرة والتعددية في مقابل الأحادية والانغلاق والتعصب.
- اعتماد منطق البرهان العقلي والدليل الموضوعي في مقابل أسلوب الإكراه والضغط والإملاء بلا براهين منطقية وموضوعية.
- الفصل بين المعتقدات الشخصية وطرق التعامل والتفاهم ومسالك التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي بين البشر في مقابل ظواهر العنف والصراع والفتنة.
قد يكون من السهل جداً إبراز الأصول والخلفيات الشرعية لهذه المنطلقات والمفاهيم المتناثرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأقوال علماء السلف، إلا أن الحقيقة المؤلمة فيما نعيشه اليوم، هي أن الفقه المنتشر بيننا قد تخللته الكثير من الآراء المتعصبة والمتطرفة التي تتناقض روحا ومضمونا مع قيم التسامح والتعايش السلمي مع الآخر... وهذه حقيقة يجب أن نقر بها لنبدأ مرحلة تنوير حقيقية.
أهمية دعوة الشيخ السديس إلى اعتماد بوصلة التسامح والانفتاح في إعادة بناء الفقه الإسلامي دعوة مهمة تأتي بوقت حساس على الأمة الإسلامية بوقت انتشر فيه التشدد والإلحاد، فمراجعة الكثير من الأحكام التي التبست بالفقه الإسلامي لأسباب اجتماعية وتاريخية وظرفية أصبح اليوم ضرورة ملحة.
من نصوص الفيلسوف الإيراني عبدالكريم سروش المعارض لحكومة الملالي في أطروحة له سطور استوقفتني قال فيها: «الشريعة مثل الطبيعة صامتة، قابلة لأوجه عديدة من التأويل والفهم والاستيعاب ضمن الاختيارات والموجهات النظرية»، وذلك هو بالضبط منطق «القبض والبسط» وفق عبارة سروش المستمدة من التصوف الإسلامي.
أفتوا لنا بحرمة مصافحة اليهود والنصارى وعدم بدئهم بالسلام، وأفتوا لنا بإلزام الذمي ارتداء لباس مميز مهين وإلجائه إلى الطرق الضيقة... وكل ما عشناه من فتاوى مهينة بأحكام متعلقة بالمرأة! من قبيل تشديد الولاية وتحريم خروج المرأة وتحويل طاعة الزوج إلى نمط من التملك والاسترقاق وتبرير الاعتداء الجسدي على النساء.
إن المقصد الأكبر للإسلام هو اضطلاع الإنسان بمسؤولية الأمانة التي هي أساس رسالة التكليف الإلهي، ومن مقوماتها الراسخة تكريم الإنسان وحماية حقه في الاختلاف واحترام حقوق التعايش السلمي بين أبناء العائلة الآدمية الواحدة.
ومن هنا تأتي أهمية ووجاهة دعوة الشيخ السديس لإعلاء قيم التسامح والتعايش والسلم الأهلي والمدني، وتحويلها إلى إطار قيمي ومرجعي للفقه الجديد الذي هو المطلب الراهن للمجتمعات المسلمة المتزنة المتحضرة.