-A +A
بدر بن سعود
غداً الثلاثاء 22 فبراير سيوافق يوم التأسيس الذي أقرته القيادة السعودية، وهو يمثل مناسبة وطنية يتم الاحتفاء بها في كل عام، وفيها توثيق دقيق لعمر الدولة السعودية التي بدأها الإمام محمد بن سعود في عام 1727، أو قبل حوالى 300 عام، وتناوب على حكمها ستة عشر إماماً وملكاً من بيت الحكم السعودي، وقد سميت الدرعية، عاصمة الدولة الأولى، بالعوجا لاعوجاج وادي حنيفة عليها، ومنها جاءت تسمية الحكام السعوديين بأهل العوجا.

في الأيام الأولى من حكم الإمام محمد بن سعود وحد الدرعية وسورها، وعمل على استقرارها وتأمين طرق التجارة والحج للقادمين من جنوب وشرق الجزيرة إلى شمالها وغربها، وجعل الأبواب مفتوحة بينه وبين مواطنيه، ومن ثم انتقل إلى تكوين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعين القضاة والعلماء، وبعد قرابة 18 عاماً من إقامة الدولة، حضر الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ووجد من الإمام محمد بن سعود الحماية والترحيب والدعم لدعوته الإصلاحية، وشهدت الدرعية كذلك نهضة في التأليف وكتابة المخطـوطات، وقد حرص الإمام الثالث سعود بن عبدالعزيز بن محمد على الذهاب إلى علماء نجد والحجاز، وعلى مناظرة الركب المغربي والمصري في العقيدة، وفي فترة الحكم الأولى لمكة والمدينة، قاد أئمة الدولة السعودية الحج وأشرفوا عليه، وغيروا كسوة الكعبة.


بخلاف أن الدولة السعودية الأولى حاربت الغلو والتطرف، وابتعدت عن تقديس الأولياء والصالحين وبناء الأضرحة، والسابق يمثل منهج الدولة العثمانية، ويدخل في أسبــاب محاربتها للحكم السعودي وتشويهه، وتأليب القوى الإقليمية ضده، وما أزعجها أكثر، أن الإصلاح السعودي استند إلى الوسطية والاعتدال، ولم يقم على التسلط والجور وفرض الكلمة بالقوة، وهناك مؤلفات محايدة تشرح منهج وعقيدة السعوديين في ذلك الوقت.

الإمام محمد بن سعود، مؤسس بيت الحكم السعودي، كان مثقفا في الإدارة المحلية، بالإضافة لتعبده وحلمه وخيريته وكرمه، وقد كانت شخصيته محل احترام وتقدير زعامات القبائل والحواضر في الجزيرة، ما مكنه من بناء الدولة الموحدة، ومن كسب حاضنة شعبية كبيرة ومؤثرة، وذلك بعد مرحلة تهميش وشتات وصراعات، امتدت لألف عام، في الجزيرة العربية، وتحديداً منذ انتقال عاصمة الخلافة من المدينة في زمن الإمام علي بن أبي طالب.

رؤية الإمام محمد بن سعود قامت على الوحدة والتغيير والتطوير والتنمية، وقدمت لشكل جديد من الحكم في الجزيرة العربية ومحيطها، وقد كانت مستقلة تماماً في إدارتها لشؤونها المختلفة، واهتمت بتنمية ثرواتها الاقتصادية عن طريق الاستثمار في الزراعة والتجارة، وحرصت على أمنها الإقليمي، وساعدت جيرانها في ضبط أمورهم السيادية، وفي ذلك تقاطع واضح مع السياسة السعودية الحالية ورؤية 2030، ومع قيادة المملكة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، ويأتي يوم التأسيس بمثابة اعتزاز بالدولة وتاريخها، وتكريس للمنجز الوحدوي الذي تشارك السعوديون في صناعته.