منذ ثلاثة قرون كان التحدي الأكبر والإنجاز العظيم الذي بدأ بفكرة توحيد الجزيرة العربية وتبلورت هذه الفكرة لتتجسد بفعل حكمة رجل حكيم هو الإمام محمد بن سعود الذي انطلق بكل ما يمتلك من إيمان وعزيمة لتأسيس صرح دولة قوية تحمل لواء التوحيد.
في 22 فبراير من عام 1727م حمل الأمير محمد بن سعود، راية توحيد شبه الجزيرة العربية، لمواجهة الأعداء وتحقيق الأمن والاستقرار للقبائل، ورغم التحديات التي شهدتها تلك الحقبة، إلا أن الأمير تمكن من تحقيق طموح أهالي المنطقة، ليؤسس المملكة العربية السعودية، الدرعية عاصمة لها، وتقوم هذه الدولة على دعائم الدين الإسلامي الحنيف وعلى مبادئه وقيمه السمحة.
لماذا «اليوم بدينا»
سؤال جوابه يتعلق بمقومات الدولة التي تأسست على أرض عقد أهلها العزم أن يحيا هذا الوطن بكرامة وإباء وعنفوان، وسطر بدمائه بطولات حفظت في سجلات التاريخ.
لم نكن لنصل إلى هنا لو لم يبدأ التاريخ من هناك، من هناك «بدينا»، منذ ثلاثة قرون مضت بدأ تاريخ شعب أبي وقيادة حكيمة سطروا معا بطولات تجسدت في هذا الموروث الذي بين أيدينا جميعا ونحن نحيا في كنفه معززين مكرمين يحسب لنا العالم كله ألف حساب.
إن تاريخ المملكة المشرف الذي تجني ثماره أجيال وأجيال يعود الفضل فيه إلى أجدادنا الذين قدموا الغالي والنفيس لننعم بالخير في هذا البلد الأمين.
ومع إعلان المملكة عن الهوية البصرية ليوم التأسيس يوم 22 فبراير تحت شعار «يوم بدينا»، فقد اعتمدت في شعارها على إظهار أيقونة رجل يحمل راية ترسخ حجم العطاء الذي قدمه أبناء هذا الوطن من أجل رفع راية هذا البلد عاليا.
من لا تراث له لا تاريخ له
يوثق كل ركن من أركان المملكة العربية السعودية تاريخا عميقا تكشف عنه الهوية البصرية عبر التركيز على جوانب مهمة من تراثها تعكس التنوع الذي تحظى به هذه الدولة على رأسها حكاية الشعب بالتمر، الذي يرمز إلى الجود والرفعة، والرمز الثاني الذي يشكل عمق تاريخ المملكة يتعلق بالمجلس الذي يعبر عن مقدار التكامل الذي يجمع أبناء المجتمع على كلمة واحدة، أما الرمز الثالث فيتمثل في الخيل العربي الذي يحكي قصة وبطولات هذا الشعب التي رافقه فيها الخيل الذي جلب معه الخير، وأما الرمزالرابع فهو السوق الذي كان يعكس نبض المجتمع وشريان حياته وسبيل الانتعاش الاقتصادي.
إن يوم التأسيس هو مناسبة تحظى بأهمية كبيرة فهي تؤكد على رسالة مفادها أن تاريخ المملكة عامر بالتراث الذي يشكل شعبها بفضل وعيه جزءً من أرض شاء لها الخالق أن تكون عمقا وطنيا وعربيا.
رؤية 2030 اهتمام بتاريخ الأجداد.. الهوية البصرية تجسيد للرؤية
إن الدولة السعودية الأولى استطاعت بفضل نضال وصبر أجدادنا أن تحافظ على وحدة وأمن الجزيرة العربية، التي أرهقتها التوترات وعدم الاستقرار، بل تمكنت من مواجهة كل أنواع المكائد وقضت عليها بفضل حكمتهم وقوتهم وحسن بلائهم.
ولاشك أن ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان في رؤيته اهتمام كبير بأهمية الوقوف على تاريخنا باعتباره يمثل هويتنا، وإن إعلان يوم التأسيس هو تفعيل لهذه الرؤية المتكاملة التي توازن بين الحاضر والمستقبل والماضي.
وبهذا تمكنت المملكة العربية السعودية من فرض وجودها في العالم كله، لتسارع للمجد والعلياء، وتجذب انتباه الجميع، بل لتكون قلب كل عربي ينتمي إلى هذه الحضارة المشبعة بالتراث العربي الذي تشكل المملكة جزءً كبيرا منه.
*أمين عام المجلس الإسلامي العربي
محمد علي الحسيني sayidelhusseini@