-A +A
مي خالد
يبدو أن التصيد والتسلط والتنمر نتيجة حتمية للتواصل عبر الإنترنت، وإن كان التنمر في الواقع سابقا على التنمر عبر الإنترنت، لكن الملاحظ أن التنمر على الإنترنت أكثر، وقد انتقلت أدواته بتؤدة وثبات للواقع بسبب طغيان برامج الفيديو والصورة، أسبوعياً وإن لم يكن يومياً نشاهد حالة أو حالتين من حروب الكلام.

يأتي التنمر عبر الإنترنت من نفس المكان المظلم والمجنون الذي أتى منه التنمر في العالم الحقيقي، حيث الرغبة في ممارسة القوة ورفع المكانة الاجتماعية للمتنمر عن طريق التقليل من شأن الآخرين وإهانتهم، خاصةً إذا كان المتنمر يعتقد أن الشخص الآخر أضعف منه أو يمثل تهديداً عليه بطريقة ما.


ربما التنمر أسهل في الإنترنت بسبب عدم الكشف عن الهوية، وبسبب الانفتاح في الفضاء السيبراني، ذلك الانفتاح لم يؤدِ إلى استثمار مساحات الحرية إلا نادراً، لكنه أدى إلى تسمم الكلام وابتذال السلوك على الغالب. فبعيداً عن المبالغة الناس تقتل بعضها البعض معنوياً على الإنترنت. وهذا لا يتوقف على الأوساط والمساحات العربية، بل يشمل الجميع.

قليل من الأشخاص على الإنترنت يراعون مشاعر الآخرين، ويحافظون على التهذيب أثناء النقاش، وينتقون كلماتهم. قليل ممن يعون ثقل الكلمات على الروح.

هناك مناطق في الدماغ ترتبط باستخدام اللغة، وتهدف إلى التحكم الحسي بالجسم. هذا التحكم الذي تلعبه الكلمات مؤشر على توازن الجسم.

تقول الأبحاث إنك إذا كنت تعاني من الإساءة اللفظية لفترات طويلة، فهذا في الواقع يشوه عقلك، ويقلل من فعالية الأدوية الشائعة، ويبطئ التئام الجروح، ويمكن أن يؤدي إلى أمراض جسدية وعقلية.

وأنه إذا تعرضت لضغط اجتماعي في غضون ساعتين من تناولك الوجبة الغذائية فإن العلاقة بين اللغة وميزان الجسم يمكن أن تضيف 104 سعرات حرارية إلى وجبتك. وهذا يفسر حالات السمنة المفرطة في ضحايا سوء المعاملة.

لذا على الآباء أن يتقصوا مناطق التنمر التي يولج عبرها لأجهزة الأبناء.