-A +A
أريج الجهني
«الحب في الأرض بعض من تخلينا لو لم نجده عليها لاخترعناه»، هكذا يقول نزار قباني أو لعلها تنسب إليه. بكل حال فكرة اختراع الحب ليست بالجديدة، بل هي اختراع إنساني بحت وإن تشاركنا فيه مع بعض الكائنات الأخرى. بكل حال أمام رعب الحروب وأنهار الدماء التي غطت وجه العالم الذي لم يكد ينفك من كورونا حتى شاهدنا سيناريو الحرب العالمية الثالثة التي كانت تثار فكرتها على سبيل النكتة بعد أن ذاق الناس حلاوة السلام والرفاهية. ولا أظن أن أحداً اليوم مستعد للعودة لنقطة الصفر والعيش دون ماء وكهرباء ودون إنترنت!.

هل علينا إعادة هيبة الحب والسلام؟ لعله نعم، لكن كيف ننشد الحب ونحن داخل طوفان الفردانية والتوحد الفردي، وكيف يصور العديد سهولة التخلي عن الأحبة والعبث بمصائرهم. فلترة خطابات الحب المناط بها بالدرجة الأولى في السابق الشعراء، لكن اليوم خفت ضوؤهم، والكثير منهم باعوا نجوميتهم الحقيقية لحسابات التواصل الاجتماعي والفلاشات السامجة. الإنسان في العصر الحديث روحه مترهلة وإن صح جسده، وعقله مشتت مهما بلغ من العلم وكأننا داخل ممر سرابي لا تعلم بدايته من نهايته ولا شيء أجمل من الحب ليعيد لك توازنك ويدفعك لأن ترى الغاية من الوجود.


هل الحرب قادمة؟ هي بالفعل قائمة. ولا أحد في مأمن من جنون العالم والأحقاد الدفينة، بين حروب إعلامية وحروب بيولوجية وخسائر اقتصادية مدمرة يقف الإنسان البسيط مكتوف الأيدي ومكلوماً ولا شيء قد يستطيع فعله سوى أن يحب واقعه ويتعايش معه، أو يخترع لنفسه قصة يعيشها وتفاصيل يتذكرها. صناعة الذكريات أيضاً ليست بالسهلة فليس الكل يتقن الحب الإنساني غير المشروط والحب الثمين الذي لا تلوثه خيانة ولا تعكره غيرة.

سيكون من الجيد لو تم تضمين مهارات الحب والتعاطف في مناهجنا الدراسية وإشاعة جو أسري داخل الفصول، أطفالنا اليوم وبعد عامين من الانقطاع ليسوا بحاجة لشرب المعلومات المشاعة في أي متصفح لكنهم بحاجة لنهل الكثير من الحب والمزيد من الإنسانية والإحساس بالآخرين.

أخيراً، حينما تمتلئ روحك بالحب لن تجد وقتاً للغضب والعتاب، ولن تهدر وقتك في مجاملات ومناوشات طفولية. الحياة مليئة باللحظات الرائعة فلماذا تتبرمج بعض العقول على رؤية السيئ فقط؟ الكثير من الرحمة هو ما يحتاجه العالم اليوم. الاهتمام والاحترام والتقدير كافة هي وجوه متعددة للحب أيضاً اختر منها ما تشاء.