من المؤكد أن ما يميز خطاب المسؤول الرسمي في أي دولة هو تمتعه باللباقة والدبلوماسية، وذلك سواء كان هذا المسؤول سياسياً أو إعلامياً أو غير ذلك، والمسؤول في أي مجال يُحسب كلامه على المؤسسة المنتسب إليها طالما أنه لا يزال يشغل منصبه الرسمي، ومن المؤكد أن جميع الدول تعرف هذه الأعراف جيداً مهما سعت بطريقة أو بأخرى للتنصل منها، وفي الولايات المتحدة توجد العديد من المؤسسات السياسية المحسوبة على الدولة والمعبرة عن توجهاتها، مثل مجلس الشيوخ ومجلس النواب على سبيل المثال، ونواب هذين المجلسين يعبرون عن سياسة بلادهم الداخلية والخارجية، ومهما سعت الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض للتبرؤ من تصريحات هؤلاء المسؤولين فهي تظل تدور في فلك السياسة الأمريكية.
فاجأنا منذ عدة أيام السيناتور الأمريكي ليندسي غرام، الذي يعد من أشهر السياسيين الجمهوريين ومن أشد المقربين لقادة الحزب الجمهوري المناوئ للديمقراطيين، بإطلاق تصريح صارخ يطالب من خلاله بأن يقوم الروسيون بقتل زعيمهم، وهو التصريح الذي تسبب في جدال محتدم بين روسيا والولايات المتحدة، حيث وصفه الروس بافتقاده لأبسط معايير الدبلوماسية الدولية، مطالبين بالتوضيح والمساءلة، ورافضين هذا التصريح غير اللائق الذي صدر من أحد المنتمين للنخبة الممثلة للسياسة الأمريكية.
لقد نصّب السيناتور ليندسي غرام نفسه -خلال مواقف سابقة- حامي حمى الديمقراطية والمسؤول عن حماية حقوق الإنسان في العالم، وقد وجه فيما مضى انتقادات لاذعة للمملكة لا لشيء إلا لمجاراة توجهات حزبه وسياساته، وليس تعبيراً عن موقف حقيقي يعكس مبدأ أو يجسد فلسفة حقيقية، فهذا السيناتور تنبع جميع تصريحاته ومواقفه من موقف الولايات المتحدة السياسي، الذي يتسم دوماً بالانتهازية والازدواجية والاستغلال والمواقف المتميعة مع الحلفاء والأصدقاء على حد سواء.
من الصعوبة بمكان اعتبار هذه التصريحات الخطيرة للسيناتور الأمريكي بأنها تعكس رأيه الشخصي، ومن الملاحظ أن تصريحات السيناتور ليندسي تبدو في بعض الأحيان كما لو أنها قنابل موقوتة، تبحث عن سياسي حكومي تنفيذي في بلاده ليتلقفها، غير أن مواقف السيناتور -وأمثاله بطبيعة الحال- الذي طالما تشدق بالحريات ونصّب نصبه المدافع الأول عن حقوق الإنسان في الدول الأخرى، متدخلاً في شؤونها بشكل سافر وغير مقبول، لم يتمكن أبداً من الثبات على سياسة واحدة أو اتباع وتيرة متسقة مع بعضها البعض، فأمثال هذا الشخص يتراقصون على حبل السياسة حيثما تتفق أهواؤهم مع مصالح البيت الأبيض، والتصريح الذي أطلقه السيناتور في ظل اشتعال الحرب الأوكرانية الروسية ظهر متسقاً تماماً مع التوجهات العدائية المنحازة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ساورني الشك لفترة حول دور الولايات المتحدة في إشعال هذه الحرب، ليس كرهاً في أوكرانيا ولكن رغبة في تقليم أظافر روسيا وتشويه صورة رئيسها بوتين، وخاصة أنه تزامن مع تزايد واتساع روسيا ونهجها الدولي الذي تبنته خلال الفترة الأخيرة.
يحق لنا أن نتساءل ماذا لو صدر مثل التصريح الذي أدلى به السيناتور من أي سياسي في أي دولة تجاه رئيس الولايات المتحدة، ماذا سيكون رد فعل الولايات المتحدة وقتها؟ ألن تصبح تهمة الإرهاب جاهزة لوصمه بها هو ودولته وقياداتها؟ لقد عودتنا الولايات المتحدة على أن سياستها الوحيدة الثابتة على مدار التاريخ هي «يحل لنا ما نحرمه على غيرنا»، وقد خرج المتحدث باسم البيت الأبيض على استحياء عقب تصريح السيناتور غرام مدعياً أنه لا يؤيد تلك التصريحات، غير أن عدم التأييد الفاتر لم يكن أكثر من ذر للرماد في العيون، وللرد على الغضب الذي أبداه الروس تجاه هذا التصريح.
من الواضح للعيان أن الرئيس بوتين يمثل كابوساً جاثماً على صدر الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لنجاحاته العسكرية في مجال تطوير الأسلحة الاستراتيجية، ولقدرته على التوسع من خلال عقد التحالفات السياسية مع بعض دول العالم، ولا سيما بعد غياب شمس الاتحاد السوفييتي، بخلاف التقارب الملموس بين روسيا والصين الذي يؤرق رئيس الولايات المتحدة ودوائر قراره، فقد يعيد هذا التحالف فتح ملفات شائكة مثل قضية تايوان على سبيل المثال.
لا يسعنا سوى التأكيد على أن السياسة الأمريكية المعتمدة على الازدواجية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى باتت أمراً لا يمكن أن تحتمله أي دولة ذات سيادة، ومن المؤكد أن إعلان الولايات المتحدة عن دعمها التوجهات الإصلاحية لأي دولة في العالم فهذا يعني أن سياستها الفعلية ترغب العكس تماماً ولكن في الخفاء، ذلك أن أي إصلاح حقيقي لأي دولة يعني تحرر تلك الدولة من عباءة الهيمنة الأمريكية، ولذلك فإن أي دولة لها رغبة حقيقية في الإصلاح والتنمية ستُواجه بنقد لاذع، إن لم يكن على لسان متحدث البيت الأبيض فسيكون على لسان أحد النواب الأمريكيين، فإن لم يتمكنا من فعل ذلك أوعزا الأمر برمته لأحد مرتزقة الإعلام الأمريكي للقيام بهذه الأدوار الرخيصة، وذلك لتهيئة الشارع الأمريكي لتقبل أي سياسة أمريكية عدائية على المستوى السياسي مستقبلاً ضد هذه الدولة.
فاجأنا منذ عدة أيام السيناتور الأمريكي ليندسي غرام، الذي يعد من أشهر السياسيين الجمهوريين ومن أشد المقربين لقادة الحزب الجمهوري المناوئ للديمقراطيين، بإطلاق تصريح صارخ يطالب من خلاله بأن يقوم الروسيون بقتل زعيمهم، وهو التصريح الذي تسبب في جدال محتدم بين روسيا والولايات المتحدة، حيث وصفه الروس بافتقاده لأبسط معايير الدبلوماسية الدولية، مطالبين بالتوضيح والمساءلة، ورافضين هذا التصريح غير اللائق الذي صدر من أحد المنتمين للنخبة الممثلة للسياسة الأمريكية.
لقد نصّب السيناتور ليندسي غرام نفسه -خلال مواقف سابقة- حامي حمى الديمقراطية والمسؤول عن حماية حقوق الإنسان في العالم، وقد وجه فيما مضى انتقادات لاذعة للمملكة لا لشيء إلا لمجاراة توجهات حزبه وسياساته، وليس تعبيراً عن موقف حقيقي يعكس مبدأ أو يجسد فلسفة حقيقية، فهذا السيناتور تنبع جميع تصريحاته ومواقفه من موقف الولايات المتحدة السياسي، الذي يتسم دوماً بالانتهازية والازدواجية والاستغلال والمواقف المتميعة مع الحلفاء والأصدقاء على حد سواء.
من الصعوبة بمكان اعتبار هذه التصريحات الخطيرة للسيناتور الأمريكي بأنها تعكس رأيه الشخصي، ومن الملاحظ أن تصريحات السيناتور ليندسي تبدو في بعض الأحيان كما لو أنها قنابل موقوتة، تبحث عن سياسي حكومي تنفيذي في بلاده ليتلقفها، غير أن مواقف السيناتور -وأمثاله بطبيعة الحال- الذي طالما تشدق بالحريات ونصّب نصبه المدافع الأول عن حقوق الإنسان في الدول الأخرى، متدخلاً في شؤونها بشكل سافر وغير مقبول، لم يتمكن أبداً من الثبات على سياسة واحدة أو اتباع وتيرة متسقة مع بعضها البعض، فأمثال هذا الشخص يتراقصون على حبل السياسة حيثما تتفق أهواؤهم مع مصالح البيت الأبيض، والتصريح الذي أطلقه السيناتور في ظل اشتعال الحرب الأوكرانية الروسية ظهر متسقاً تماماً مع التوجهات العدائية المنحازة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ساورني الشك لفترة حول دور الولايات المتحدة في إشعال هذه الحرب، ليس كرهاً في أوكرانيا ولكن رغبة في تقليم أظافر روسيا وتشويه صورة رئيسها بوتين، وخاصة أنه تزامن مع تزايد واتساع روسيا ونهجها الدولي الذي تبنته خلال الفترة الأخيرة.
يحق لنا أن نتساءل ماذا لو صدر مثل التصريح الذي أدلى به السيناتور من أي سياسي في أي دولة تجاه رئيس الولايات المتحدة، ماذا سيكون رد فعل الولايات المتحدة وقتها؟ ألن تصبح تهمة الإرهاب جاهزة لوصمه بها هو ودولته وقياداتها؟ لقد عودتنا الولايات المتحدة على أن سياستها الوحيدة الثابتة على مدار التاريخ هي «يحل لنا ما نحرمه على غيرنا»، وقد خرج المتحدث باسم البيت الأبيض على استحياء عقب تصريح السيناتور غرام مدعياً أنه لا يؤيد تلك التصريحات، غير أن عدم التأييد الفاتر لم يكن أكثر من ذر للرماد في العيون، وللرد على الغضب الذي أبداه الروس تجاه هذا التصريح.
من الواضح للعيان أن الرئيس بوتين يمثل كابوساً جاثماً على صدر الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لنجاحاته العسكرية في مجال تطوير الأسلحة الاستراتيجية، ولقدرته على التوسع من خلال عقد التحالفات السياسية مع بعض دول العالم، ولا سيما بعد غياب شمس الاتحاد السوفييتي، بخلاف التقارب الملموس بين روسيا والصين الذي يؤرق رئيس الولايات المتحدة ودوائر قراره، فقد يعيد هذا التحالف فتح ملفات شائكة مثل قضية تايوان على سبيل المثال.
لا يسعنا سوى التأكيد على أن السياسة الأمريكية المعتمدة على الازدواجية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى باتت أمراً لا يمكن أن تحتمله أي دولة ذات سيادة، ومن المؤكد أن إعلان الولايات المتحدة عن دعمها التوجهات الإصلاحية لأي دولة في العالم فهذا يعني أن سياستها الفعلية ترغب العكس تماماً ولكن في الخفاء، ذلك أن أي إصلاح حقيقي لأي دولة يعني تحرر تلك الدولة من عباءة الهيمنة الأمريكية، ولذلك فإن أي دولة لها رغبة حقيقية في الإصلاح والتنمية ستُواجه بنقد لاذع، إن لم يكن على لسان متحدث البيت الأبيض فسيكون على لسان أحد النواب الأمريكيين، فإن لم يتمكنا من فعل ذلك أوعزا الأمر برمته لأحد مرتزقة الإعلام الأمريكي للقيام بهذه الأدوار الرخيصة، وذلك لتهيئة الشارع الأمريكي لتقبل أي سياسة أمريكية عدائية على المستوى السياسي مستقبلاً ضد هذه الدولة.