-A +A
حمود أبوطالب
أمام اليمنيين الآن فرصة ذهبية ربما يصعب تكرارها، تتمثل في المشاورات التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي في الرياض وتحظى بدعم عربي ودولي لإيجاد مخرج للأزمة اليمنية المتفاقمة التي يدفع ثمنها الباهظ الشعب اليمني. وقد كان متوقعاً عدم استجابة الحوثيين لدعوة مشاركتهم لأن قرارهم ليس بأيديهم، ولكن هذه ليست المشكلة الرئيسية الآن لأنهم بعدم مشاركتهم يؤكدون أنهم يرفضون أي حل سياسي وبالتالي تصبح المعادلة الصحيحة أن كل الأطراف والمكوّنات السياسية اليمنية الأخرى يجب أن تكون في طرف واحد وجبهة واحدة مقابل الطرف الحوثي الذي يصر على استمرار اشتعال الحرب وتجيير اليمن لصالح مشروع توسعي إيراني.

المشاركون في المشاورات يتحملون مسؤولية تأريخية أمام اليمن وشعبه، فالظروف التي تهيأت لهم هذه المرة والرعاية والاهتمام قد لا تتوفر في مرة قادمة بنفس المعطيات، الأحداث تتسارع في العالم والمفاجآت تتوالى، وقد تبرز ملفات ساخنة جديدة تجذب الاهتمام أكثر من الملف اليمني ما قد يؤدي إلى دخوله في نفق طويل بلا نهاية، وبالتالي فإن عامل الوقت في غاية الأهمية، وعلى المشاركين المسؤولين عن مصير اليمن في هذه المشاورات إدراك هذه الحقيقة، فلا مجلس التعاون ولا الدول العربية ولا الرعاة الأمميون والدوليون قادرون على إيجاد مخرج لليمن إذا لم يرد اليمنيون ذلك، الجميع يريدون المساعدة لكن اليمنيين وحدهم يملكون القرار.


لقد أضرت الخلافات والمماحكات داخل المكوّنات السياسية اليمنية المختلفة باليمن، وأتاحت الفرص للمليشيا الحوثية بالتمركز وبسط السيطرة وفرض الهيمنة، ليس بالضرورة لأنها مليشيا قوية لا يمكن هزيمتها ولكن لأن الأطراف التي تواجهها ليست على رأي واحد وموقف واحد، هذه الأطراف ارتكبت أخطاء فادحة عندما جعلت الأولوية لخلافاتها المزمنة مع بعضها البعض على حساب الخطر الأكبر الذي يريد التهام اليمن كاملاً. هذه الحقيقة هي أهم سبب في استقواء الحوثيين وفشل محاولات إنقاذ اليمن منهم.

لهذا نقول للإخوة الذين يتحملون مسؤولية مصير اليمن في هذا الظرف التأريخي الصعب، عليكم بترتيب أولوياتكم، وليس ثمة أولوية من أن تكونوا جبهة واحدة مخلصة مترابطة ضد المليشيا الحوثية، أي شأن آخر وأي ملف آخر لا يجب أن يتقدم الآن على هذه الأولوية، أنتم على محك التأريخ، والتأريخ لا ينسى ولا يرحم.