على الرغم من مشاعر الزهو والافتخار التي خالجتني على إثر التفاعل الأمريكي والغربي الكبير مع حلقة برنامج «استديو 22»، التي بثت في خواتيم الأسبوع الماضي، وتضمّنت مقطعًا تمثيليًا عن الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، حيث تداول هذا المقطع أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مستخدم على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وتباين الآراء حوله من العامة والمختصين في الشؤون السياسية؛ إلا أنّ هذا الشعور عكّرت صفوه طريقة التناول التي لم تخلُ من إسقاطات لا تتسق على الإطلاق مع طبيعة العمل المقدم، وطريقة التناول التي تم بها، والسياق الذي جاء فيه.
وقبل الخوض في هذه الإسقاطات ودوافعها، والمحركات التي عملت بها، لا بد من الإشادة بهذا العمل، الذي أدار بوصلة الاهتمام والانتباه لماهية الدراما التي تنتجها الكوادر السعودية، بما يؤكد قدرتها على تقديم مضمون له القدرة على التأثير، وتحريك المياه، ولفت الانتباه، بغض النّظر عن تباين الآراء حوله، فمظنة الاتفاق المطلق على أيّ عمل إبداعي تبقى في حكم المستحيل، طالما سلّمنا منطقًا وجدلا بحقيقة تباين الأذواق، وأحقية الاختلاف تبعًا لهذا التباين.
ومع تسليمي بهذه الحقيقة، لكنّني لم أستطع أبدًا أن أهضم أو أتقبّل محاولة الإسقاط التي مارسها بعض المحلّلين الغربيين ممن تناولوا هذا المقطع بالتحليل، على اعتباره موقفًا سياسيًّا للمملكة العربية السعودية، وبناء تصوّراتهم على هذه الفرضية، وربطها بمواقف أخرى لتعضد هذه الفرضية؛ متغافلين عن عمد وقصد أنّ المقطع المبثوث عمل درامي بحت، قام بتأليفه وأدائه أفراد، على قناة ليست رسمية، بما كان يتوجّب التعاطي معه من هذا الجانب، وتحليله فنّيًا من حيث تقييم السيناريو، والأداء التمثيلي، والشؤون التي تختص بعالم الدراما والتمثيل، بغض النّظر عمّا كان هذا المقطع يتطابق مع الموقف الرسمي للدولة، أو يتباين معه، فهو في حقيقته غير المتناطح عليها مجرد مقطع تمثيلي، تتصل المسؤولية المباشرة بمن ألّفه وأخرجه ومثّله وأنتجه، وهنا يكون مدار النقاش، ومركز البحث، لا في القفز واعتباره موقف الدولة، ورؤيتها، ففي هذه النظرة افتئات على الحقيقة، وتزوير للنظر السليم، بما يناقض أسس الديمقراطية المتجذرة في البيئة الأمريكية، بما كان واجبًا متعينًا عليها أن تصونها حقّ الصيانة، وتقبل بهذا المقطع على اعتباره عملا دراميًا محضًا، وتتعامل معه بمثل ما يتعامل العرب عامة، والسعوديون خاصة، مع كافة الأعمال الدرامية الأمريكية التي تتناول الشخصية السعودية والعربية بصور نمطية لا تخلو من ذراية ومفاهيم خاطئة، وتصوّرات مغلوطة، فلم يقل أحدٌ يومًا إن هذه الأعمال الدرامية هي الموقف الأمريكي الرسمي، أو النظرة المتفق عليها من الشعب الأمريكي قاطبة، وإنما نُظر إليها على اعتبارها أعمالا درامية لا يخرج أثرها عن حدود الشاشة التي عرضت فيها، ولا يتعدى تقييمها محيط النقد الفني ومترتباته المعروفة؛ هذه هي أصول اللعبة، التي كنّا نظنّ أنّ «الأمريكان» يجيدونها، ويفهمون أصولها، ويقبلون بوائقها، ولا يذهبون إلى هذا التعميم المخل على خلفية سخرية عابرة من «بايدن» و«كامالا»، والاستنكار على أفراد سعوديين حقّ السخرية عليهما كيفما اقتضت أصول الحرية ومنطلقات الديمقراطية!
إن طريقة هذا الإسقاط السياسي المخل الذي مورس تجاه مقطع «استديو 22» تكاد تجد لها شبيهًا في قضية التطرّف والإرهاب - مع الفارق طبعًا؛ حيث تم استغلال هذه القضية لرسم صورة نمطية معممة على كافة السعوديين والعرب والمسلمين، إلى غاية صك مصطلح «الإرهاب الإسلامي»، مع كامل علم ويقين ومعرفة الدوائر الغربية والأمريكية بالمرتكزات الإسلامية الحاضة على العدل والمساواة والأمن والسلام ومكارم الأخلاق، ولكن ظلّت تغضّ الطرف عن الكثرة الكاثرة من المسلمين، والتعاطي مع القلة المارقة التي لا تكاد تمثّل رقمًا يذكر، واعتبارها هي «الإسلام».. الشاهد أن هذا الخلط المفاهيمي المقصود يؤدي في النهاية إلى رسم وتشكيل صور نمطية، تعمل بدأب على تشكيل رأي عام ضاغط ومؤثر، لتحقيق غايات ومستهدفات سياسية معلومة، وهذا نهج أمريكي مفضوح ومكشوف النوايا.
من المهم أن يعي أهل الدراما في مملكتنا الحبيبة أنّهم قادرون على إنتاج أعمال مؤثرة، وقادرة على العبور والتأثير، وباستطاعتها أن تضع أهدافًا أبعد أفقًا، وأوسع نظرًا، بعيدًا عن المكرور من الأعمال الممجوجة، والاستسهال لدور الدراما في صنع الحدث، وتشكيل الصور العامة، وليس حلمًا بعيد المنال أن تكون لدينا مدينة إنتاج تماثل نظيراتها العالمية، لها أهدافها العامة، وإستراتيجياتها المنضبطة، ومخرجاتها الإبداعية ذات الأثر والتأثير المنظور، ولتكن لهم في رؤية المملكة 2030 القدوة والمثال، وهي تستشرف آفاقًا لا تعرف المستحيل، ولا تؤمن بالعجز.
وقبل الخوض في هذه الإسقاطات ودوافعها، والمحركات التي عملت بها، لا بد من الإشادة بهذا العمل، الذي أدار بوصلة الاهتمام والانتباه لماهية الدراما التي تنتجها الكوادر السعودية، بما يؤكد قدرتها على تقديم مضمون له القدرة على التأثير، وتحريك المياه، ولفت الانتباه، بغض النّظر عن تباين الآراء حوله، فمظنة الاتفاق المطلق على أيّ عمل إبداعي تبقى في حكم المستحيل، طالما سلّمنا منطقًا وجدلا بحقيقة تباين الأذواق، وأحقية الاختلاف تبعًا لهذا التباين.
ومع تسليمي بهذه الحقيقة، لكنّني لم أستطع أبدًا أن أهضم أو أتقبّل محاولة الإسقاط التي مارسها بعض المحلّلين الغربيين ممن تناولوا هذا المقطع بالتحليل، على اعتباره موقفًا سياسيًّا للمملكة العربية السعودية، وبناء تصوّراتهم على هذه الفرضية، وربطها بمواقف أخرى لتعضد هذه الفرضية؛ متغافلين عن عمد وقصد أنّ المقطع المبثوث عمل درامي بحت، قام بتأليفه وأدائه أفراد، على قناة ليست رسمية، بما كان يتوجّب التعاطي معه من هذا الجانب، وتحليله فنّيًا من حيث تقييم السيناريو، والأداء التمثيلي، والشؤون التي تختص بعالم الدراما والتمثيل، بغض النّظر عمّا كان هذا المقطع يتطابق مع الموقف الرسمي للدولة، أو يتباين معه، فهو في حقيقته غير المتناطح عليها مجرد مقطع تمثيلي، تتصل المسؤولية المباشرة بمن ألّفه وأخرجه ومثّله وأنتجه، وهنا يكون مدار النقاش، ومركز البحث، لا في القفز واعتباره موقف الدولة، ورؤيتها، ففي هذه النظرة افتئات على الحقيقة، وتزوير للنظر السليم، بما يناقض أسس الديمقراطية المتجذرة في البيئة الأمريكية، بما كان واجبًا متعينًا عليها أن تصونها حقّ الصيانة، وتقبل بهذا المقطع على اعتباره عملا دراميًا محضًا، وتتعامل معه بمثل ما يتعامل العرب عامة، والسعوديون خاصة، مع كافة الأعمال الدرامية الأمريكية التي تتناول الشخصية السعودية والعربية بصور نمطية لا تخلو من ذراية ومفاهيم خاطئة، وتصوّرات مغلوطة، فلم يقل أحدٌ يومًا إن هذه الأعمال الدرامية هي الموقف الأمريكي الرسمي، أو النظرة المتفق عليها من الشعب الأمريكي قاطبة، وإنما نُظر إليها على اعتبارها أعمالا درامية لا يخرج أثرها عن حدود الشاشة التي عرضت فيها، ولا يتعدى تقييمها محيط النقد الفني ومترتباته المعروفة؛ هذه هي أصول اللعبة، التي كنّا نظنّ أنّ «الأمريكان» يجيدونها، ويفهمون أصولها، ويقبلون بوائقها، ولا يذهبون إلى هذا التعميم المخل على خلفية سخرية عابرة من «بايدن» و«كامالا»، والاستنكار على أفراد سعوديين حقّ السخرية عليهما كيفما اقتضت أصول الحرية ومنطلقات الديمقراطية!
إن طريقة هذا الإسقاط السياسي المخل الذي مورس تجاه مقطع «استديو 22» تكاد تجد لها شبيهًا في قضية التطرّف والإرهاب - مع الفارق طبعًا؛ حيث تم استغلال هذه القضية لرسم صورة نمطية معممة على كافة السعوديين والعرب والمسلمين، إلى غاية صك مصطلح «الإرهاب الإسلامي»، مع كامل علم ويقين ومعرفة الدوائر الغربية والأمريكية بالمرتكزات الإسلامية الحاضة على العدل والمساواة والأمن والسلام ومكارم الأخلاق، ولكن ظلّت تغضّ الطرف عن الكثرة الكاثرة من المسلمين، والتعاطي مع القلة المارقة التي لا تكاد تمثّل رقمًا يذكر، واعتبارها هي «الإسلام».. الشاهد أن هذا الخلط المفاهيمي المقصود يؤدي في النهاية إلى رسم وتشكيل صور نمطية، تعمل بدأب على تشكيل رأي عام ضاغط ومؤثر، لتحقيق غايات ومستهدفات سياسية معلومة، وهذا نهج أمريكي مفضوح ومكشوف النوايا.
من المهم أن يعي أهل الدراما في مملكتنا الحبيبة أنّهم قادرون على إنتاج أعمال مؤثرة، وقادرة على العبور والتأثير، وباستطاعتها أن تضع أهدافًا أبعد أفقًا، وأوسع نظرًا، بعيدًا عن المكرور من الأعمال الممجوجة، والاستسهال لدور الدراما في صنع الحدث، وتشكيل الصور العامة، وليس حلمًا بعيد المنال أن تكون لدينا مدينة إنتاج تماثل نظيراتها العالمية، لها أهدافها العامة، وإستراتيجياتها المنضبطة، ومخرجاتها الإبداعية ذات الأثر والتأثير المنظور، ولتكن لهم في رؤية المملكة 2030 القدوة والمثال، وهي تستشرف آفاقًا لا تعرف المستحيل، ولا تؤمن بالعجز.