تشتعل المنافسة في الدور الثاني للانتخابات الفرنسية بين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ومرشح حزب الجمهورية إلى الأمام إيمانويل ماكرون. في سيناريو مكرر عن الانتخابات الماضية، بل إن وصول مرشح عن اليمين المتطرف إلى الدور الثاني تكرر أكثر من مرة على مدى العقدين الماضيين، ولعل أشهرها انتخابات العام 2002 عندما حل الرئيس اليميني الديغولي جاك شيراك في مواجهة مع والد لوبان، جان ماري. التخوف من وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم لا يقتصر على اختلاف منهجي في إدارة الدولة، ولكنه يعد بانقلاب على مبادئ الجمهورية وبديهيات العيش المشترك بين كافة الفرنسيين، والأكثر من ذلك يعد اليمين المتطرف بسياسة تمييزية ضد الأجانب ووعد بمحاربة الهجرة وترسيخ لخطاب الإسلاموفوبيا، إذا كانت هذه القضايا تثير الخوف في نفوس الفرنسيين من أصول أجنبية، فإن هناك قضايا أخرى تثير شرائح أخرى من المجتمع الفرنسي، لعل أهمها الميل اليميني التقليدي نحو أرباب العمل بالرغم من الخطاب الشعبوي الذي تتبناه لوبان، كما أن اعتبار الأجانب هم سبب البطالة وهم عامل في الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها فرنسا، يعد فهماً سطحياً يجعل لوبان عاجزة عن اجتراح خطة اقتصادية حقيقية تعالج جوانب النقص في الواقع الاقتصادي الحالي. والمشكلة أيضاً في توجهات السياسة الخارجية لدى حزب الجبهة الوطنية، فالجميع يتوقع سياسة أقل حدة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باعتبار أن هناك علاقات تربط لوبان بالجانب الروسي، كما أن لوبان دعت إلى عودة العلاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد، وهي قريبة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ولديها تفاهمات مع الأحزاب اليمينية الشعبوية. كل ذلك يمثل صدمة في العقل الجمعي الفرنسي التقليدي، لذلك انطلقت المظاهرات ضد وصول اليمين المتطرف إلى قصر الإليزيه.
في ذروة هذا الواقع الانتخابي، الذي ينعكس على المجتمع الفرنسي وتوجهاته ارتكب مسجد باريس خطيئة عندما دعا إلى انتخاب ماكرون والامتناع عن التصويت لصالح لوبان. بعيدا عن الخيار السياسي ومدى وجاهته فإن المؤسسة الدينية الإسلامية الأقدم والأشهر (مسجد باريس) قد أدخل نفسه في معترك سياسي يتنافى مع دوره وموقعه ووظيفته. مسجد باريس يفترض أن يكون المرجعية الفقهية والشعائرية والاجتماعية لمسلمي فرنسا، ويفترض أنه يعمل وفق القانون الفرنسي الذي يقوم على العلمانية أي الفصل ما بين الدين والدولة. من يواجه اليمين المتطرف يفترض أن ينطلق من منصة سياسية وليس منصة دينية، ينطلق من حزب وليس من مسجد، وإلا فإن المسجد يضع نفسه في مواجهة جزء من الشعب الفرنسي الذي سيصوت للوبان أيا كانت نسبته، أما بالنسبة للحزب فهذه مهمته. أضف إلى ذلك، من قال بأن هذه الدعوة سوف تحقق الهدف الذي تريده إدارة المسجد، بل إن دعوة المسجد تحول المنافسة الانتخابية إلى صراع ديني سوف يستغله اليمين المتطرف، فتأتي هذه الدعوة بنتائج عكسية. ثم ماذا لو رفض شخص من مسلمي فرنسا التصويت لماكرون واختار التصويت للوبان، هل سيعتبره القائمون على المسجد بأنه ارتكب إثماً، طالما أن المسجد مؤسسة دينية تحدد الحلال والحرام.
يبدو أن البعض لا يتعلم، على مدى قرن ونيف تم زج الدين في معارك سياسية فلم تكسب السياسة، وكانت النتائج كارثية على الدين الإسلامي وأتباعه. آن الأوان ليتعلم هؤلاء من تجارب العقود الماضية ويقرؤوا عبر التاريخ.
في ذروة هذا الواقع الانتخابي، الذي ينعكس على المجتمع الفرنسي وتوجهاته ارتكب مسجد باريس خطيئة عندما دعا إلى انتخاب ماكرون والامتناع عن التصويت لصالح لوبان. بعيدا عن الخيار السياسي ومدى وجاهته فإن المؤسسة الدينية الإسلامية الأقدم والأشهر (مسجد باريس) قد أدخل نفسه في معترك سياسي يتنافى مع دوره وموقعه ووظيفته. مسجد باريس يفترض أن يكون المرجعية الفقهية والشعائرية والاجتماعية لمسلمي فرنسا، ويفترض أنه يعمل وفق القانون الفرنسي الذي يقوم على العلمانية أي الفصل ما بين الدين والدولة. من يواجه اليمين المتطرف يفترض أن ينطلق من منصة سياسية وليس منصة دينية، ينطلق من حزب وليس من مسجد، وإلا فإن المسجد يضع نفسه في مواجهة جزء من الشعب الفرنسي الذي سيصوت للوبان أيا كانت نسبته، أما بالنسبة للحزب فهذه مهمته. أضف إلى ذلك، من قال بأن هذه الدعوة سوف تحقق الهدف الذي تريده إدارة المسجد، بل إن دعوة المسجد تحول المنافسة الانتخابية إلى صراع ديني سوف يستغله اليمين المتطرف، فتأتي هذه الدعوة بنتائج عكسية. ثم ماذا لو رفض شخص من مسلمي فرنسا التصويت لماكرون واختار التصويت للوبان، هل سيعتبره القائمون على المسجد بأنه ارتكب إثماً، طالما أن المسجد مؤسسة دينية تحدد الحلال والحرام.
يبدو أن البعض لا يتعلم، على مدى قرن ونيف تم زج الدين في معارك سياسية فلم تكسب السياسة، وكانت النتائج كارثية على الدين الإسلامي وأتباعه. آن الأوان ليتعلم هؤلاء من تجارب العقود الماضية ويقرؤوا عبر التاريخ.