-A +A
السيد محمد علي الحسيني

لاشك أن ما يعانيه المسلمون من انقسامات وتفرقة هو أمر ليس بجديد، بل حالة تحدث كحال كثير من أتباع الشرائع والأديان، إلا أن الإسلام دعا إلى الأخوة الإيمانية، وركز عليها واهتم بها وأعلى شأنها في كثير من المواضع والأمكنة، كما هو الحال بالنسبة للركن الخامس في الإسلام «الحج».. حيث يجتمع المسلمون في وقفة واحدة رغم تعددهم وتنوعهم مذهبيا ولغويا وعرقيا.. كما جمعهم في الأزمنة كليلة القدر، التي نزلت فيها سورة كاملة قطعية السند والدلالة على أنها خير من ألف شهر يستحب إحياؤها والدعاء والابتهال والصلاة والطاعة والعبادة فيها لتكون سببا في جمع المسلمين وعاملا على التقريب بين أتباع المذاهب ووحدة المسلمين في ليلة تعد النموذج الإلهي القادر على جمعنا في ليلة واحدة، لذلك من يقول إن الوحدة مستحيلة وصعبة، فعليه أن يتأمل في ليلة واحدة استطاعت أن تستقطب قلوب الناس ووجهتهم إلى هدف واحد وغاية واحدة، لذا هي ليلة يبدأ منها التغيير وتحقيق الوحدة التي يجب أن تعمم على كل الأزمنة.

ولذا ليلة القدر هي مناسبة لتفعيل مظاهر الوحدة ورص صف المسلمين، بل هي فرصة لبث الوعي والتأمل في القرآن الكريم الذي أنزل في ليلة القدر وهي خير من ألف شهر «إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر». فهي تحمل سلاما ورحمة وتسامحا، لذلك لايؤذن فيها لبث الضغائن والأحقاد والكراهية ومظاهر العنف وكل الصفات التي من شأنها أن تضرب نسيج الوحدة الإسلامية، فتواجد المسلمين بكل أطيافهم ومذاهبهم في بيوت الله لإحياء هذه الليلة المباركة هو مشهد مهيب يلزمنا جميعا الحفاظ عليه والاستمرار على خطه ونهجه، فهي ليلة يتوهج منها النور والهدى والخير للمؤمنين الصائمين الصابرين الذين وعدهم الله بمثوبة عظيمة من حرم خيرها كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم فقد حرم خيرها «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم».

*أمين عام المجلس الإسلامي العربي