تدور الدنيا أو لا تدور! وهل كما تدين تدان؟
كان لي استفتاء على منصة تويتر سألت فيه آلافاً من المتابعين بهل ينتصر المظلوم في هذه الحياة؟ وكانت النتيجة مؤلمة وصادمة لي حيث صوت 68% من المشاركين بلا وأن الظلم ينتصر في هذه الدنيا!
أغلب القصص والحكايات الشعبية التي تربينا عليها وحكتها لي ابنة خالتي جواهر من كتب كليلة ودمنة وحكايات التراث كان ينتصر فيها المظلوم! قصص كنا نحاول أن نلتقط منها دروساً تسندنا في مشوارنا الطويل والصراع الأزلي بين العدل والظلم، وعادة ما كان ينتصر فيها المظلوم ويفرض الحق ويسود الخير.
ذلك لا يحدث إلا في القصص المتخيلة، التي تعكس تطلع مختلف الثقافات البشرية إلى العدل، بينما الواقع يتسم بأمر آخر وهو استمرار الغبن والظلم والاعتداء في حياة البشر.
إن هذه الملاحظة تبدو بارزة وبديهية في تراث الحكمة الإنسانية، كما تعبر عنها الآداب، وفي ثقافتنا الأدبية منها الكثير، وكفانا بيت المتنبي الشهير:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفة فلعلة لا يظلم
إلا ان السؤال الأساسي الذي أحاول أن أطرحه هنا له جانبان: واحد منهما نظري والآخر عملي، فالنظري يسجل أسباب طغيان الظلم على العدل رغم كون الديانات والأخلاق والقيم تبشر بالخير وترفض الشر وتحرمه، أما الثاني العملي فيتعلق بالإمكانات والفرص التي توفرها بعض نظم العدالة البشرية للمظلوم في هذه الأرض والدنيا قبل تحقق عدالة السماء الإلهية التي لا شك فيها.
بخصوص الجانب النظري، نلاحظ أن عموم الفلسفات حاولت شرح هذه المفارقة المتمثلة في إيمان الإنسان القوي بالخير والعدل وانقياده في الوقت نفسه للظلم والعسف.
عندما نتأمل جيدا الذكر الحكيم، نرى أن الأمم التي بعث لها رسل الله رفضت غالباً الامتثال للحق والعدل، «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين».
بل إن الدرس الذي نستشفه من القرآن الكريم هو أن العدالة الإلهية تدخلت دوماً لإحقاق الحق في نهاية المطاف بعد يأس الرسل واستفحال الظلم، وهي حالة تغيرت مع رسالة الإسلام التي اعتبر محمد إقبال أنها تكرس رشد الإنسانية وحريتها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها التاريخية في إقامة العدل والحق.
هل يكون إذن استمرار الظلم هو الثمن الذي يدفعه الإنسان لتمتعه بحريته؟ وهل تؤول الحرية دوماً إلى الاعتداء على حقوق الآخرين؟
الواقع كما لم تقله لي جواهر هو أن الإنسان ليس معزولاً في صراعه مع الظلم، فله سندان هامان هما العدالة الإلهية أفق أقصى لكنه طريق للطمأنينة ومسلك للصبر والتحمل، والعدالة القضائية التي هي التعبير عن الإرادة البشرية المنظمة في محاربة الظلم.
ليس من غرضي الرجوع إلى النقاشات الدينية حول القدر وطبيعة الشر، فلا أحد من المسلمين يشكك في القدر الكوني وخيريته ولا خلاف حول ربط الشر بإرادة الإنسان وأفعاله، ما دام ليس في الإسلام قول بالخطيئة الأصلية.
ومن هنا تركيزنا على الطابع الإنساني الاجتماعي للظلم، وضرورة البحث له عن علاج من داخل المؤسسات البشرية الدنيوية.
ما يميز العصور الحديثة هو إدراك هذه الحقيقة التي يترتب عليها تحميل الأجهزة العمومية تحقيق العدل في مواجهة الظلم الإنساني خاصة في مجتمعات ذكورية مثل مجتمعاتنا قل ما تنتصر للنساء.
الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز انطلق من معادلة يلخصها في عبارة أن «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان».
وأختم هنا لهم من يراقبون من بعد، بأن الدولة كاملة السيادة تتحمل مسؤولية التعايش السلمي وإحقاق العدل والإنصاف بين البشر فيها وخاصة في دور المحاكم والقائمين عليها لنسف ما ينسجه محامي الشيطان. مؤسسات العدالة إذن في الدولة الحديثة هي الضمانة الحقيقية لمواجهة الظلم، وأن كانت بالضرورة ناقصة وقاصرة من منظور العدل المطلق الذي لا يتصور ولا ينتظر في عالم البشر.
كان لي استفتاء على منصة تويتر سألت فيه آلافاً من المتابعين بهل ينتصر المظلوم في هذه الحياة؟ وكانت النتيجة مؤلمة وصادمة لي حيث صوت 68% من المشاركين بلا وأن الظلم ينتصر في هذه الدنيا!
أغلب القصص والحكايات الشعبية التي تربينا عليها وحكتها لي ابنة خالتي جواهر من كتب كليلة ودمنة وحكايات التراث كان ينتصر فيها المظلوم! قصص كنا نحاول أن نلتقط منها دروساً تسندنا في مشوارنا الطويل والصراع الأزلي بين العدل والظلم، وعادة ما كان ينتصر فيها المظلوم ويفرض الحق ويسود الخير.
ذلك لا يحدث إلا في القصص المتخيلة، التي تعكس تطلع مختلف الثقافات البشرية إلى العدل، بينما الواقع يتسم بأمر آخر وهو استمرار الغبن والظلم والاعتداء في حياة البشر.
إن هذه الملاحظة تبدو بارزة وبديهية في تراث الحكمة الإنسانية، كما تعبر عنها الآداب، وفي ثقافتنا الأدبية منها الكثير، وكفانا بيت المتنبي الشهير:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفة فلعلة لا يظلم
إلا ان السؤال الأساسي الذي أحاول أن أطرحه هنا له جانبان: واحد منهما نظري والآخر عملي، فالنظري يسجل أسباب طغيان الظلم على العدل رغم كون الديانات والأخلاق والقيم تبشر بالخير وترفض الشر وتحرمه، أما الثاني العملي فيتعلق بالإمكانات والفرص التي توفرها بعض نظم العدالة البشرية للمظلوم في هذه الأرض والدنيا قبل تحقق عدالة السماء الإلهية التي لا شك فيها.
بخصوص الجانب النظري، نلاحظ أن عموم الفلسفات حاولت شرح هذه المفارقة المتمثلة في إيمان الإنسان القوي بالخير والعدل وانقياده في الوقت نفسه للظلم والعسف.
عندما نتأمل جيدا الذكر الحكيم، نرى أن الأمم التي بعث لها رسل الله رفضت غالباً الامتثال للحق والعدل، «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين».
بل إن الدرس الذي نستشفه من القرآن الكريم هو أن العدالة الإلهية تدخلت دوماً لإحقاق الحق في نهاية المطاف بعد يأس الرسل واستفحال الظلم، وهي حالة تغيرت مع رسالة الإسلام التي اعتبر محمد إقبال أنها تكرس رشد الإنسانية وحريتها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها التاريخية في إقامة العدل والحق.
هل يكون إذن استمرار الظلم هو الثمن الذي يدفعه الإنسان لتمتعه بحريته؟ وهل تؤول الحرية دوماً إلى الاعتداء على حقوق الآخرين؟
الواقع كما لم تقله لي جواهر هو أن الإنسان ليس معزولاً في صراعه مع الظلم، فله سندان هامان هما العدالة الإلهية أفق أقصى لكنه طريق للطمأنينة ومسلك للصبر والتحمل، والعدالة القضائية التي هي التعبير عن الإرادة البشرية المنظمة في محاربة الظلم.
ليس من غرضي الرجوع إلى النقاشات الدينية حول القدر وطبيعة الشر، فلا أحد من المسلمين يشكك في القدر الكوني وخيريته ولا خلاف حول ربط الشر بإرادة الإنسان وأفعاله، ما دام ليس في الإسلام قول بالخطيئة الأصلية.
ومن هنا تركيزنا على الطابع الإنساني الاجتماعي للظلم، وضرورة البحث له عن علاج من داخل المؤسسات البشرية الدنيوية.
ما يميز العصور الحديثة هو إدراك هذه الحقيقة التي يترتب عليها تحميل الأجهزة العمومية تحقيق العدل في مواجهة الظلم الإنساني خاصة في مجتمعات ذكورية مثل مجتمعاتنا قل ما تنتصر للنساء.
الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز انطلق من معادلة يلخصها في عبارة أن «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان».
وأختم هنا لهم من يراقبون من بعد، بأن الدولة كاملة السيادة تتحمل مسؤولية التعايش السلمي وإحقاق العدل والإنصاف بين البشر فيها وخاصة في دور المحاكم والقائمين عليها لنسف ما ينسجه محامي الشيطان. مؤسسات العدالة إذن في الدولة الحديثة هي الضمانة الحقيقية لمواجهة الظلم، وأن كانت بالضرورة ناقصة وقاصرة من منظور العدل المطلق الذي لا يتصور ولا ينتظر في عالم البشر.