لا معدى عن القول بداية، بأن كل ما يدور حول اللجنة الدستورية السورية وعملها قد أصبح مسألة ثانوية على المحفل الدولي بالنظر إلى التطورات الحالية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا. على الرغم من ذلك فإنه من الضرورة بمكان وضع بعض الأمور في نصابها قبل اجتماع اللجنة القادم، والمزمع عقده في نهاية الشهر الحالي (مايو/أيار 2022). فاللجنة الدستورية وبقرار تأسيسها هي لجنة إصلاح دستوري تملك صلاحية العمل التقني القانوني، إما بالعمل على اقتراح تعديلات على دستور 2012 النافذ في سورية، أو بالعمل على إعداد دستور جديد للبلاد. هذه المهمة بحد ذاتها تحمل بذور إشكاليات قانونية ترتبط بدستور 2012 وطريقة إعداده من جهة، والآليات المرتبطة بإمكانية تعديله أو استبداله بشكل كامل من جهة أخرى.
فدستور 2012 يحمل إشكالية كبيرة مرتبطة بالطريقة التي تم فيها إعداده. إذ إن اللجنة التي عملت على صياغة الدستور قد تم تشكيلها وتكليفها بمهمتها بقرار من رئيس الجمهورية. من وجهة نظر الفقه الدستوري فإن رئيس الجمهورية هو سلطة مؤَسَّسة تعمل على أساس الدستور، والذي هو دستور عام 1971. أما أن يقرر رئيس الجمهورية أنه من الواجب صياغة دستور جديد للبلاد ويشكّل لجنة لهذا الغرض، فهذا يعني بأنه تصرف كسلطة مؤَسِّسة تعلو على الدستور وتملك بهذه الصفة الحق بإعطاء القرار للبدء بعملية إعداد دستور جديد. علاوة على ذلك فإنه لا يوجد أي نص في دستور عام 1971 يخوّل رئيس الجمهورية القيام بهذه المهمة. إضافة إلى أنه لا يوجد أي نص أصلاً في دستور 1971 يعالج مسألة إنهائه أو استبداله بدستور آخر، كما نصت المادة 146 من القانون الأساسي الألماني على سبيل المثال. ما نص عليه دستور 1971 في المادة 149 حصراً، هي قواعد لتعديل أحكامه.
من الملاحظ كذلك بأن التصويت لم يتم على إلغاء دستور 1971، وإنما على قبول دستور 2012 أو عدمه، ناهيك عن أن دستور 2012 لا يحتوي على أية مادة تلغي دستور 1971. كما أن دستور 2012 كذلك لا يحتوي على أي نص يعالج استبداله أو إنهاء العمل بأحكامه، وإنما نص فقط في مادته 150 على قواعد لتعديل أحكامه. من هنا تأتي أيضاً إشكالية أخرى لعمل اللجنة الدستورية في جينيف. فإذا قامت اللجنة بصياغة تعديلات لدستور 2012، فإنه من الناحية المنطقية لا يمكن تعديل الدستور إلا بالطريقة المنصوص عنها لتعديله. أما إذا قررت اللجنة صياغة دستور جديد، فهل ستقرر إلغاء دستور 2012، مع التنويه إلى أن دستور 2012 لا يحتوي على قواعد تعالج هذه المسألة. إذاً، فإن وضع ما يصدر عن اللجنة الدستورية موضع التنفيذ، سواء كان تعديلاً لدستور 2012 أو وثيقة دستورية جديدة، لا يمكن فصله عن الوضع الدستوري القائم حالياً في سورية بأي شكل من الأشكال. عليه وبلغة سياسية، فإنه لا يمكن فصل تنفيذ ما يصدر عن اللجنة الدستورية عن إرادة السلطة السياسية الحاكمة في سورية.
من هذا المنطلق، فإن هذه النقاط الإشكالية في صلب مهمة اللجنة الدستورية تقودنا إلى الأساس الذي انطلقت منه فكرة اللجنة الدستورية، الذي يتمثل في صعوبة التوافق أو حتى التفاوض على حل سياسي بين الحكومة السورية، أو ما يسمى مجازاً بالنظام السوري، وقوى المعارضة السورية. هنا يجب الاعتراف بأن السياسة الدولية في مضمار حل الأزمات الداخلية في بلاد كثيرة، العراق ولبنان على سبيل المثال، اتجهت وتتجه عموماً إلى تحفيز العمل التقني الدستوري والقانوني عله يساهم في تقريب وجهات النظر في المسائل السياسية المختلف عليها. حتى أن علم القانون الدستوري في أوروبا قد تبنى هذا المنحى بشكل ظاهر في السنوات الأخيرة. لكن النتائج العملية أظهرت وتظهر أن الحلول التقنية لا يمكن أن تقوم مقام الحلول السياسية الشاملة. وسورية بحاجة إلى حل سياسي شامل، لا يمكن لأية وثيقة دستورية أن تقوم مقامه. والأمل أن تقوم اللجنة الدستورية بتغيير طريقة عملها من الجدال حول معنى وصياغة القواعد الدستورية، إلى البحث عن مبادئ توافقية وخطوط عريضة لسياسة دستورية توافقية عامة.
فدستور 2012 يحمل إشكالية كبيرة مرتبطة بالطريقة التي تم فيها إعداده. إذ إن اللجنة التي عملت على صياغة الدستور قد تم تشكيلها وتكليفها بمهمتها بقرار من رئيس الجمهورية. من وجهة نظر الفقه الدستوري فإن رئيس الجمهورية هو سلطة مؤَسَّسة تعمل على أساس الدستور، والذي هو دستور عام 1971. أما أن يقرر رئيس الجمهورية أنه من الواجب صياغة دستور جديد للبلاد ويشكّل لجنة لهذا الغرض، فهذا يعني بأنه تصرف كسلطة مؤَسِّسة تعلو على الدستور وتملك بهذه الصفة الحق بإعطاء القرار للبدء بعملية إعداد دستور جديد. علاوة على ذلك فإنه لا يوجد أي نص في دستور عام 1971 يخوّل رئيس الجمهورية القيام بهذه المهمة. إضافة إلى أنه لا يوجد أي نص أصلاً في دستور 1971 يعالج مسألة إنهائه أو استبداله بدستور آخر، كما نصت المادة 146 من القانون الأساسي الألماني على سبيل المثال. ما نص عليه دستور 1971 في المادة 149 حصراً، هي قواعد لتعديل أحكامه.
من الملاحظ كذلك بأن التصويت لم يتم على إلغاء دستور 1971، وإنما على قبول دستور 2012 أو عدمه، ناهيك عن أن دستور 2012 لا يحتوي على أية مادة تلغي دستور 1971. كما أن دستور 2012 كذلك لا يحتوي على أي نص يعالج استبداله أو إنهاء العمل بأحكامه، وإنما نص فقط في مادته 150 على قواعد لتعديل أحكامه. من هنا تأتي أيضاً إشكالية أخرى لعمل اللجنة الدستورية في جينيف. فإذا قامت اللجنة بصياغة تعديلات لدستور 2012، فإنه من الناحية المنطقية لا يمكن تعديل الدستور إلا بالطريقة المنصوص عنها لتعديله. أما إذا قررت اللجنة صياغة دستور جديد، فهل ستقرر إلغاء دستور 2012، مع التنويه إلى أن دستور 2012 لا يحتوي على قواعد تعالج هذه المسألة. إذاً، فإن وضع ما يصدر عن اللجنة الدستورية موضع التنفيذ، سواء كان تعديلاً لدستور 2012 أو وثيقة دستورية جديدة، لا يمكن فصله عن الوضع الدستوري القائم حالياً في سورية بأي شكل من الأشكال. عليه وبلغة سياسية، فإنه لا يمكن فصل تنفيذ ما يصدر عن اللجنة الدستورية عن إرادة السلطة السياسية الحاكمة في سورية.
من هذا المنطلق، فإن هذه النقاط الإشكالية في صلب مهمة اللجنة الدستورية تقودنا إلى الأساس الذي انطلقت منه فكرة اللجنة الدستورية، الذي يتمثل في صعوبة التوافق أو حتى التفاوض على حل سياسي بين الحكومة السورية، أو ما يسمى مجازاً بالنظام السوري، وقوى المعارضة السورية. هنا يجب الاعتراف بأن السياسة الدولية في مضمار حل الأزمات الداخلية في بلاد كثيرة، العراق ولبنان على سبيل المثال، اتجهت وتتجه عموماً إلى تحفيز العمل التقني الدستوري والقانوني عله يساهم في تقريب وجهات النظر في المسائل السياسية المختلف عليها. حتى أن علم القانون الدستوري في أوروبا قد تبنى هذا المنحى بشكل ظاهر في السنوات الأخيرة. لكن النتائج العملية أظهرت وتظهر أن الحلول التقنية لا يمكن أن تقوم مقام الحلول السياسية الشاملة. وسورية بحاجة إلى حل سياسي شامل، لا يمكن لأية وثيقة دستورية أن تقوم مقامه. والأمل أن تقوم اللجنة الدستورية بتغيير طريقة عملها من الجدال حول معنى وصياغة القواعد الدستورية، إلى البحث عن مبادئ توافقية وخطوط عريضة لسياسة دستورية توافقية عامة.